الحياة على سطح القمر.. 183 عاما لم تمح ذكرى الخدعة الأمريكية
باحث فلكي قال لـ"العين الإخبارية" إن الفلكيين يتذكرونها كل عام لبيان قيمة العلم في مواجهة الأساطير والخرافات التي يدعيها البعض.
يقولون إن "الزمن كفيل بالنسيان"، لكن العالم ورغم مرور 183 عاما لم ينسَ إلى الآن "خدعة القمر العظيمة"، التي حدثت في أغسطس من عام 1835، ولا تزال الجمعيات الفلكية في العالم العربي تذكر الجمهور سنويا عبر صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي بهذا الحدث، الذي وإن كان يحمل ذكريات مؤلمة، إلا أنه كما قال باحث فلكي لـ"العين الإخبارية"، يذكرنا جميعا بقيمة العلم، الذي وضع حدا لكل الخرافات المرتبطة بالقمر.
ارتبطت "خدعة القمر العظيمة" بصحيفة "ذا صن" التي تصدر في مدينة نيويورك الأمريكية، والتي نشرت سلسلة من المقالات بدأت في 25 أغسطس من عام 1835، وادعت خلالها اكتشاف وجود حياة على سطح القمر تشمل كائنات (الإنسان الخفاش)، (أحادي القرن)، وقالت إن هذه الاكتشافات تمت على يد الفلكي الشهير (السير جون هرشل)، الذي يملك "تلسكوب" خاصا به ساعده على ذلك.
وقدمت سلسلة المقالات التي نشرتها الصحيفة عرضا متقنا للمشاهد الرائعة التي ادعت أن (هرشل) شاهدها أثناء ملاحظته للقمر بالتلسكوب؛ حيث وصفت ما قالت بأنه تضاريس القمر، ومنها الغابات الفسيحة والبحار الداخلية والأهرام الكوارتزية نيلية اللون.
وتحدثت المقالات عن أن قطعان الثور الأمريكي تتجول عبر سهول القمر، ووحيد القرن الأزرق يجثم على قمم تلاله، وأن مخلوقات برمائية كروية تناثرت عبر شواطئه.
وبلغت ذروة الإثارة بالادعاء أن (هرشل) وجد دليلا على أن هناك حياة موجودة على القمر، حيث اكتشف قبيلة بدائية تسكن الأكواخ، وجنسا بشريا مجنحا يعيش في انسجام رعوي حول معبد غامض بسقف ذهبي، وأن هذه المخلوقات لقبها الفلكي الشهير بـ"الإنسان الخفاش".
والحقيقة أن هرشل لم يجد أي حياة على القمر ولم يحقق أيا من الإنجازات الفلكية المنسوبة إليه في سلسلة المقالات التي نشرتها الصحيفة، بل إنه لم يكن يدرك أن هذه الاكتشافات كانت قد نسبت إليه من الأساس، واستطاعت الصحيفة أن تبيع بهذه المقالات آلاف النسخ قبل أن يدرك عامة الناس أنهم كانوا ضحية لخداع، قيل وقتها أن مؤلفه هو شخص يدعى "ريتشارد أدامز لوك" كان يعمل مراسلا لدى الصحيفة.
وعلى الرغم من الاستياء العام والحاد بعد اكتشاف الخدعة؛ فإن صحيفة "ذا صن" لم تعترف صراحة بذلك، ونشرت في 16 سبتمبر 1835 مقالة ناقشت فيها احتمالية أن تكون القصة خدعة، لكنها لم تعترف بأيّ شيء، بل بالعكس من ذلك كتبت قائلة "بعض المراسلين يحثوننا للخروج والاعتراف بأنها كانت خدعة، لكننا لا يمكن أن نفعل ذلك أبدا، حتى نحصل على شهادة من المجلات العلمية الإنجليزية أو الاسكتلندية لتأييد بأن ذلك لم يحصل".
ولا يعرف إلى الآن إن كان قد وصل للصحيفة نفي من المجلات العلمية الإنجليزية أو الاسكتلندية، وظل الحديث حول القمر، حتى بعد اكتشاف هذه الخدعة، مرتبطا بالأساطير وعدم الدقة، إلى أن هبط رائد الفضاء الأمريكي نيل أرمسترونج على سطح القمر في 20 يوليو 1969.
ويقول الدكتور محمد الصادق، الباحث بالمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية: "كان هبوط أرمسترونج إيذانا بانتهاء الأساطير المرتبطة بالقمر، بعد أن قدم وصفا دقيقا له، ولكن الفلكيين يتذكرون دوما ما قد قيل حول القمر، لبيان قيمة العلم، وكيف يستطيع أن يغلق باب الأساطير".
والأساطير المرتبطة بالقمر، وإن كانت "خدعة القمر العظيمة" هي أشهرها، فإن التاريخ مليء بتلك التي بدأت قبلها، ومنها أن الفلكيين العرب القدامى كانوا يظنون أن القمر به بحار.
ويضيف الصادق: "في دورة القمر المعتادة حول الأرض، يدخل في بعض الأوقات منطقة شبه ظل الأرض فيصبح ضوؤه خافتا، فتظهر حفر عميقة على سطحه، هي نتاج ارتطام أحجار النيازك به، وكان الفلكيون العرب يظنون أن تلك الحفر بحار، وأطلقوا عليها (بحار القمر)".
ورغم أن العلم قدم المعلومات الدقيقة حول القمر؛ فإن الفلكيين لا يزالون يستخدمون بعض الأوصاف غير الدقيقة علميا، وذلك لتقريب بعض المعلومات الفلكية للجمهور العادي.
ويقول الصادق: "نصف القمر عندما يصل لأقرب نقطة من الأرض بأنه (القمر السوبر)؛ لأن حجمه يبدو بالعين المجردة كبيرا، ونصفه عندما يصل لأبعد نقطة من الأرض بـ(القمر القزم)، بينما الحقيقة أن حجمه وشكله وكتلته لا تتغير، ولكن حركته غير الثابتة هي التي تجعله يبدو لنا صغيرا أحيانا وكبيرا أحيانا أخرى".
aXA6IDE4LjIyNC41Mi4xMDgg جزيرة ام اند امز