كابوس اقتصادي في بيلاروسيا.. انهيار عملة وهروب شركات
الروبل البيلاروسي خسر أكثر من 10% من قيمته في شهر واحد مقابل العملات الأوروبية والأمريكية بسبب حالة عدم اليقين التي سببتها الاحتجاجات
تلقى اقتصاد بيلاروس الهش في الأساس ضربة قوية بعد 3 أسابيع من حركة الاحتجاجات غير المسبوقة ضد الرئيس ألكسندر لوكاشنكو، وبدأت العملة الوطنية تنهار واليورو والدولار أصبحا نادرين والشركات الرائدة في مجال التكنولوجيا الحديثة تهدد بالمغادرة.
في المصارف ومكاتب الصرافة، يسعى السكان لشراء العملات الأجنبية في محاولة لحماية مدخراتهم في مواجهة انهيار الروبل البيلاروسي.
وقال أحد زبائن "بنك بييلوروسي" أكبر مصرف في البلاد، طالبا عدم الكشف عن اسمه "ليس هناك نقد أجنبي في المصارف والموظفون يقولون لنا انتظروا قد يجلب أحد الزبائن" القليل من الأموال.
في قاعة الانتظار، ينتظر عشرة زبائن مجيء أي زبون لإيداع أموال أجنبية أو شراء الروبل البيلاروسي.
وسجّلت العملة الوطنية تراجعا قياسيا، فقد خسرت أكثر من 10% من قيمتها في شهر واحد مقابل العملات الأوروبية والأمريكية بسبب حالة عدم اليقين التي سببتها حركة الاحتجاج والمخاوف من أن تؤدي المظاهرات إلى أزمة اقتصادية.
وعلى مدى عام بلغت نسبة تراجع العملة 26% مقابل الدولار و33% مقابل اليورو.
"أوغاد"
في الأيام الأخيرة، أطلقت العديد من قنوات تطبيق تلجرام التي تتابعها المعارضة دعوات إلى شراء العملات من أجل زعزعة استقرار العملة وبالتالي السلطة.
وتهدف دعوات أخرى إلى مقاطعة مؤسسات الدولة التي تشكل عماد نظام ألكسندر لوكاشنكو، لمصلحة الشركات الخاصة.
وكان رد فعل الرئيس التنديد بـ"الأوغاد" الذين "يدعون إلى زعزعة استقرار السوق المالية".
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (بلتا) عن الرئيس قوله "لن نسمح بانهيار العملة الوطنية".
ورأى المحلل المستقل ألكسندر فاسيليف أن التخلص من الروبل هو "مؤشر احتجاج"، لكنه يشير أيضا إلى أن حجم عمليات سحب الأموال ليس كافيا "للتأثير بشكل كبير على سعر الصرف".
لكن الاستياء وصل أيضا إلى القطاع الرقمي الأساسي في بيلاروس والمهدد بالانهيار بعدما أضعفه القطع المتكرر للإنترنت منذ انتخابات التاسع من أغسطس/آب، لأن السلطة ترى في الوسائط الرقمية إحدى الوسائل التي تستعمل في الانتفاضة ضد لوكاشنكو.
منذ 12 أغسطس/آب، وقّعت نحو ألفي جهة فاعلة من شركات تكنولوجيا المعلومات في البلاد رسالة عامة تدعو إلى إجراء انتخابات جديدة ووقف عنف الشرطة مهددة بمغادرة البلاد.
مكاتب مغلقة
بعدما فتشت الشرطة مكاتبها، أغلقت شركة "يانديكس" الروسية العملاقة مكاتبها في مينسك وأدخلت تقنية العمل عن بعد لجميع موظفيها البالغ عددهم 300 موظف. وأكدت مصادر أن المجموعة بدأت إجلاء موظفين في الخارج إلا أن الشركة لم تؤكد هذه المعلومات.
وأعلن تطبيق "فايبر" على تويتر أنه أغلق مكتبه في مينسك مؤقتا الأسبوع الماضي بسبب "مخاوف أمنية على فريقنا" و"مشكلات الإنترنت"، مضيفا أنه سيعود ويفتحها اعتبارا من الأربعاء.
كما أن الأزمة السياسية الناجمة عن إعادة انتخاب لوكاشنكو على خلفية الاشتباه في حدوث تزوير واسع النطاق، تؤثر أيضا على الاقتصاد التقليدي الذي يسود فيه منطق تدخل الدولة الموروث من الحقبة السوفيتية.
وفي الوقت نفسه باتت روسيا تمنح مبالغ أقل إلى شقيقتها الصغرى بيلاروس.
فيتش تحذر
حذّر محللون من شركة "فيتش" في مذكرة الأسبوع الماضي من أن "الإضرابات في القطاعات الرئيسية قد تزيد من تآكل آفاق النمو التي أضعفت بالفعل هذا العام بسبب اضطرابات إمدادات النفط والوباء".
وهم يقدرون أن إجمالي الناتج الداخلي سيسجل انكماشا بنسبة 5 في المئة في 2020.
ونفذت إضرابات في المصانع الكبرى في هذه الدولة ما أقلق السلطات في بداية التحركات، إلا أنها تراجعت في الأيام الأخيرة تحت تهديد تسريح العمال وسجن قادة الإضراب.
"كابوس"
ندد الرئيس الحالي لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا رئيس الوزراء الألباني إيدي راما الجمعة في فيينا بالوضع "المقلق للغاية" في بيلاروس، وحض مينسك على السماح له بالقيام بوساطة.
وقال راما في افتتاح اجتماع خاص للمجلس الدائم لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا بشأن الوضع في بيلاروس إن حكومة مينسك وعقب الانتخابات "ردت على الاحتجاجات باستخدام غير متناسب للقوة واعتقالات واسعة النطاق وفرض قيود على حرية الإعلام".
وأضاف راما "اعتقل أكثر من 100 صحفي أو تم ترحيلهم أو تعرضوا للعنف، إنه أمر مقلق جدا وكذلك الخسائر في الأرواح وتقارير الأشخاص المفقودين، إنه كابوس محتمل لبيلاروس وشعبها".
وذكّر إيدي راما باقتراح الوساطة الذي قدمه في 17 أغسطس/آب لرئيس بيلاروس ألكسندر لوكاشنكو والذي لا يزال ساريا. وقال في حضور مندوبين من 57 دولة عضو في المنظمة ومقرها فيينا "يمكننا أن نؤدي دورا ونساعد في الحوار. أرجو أن تمنحوا هذا العرض فرصة".
ويواجه لوكاشنكو المعارضة التي ترفض نتائج الانتخابات الرئاسية التي تمنحه الفوز بنسبة 80% من الأصوات. ولم يكن مراقبو المنظمة حاضرين يوم التصويت، وهي سابقة منذ عام 2001، لأنه لم تتم دعوتهم في الوقت المناسب.
aXA6IDMuMTQ1LjE4LjEzNSA= جزيرة ام اند امز