سابقة بالجزائر.. عميد ثالث أكبر مسجد في العالم بـ"رتبة وزير"
"عميد مسجد" وبـ"رتبة وزير"، هي سابقة تحدث للمرة الأولى بالجزائر، لكن الأمر يتعلق بـ"ثالث أكبر مسجد في العالم".
ومساء الخميس، كشفت الرئاسة الجزائرية، في بيان حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه، أنه و"بعد استشارة الوزير الأول، أيمن بن عبدالرحمن عيّن، الخميس، رئيس الجمهورية، عبدالمجيد تبون، محمد مأمون القاسمي الحسيني، عميداً لجامع الجزائر، برتبة وزير".
- "الجامع الأعظم".. "جولة روحانية" لوزراء خارجية جوار ليبيا بالجزائر
- الجزائر تحدد موعد افتتاح "الجامع الأعظم".. ما قصته؟
ومسجد أو "جامع الجزائر الأعظم" هو ثالث أكبر مسجد في العالم بعد الحرمين الشريفين، وبدأ تنفيذ مشروع بنائه في عهد الرئيس الأسبق عبدالعزيز بوتفليقة، وبلغت تكلفته نحو 3 مليارات دولار، فيما تم تدشينه من قبل الرئيس الحالي عبدالمجيد تبون في ذكرى المولد النبوي في أكتوبر/تشرين الأول 2020.
"عميد" و"وزير"
و"العميد" هو منصب "أكاديمي" في الجزائر، إذ يسمى رؤساء الكليات (الجامعية) والجامعات بـ"العمداء" (جمع عميد)، وهو ما يعطي دلالة على أن "جامع الجزائر الأعظم" ليس مجرد صرح ديني أو مسجد، بل هو صرح لتكوين الأئمة ومعهدا للشريعة الإسلامية لتكوين الطلبة والأساتذة، ولحفظة القرآن الكريم.
وأثار قرار الرئاسة الجزائرية جدلا في الجزائر، وأعاد إلى الأذهان ما كان يسمى بـ"موضة" "وزير الدولة" (بدون حقيبة وزارية) في عهد النظام السابق.
إلا أن مصادر جزائرية مطلعة كشفت لـ"العين الإخبارية" عن خلفيات هذه القرار، وأشارت إلى أهمية المسجد الأعظم التي سطرتها السلطات الجزائرية والتي تشمل "تحديات بأبعاد سياسية وأمنية" بالنظر إلى مقومات هذا الصرح الكبير، وكذا تجربة الجزائر الرائدة في الحرب على الإرهاب.
سد ضد الفكر المتطرف
المصادر الجزائرية، أكدت لـ"العين الإخبارية" بأن تكليف الرئيس الجزائري عبدالمجيد لعالم الدين الصوفي محمد مأمون القاسمي الحسيني، في منصب "عميد ووزير"، يحمل في طياته أبعادا استراتيجية مرتبطة بـ"مقاربة الجزائر في حربها على الإرهاب والفكر المتطرف".
وعانت الجزائر منذ تسعينيات القرن الماضي مما أكدت على أنها "أفكارا متطرفة دخيلة على المجتمع الجزائري"، والتي كانت "وقودا" للجماعات الإرهابية المسلحة في عملياتها الإجرامية خلال ما عرف بـ"العشرية السوداء".
والعام الماضي، أعطى الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون تعليمات صارمة بتكييف خطاب ومناهج ودروس المسجد الأعظم مع مقاربة الجزائر في حربها على الإرهاب، والعمل على "تصحيح الفهم الخاطئ للدين لمن غُرر بهم من قبل تجاره".
ومسجد الجزائر الأعظم نواة لمجمع ثقافي يضم 25 واجهة، ومركبا يضم دارا للقرآن الكريم ومعهدا عالياً للدراسات الإسلامية يستوعب ثلاثة آلاف طالب، ومكتبة تتسع لألفي شخص، ومدرسة لتعليم القرآن الكريم وعلومه، إضافة إلى مجموعة من الحدائق والمائيات والأبنية الإدارية ومساكن للموظفين، ومركزا صحياً.
يأتي ذلك فيما أجلت الجزائر لعقود تعيين منصب مفتي البلاد، ويرى البعض بأن منصب "عميد ووزير" في وقت واحد قد "يرقى لمنصب مفتي الجزائر"، رغم أن الجزائر تعتمد هيئة إفتاء رسمية تضم مجموعة من العلماء والأئمة تابعة لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف.
عالم صوفي
الشيخ محمد مأمون القاسمي الحسيني هو عالم صوفي وأحد أبرز علماء الدين في المذهب المالكي الذي تنتهجه الجزائر، ويبلغ من العمر 78 عاما.
عُرف عنه بمرافعته من أجل الاعتدال، وكذا تقديمه إسهامات من أجل الوحدة بين المذاهب الإسلامية والتقريب بين الفرقاء.
وتولى "عميد المسجد الأعظم" بالجزائر عدة مناصب مسؤولية، بينها: مدير مساعد للبرامج والامتحانات بوزارة التعليم، ومديرا التوجيه الديني بوزارة الشؤون الدينية، ومستشارا قائماً بتنظيم الحج.
ويعد القاسمي الحسيني من أبرز شيوخ الطريقة الصوفية في الجزائر، إذ يعد شيخ زاوية الهامل القاسمية، ورئيس المعهد القاسمي للدراسات والعلوم الإسلامية" جنوبي الجزائر.
وكذا "رئيس الرابطة الرحمانية للزوايا العلمية"، وعضوا بالمجلس الإسلامي الأعلى في الجزائر، وهي السيرة التي تجعل منه أحد أبرز القامات الدينية في الجزائر.