"المركز الإسلامي" بهامبورج.. هل يبتر "الخضر" ذراع إيران بألمانيا؟
إيران تحاول تصدير ثورتها، وهذا هدف أساسي لنظام طهران، وهو ما لا يتوافق مع الدستور الألماني والنظام الديمقراطي
بدأ حزب الخضر الألماني، الشريك الائتلافي في الحكم بولاية هامبورج، حصار ذراع إيران في الولاية المتمثلة في المركز الإسلامي، الذي طالما كان متهما بأنه "وكر تجسس" لطهران.
وخلال السنوات الماضية، حذر خبراء ووكالات أمنية في ألمانيا من خطر المركز الإسلامي في هامبورج (وسط)، لكن حكومة الولاية لم تكن تستمع إلى التحذيرات، وترتبط باتفاق غير مبرر مع المركز، رغم أن الأخير يمثل ذراعا للنظام الإيراني داخل البلاد.
هذا الوضع تغير في الوقت الراهن، بعد أن بدأ حزب الخضر حملة ضد المركز الإسلامي بسبب أدواره المشبوهة لصالح طهران، وفق صحيفة تاغس تسايتونغ الألمانية "خاصة".
والمركز الإسلامي، الذي يضم مسجد الإمام علي المعروف بـ"المسجد الأزرق"، المبني على الطراز الفارسي، يعد واحدا من أقدم المؤسسات الإسلامية في ألمانيا، وأهم ممثل للشيعة في البلاد.
دعاية لطهران
وفي عام 2012، كانت هامبورج أول ولاية فيدرالية توقع اتفاقية مع الجمعيات الإسلامية، ومن بينها المركز الإسلامي، تؤكد على القيم المشتركة التي تربط كل أطياف المجتمع في الولاية.
وتتضمن الاتفاقية الإدارة الذاتية للجمعيات الإسلامية، وبعض العطلات الرسمية للمسلمين، وتكفل لها المشاركة في التعليم الديني في المدارس.
لكن بدأت مؤخرا مظاهر انقلاب حكومي على المركز الإسلامي في ولاية هامبورج، حيث وصفت غوجروت شيتيك، النائبة عن حزب الخضر "يسار" المشارك في حكومة الولاية، أنه "مركز الدعاية لنظام طهران".
ووفق تاغس تسايتونغ، فإن هناك خلافات جوهرية بين حكومة هامبورج والمركز الإسلامي في الوقت الحالي تبرر هذه التصريحات القوية، وهي الأولى من نوعها التي تخرج من حزب مشارك في حكومة الولاية.
شيتيك أضافت أن "الحكومة الإيرانية مسؤولة عن العديد من انتهاكات حقوق الإنسان، والحروب والتهجير القسري"، مضيفة: "المركز الإسلامي المرتبط بهذه الحكومة لا يجب أن يكون شريكا لحكومة هامبورج".
ووفق زعيمة الكتلة البرلمانية للخضر في برلمان ولاية هامبورج، جينفر غاسبرغ، فإن حكومة الولاية ستستغل حقها في مراجعة المعاهدة مع الجمعيات الإسلامية في عام 2022، لتصحيح الأخطاء وإيجاد الحلول لأي مشاكل في الاتفاقية.
والمركز الإسلامي هو أحد مكونات ما يعرف بمجلس شورى هامبورج، وهو منظمة مظلية للتنظيمات الإسلامية في الولاية.
وخلال السنوات الماضية، طالبت أحزاب الديمقراطي المسيحي "يمين وسط"، والبديل لأجل ألمانيا "شعبوي"، والحزب الديمقراطي الحر "يمين وسط"، مرارا وتكرارا بإنهاء التعاون مع المركز الإسلامي ومجلس شورى هامبورج، لكن حكومة الولاية ترفض ذلك.
ونقلت صحيفة دي فيلت الألمانية، في وقت سابق، عن حنيف محوتشيان، طالب القانون والناشط في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، إن "المركز الإسلامي في هامبورج يعد نقطة انطلاق لأنشطة النظام الإيراني".
وهو ما يتفق مع ما تذكره تقارير هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية" منذ سنوات.
