دبلوماسية العنب.. هل تفك حلاوة الطعم مرارة العزلة بأفغانستان؟
في مذاقه حلاوةٌ، وفي ثماره صحةٌ، وفي حصاده انفتاحٌ على عالم خارجي.. إنه العنب، وأي عنب، هذا الذي في حاضرة أفغانستان.
ففي وقت لا تزال فيه الجسور مقطوعة بين أفغانستان والعالم الخارجي، بعد سيطرة حركة "طالبان" على الحكم في أغسطس/آب 2021، بدا أول الغيث من حقول العنب يتهاطل فيبعث عناقيد أمل في غد مشرق.
ولأول مرة منذ عودة "طالبان" للسلطة بعد عشرين عاما، تم تصدير أول شحنة من العنب الأفغاني إلى روسيا، عبر ميناء حيراتان البري، في ولاية بلخ، شمالي البلاد.
وفيما وصفته بأنه "إنجاز"، قالت وسائل إعلام أفغانية إن الدفعة الأولى من العنب بدأت رحلتها في شاحنات مبردة إلى روسيا.
ونقلت عن رئيس الغرفة التجارية والاستثمارية لولاية بلخ، أنه تم نقل 2000 كرتونة من العنب الطازج.
وميناء حيراتان متصل بالسكك الحديدية إلى أوزبكستان. حيث من هناك سيتم نقل العنب إلى وجهته النهائية لروسيا.
مسارٌ جريء لا يُظهر الترابط بين الدول فحسب، بل أيضا العزم على الحفاظ على علاقات تجارية قوية، رغم العوائق الجغرافية والسياسية المختلفة.
ورغم الانفتاح المتوقف على العالم الخارجي، فإن الأشهر القليلة الماضية، شهدت زيادة ملحوظة في كمية البضائع التي يتم تصديرها من أفغانستان إلى البلدان المجاورة لها، في حركة تأمل فيها البلاد التي مزقتها الحرب، من تجاوز السنوات العجاف.
ويُعد العنب من المحاصيل الرئيسية التي يعتمد عليها المزارعون في أفغانستان، لكنهم دائما ما كانوا يعانون من بيع إنتاجهم من هذه الفاكهة، إذ لم تعد الأسواق المحلية كافية لتسويقها، الأمر الذي كان يدفعهم إلى تخزين هذه الفاكهة كحل مؤقت لتحويلها إلى زبيب.
لكن حتى هذا الخيار، شكّل عبئا على المزارعين، لأن إنتاج أفغانستان من الزبيب يُقدر بنحو 80 طنا سنويا، في حين أن حاجة البلاد لا تزيد عن 20 طنا منه.
وعلى مدى العامين الماضيين فرضت طالبان تفسيرها المتشدد للإسلام، وضاعفت الإجراءات ضد النساء، الأمر الذي شكّل حجر عثرة في المفاوضات بشأن اعتراف المجتمع الدولي بها والمساعدات التي يمكن أن يقدمها لهذا البلد.
صناعة العنب
نظرا لكونها منطقة تتميز بتربة غنية ومناخ مناسب وسكان مزارعين، فإن أفغانستان لديها منتجات زراعية ذات مستوى عالمي، بما في ذلك عنبها.
إذ يشكل العنب، العمود الفقري البنيوي للاقتصاد المحلي ، ويوفر شريان الحياة للعديد من العائلات.
كما تؤدي هذه الفاكهة أيضا دورا حيويا في الحياة الثقافية للمجتمع الأفغاني ، مما يعزز سمعتهم في الضيافة، من خلال تقديم هذه الثمار اللذيذة للضيوف بل وللزعماء، وهو ما ظهر خلال زيارة المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل في زيارتها عام 2010, والتي تناولت خلالها العنب الأفغاني.
ومن خلال تصدير هذه الفاكهة على مستوى العالم، يقول خبراء، إن أفغانستان لا تعزز نسيجها الاقتصادي فحسب ، بل تشترك أيضا في جزء من تراثها الثقافي الغني مع العالم.
ويرى مراقبون أن شحن العنب الأفغاني إلى روسيا، يعطي بصيص أمل في أنه على الرغم من الاضطرابات التي تعيشها البلاد، يمكن أن تتعافى علاقاتها مع المجتمع الدولي.