وذكرت صحيفة "إيبوخ تايمز" الألمانية: "أنه في حين اتخذت السلطات إجراءات جنائية ضد أعضاء من اتحاد ديتيب الإسلامي التركي بسبب تورطهم في التجسس على معارضين أتراك، لم تتخذ نفس الإجراءات حيال المركز الإسلامي في هامبورج رغم تورطه في التجسس أيضا على الإيرانيين في ألمانيا".
نقطة التقاء عملاء إيران
ووفق ما نقلته الصحيفة ذاتها عن هيئة حماية الدستور، فإن السلطات الإيرانية تستغل المركز الإسلامي لتمرير معلومات استخباراتية من ألمانيا إلى إيران، لا تتعلق فقط بتقيمات اقتصادية وسياسية للوضع في ألمانيا، وإنما تشمل معلومات أخرى شديدة الحساسية.
الصحيفة تابعت أن "المركز الإسلامي في هامبورج هو نقطة التقاء عملاء النظام الإيراني في ألمانيا".
وفي هذا الإطار، قال محوتشيان إنه "في 2017، اقترب مني مجموعة من الأشخاص الإيرانيين وسألوني لماذا لا أتردد على المسجد الأزرق الذي يديره المركز الإسلامي في هامبورج، وعندما عبرت عن معارضتي للنظام، هددوني بالقتل".
وأشار إلى أن "المركز الإسلامي يلعب دورا قويا في التجسس وترهيب معارضي النظام الإيراني المقيمين في ألمانيا".
ولفت إلى أن زملاء له تعرضوا للاعتقال فور عودتهم لطهران في زيارة قصيرة، وكان الأمن يعرف كل شيء عنهم، بما فيه ديكورات منازلهم في ألمانيا.
بدوره، طالب عضو البرلمان الألماني البارز، كريستوف دي فريس، في تصريحات صحفية مؤخرا بحظر المركز وقال إن "العديد من قياداته ينتمون للحرس الثوري، بل أقاموا مراسم تأبين لقاسم سليماني (قائد فيلق القدس) بعد مقتله في يناير الماضي".
وخلال السنوات الماضية، استطاعت طهران تكوين شبكة واسعة ومترامية الأطراف في الأراضي الألمانية، تمتد أنشطتها لدول أوروبية أخرى، وتخضع إداريا وتنظيميا للمركز الإسلامي في مدينة هامبورج.
تصدير الثورة
وفي هذا الإطار، ذكر تقرير هيئة حماية الدستور "الاستخبارات الداخلية" لعام ٢٠١٨، الصادر صيف 2019، أن "المركز الإسلامي في هامبورج أسس شبكة واسعة في عموم الأراضي الألمانية، تمارس نفوذا كبيرا على الجاليات الشيعية المنحدرة من جنسيات مختلفة، وتضم المساجد والمراكز الثقافية الشيعية، إلى حد يصل للسيطرة الكاملة".
وفي 21 أغسطس/ آب 2017، قالت الحكومة الألمانية في مذكرة رسمية للبرلمان اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منها إن "محتوى رسائل وخطب المركز الإسلامي في هامبورج تعد نتاجا للاتصالات بين المركز وإيران".
وأوضحت أنه "في محتوى خطب المركز، تحاول إيران تصدير ثورتها، وهذا هدف أساسي لنظام طهران، لكنه لا يتوافق مع الدستور الألماني والنظام الديمقراطي".
وخلال الأعوام الماضية، وسعت إيران شبكتها في أوروبا انطلاقا من الأراضي الألمانية، حيث أسست في أكتوبر 2015، مسجد كوبنهاغن في الدنمارك، الذي يخضع مباشرة للمركز الإسلامي بهامبورج، وفق تصريحات صحفية للخبير الألماني في الشؤون الإيرانية، كريستيان اوستهولد.
ووفق أوستهولد، فإن الحكومة الألمانية تعي جيدا دور المركز الإسلامي في هامبورج، وتعتبره أهم مركز تمثيل للحكومة الإيرانية في ألمانيا، وأحد أهم مراكز البروباغندا الإيرانية في أوروبا.
aXA6IDMuMTQ1LjE2MS4xOTQg جزيرة ام اند امز