نشطاء العراق ومليشيات إيران.. رصاص الغدر يدفع إلى الرحيل
مؤسسة حقوقية عراقية توثق 30 واقعة اغتيال منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2019، بعد اندلاع احتجاجات حاشدة لإسقاط الحكومة العراقية السابقة
روى حسنين المنشد، الناشط الحقوقي العراقي، كواليس فرار عدد من رفاقه المدافعين عن حقوق الإنسان إلى خارج العراق جراء استهدافهم من جانب مليشيات إيرانية.
وذكر المنشد (29 عاما) أنه تجاهل خلال السنوات الماضية تهديدات بالقتل بسبب أنشطته الحقوقية، لكن مقتل أستاذه أمجد الدهامات، دفعه إلى الرحيل عن العراق أواخر العام الماضي، وفق ما أوردت محطة "إيران إنترناشيونال".
- اغتيال ريهام يعقوب.. لماذا تستهدف إيران النشطاء العراقيين؟
- هل تقطع الـ"غضبة" العراقية يد مليشيات إيران؟
ووصف الناشط الحقوقي، للمحطة الناطقة بالفارسية من بريطانيا، أن الأوضاع الراهنة التي يعيشها المدافعون عن حقوق الإنسان في العراق أصبحت صعبة وخطيرة للغاية.
وسرد حسنين المنشد تفاصيل مقتل أستاذه أمجد الدهامات نهاية العام الماضي، بعدما أطلق مسلحون مجهولون عليه وابلا من الرصاص سقط على إثره قتيلا حال خروجه من مركز أمني في مدينة العمارة الواقعة جنوبى العراق.
وأشار المنشد إلى أن المسلحين المجهولين استخدموا سيارة ذات نوافذ مظللة ومطموسة اللوحات لاغتيال أمجد الدهامات الذي كان من أحد أبرز الناشطين في الحراك الشعبي المناهض لتدخلات إيران بالعراق، صيف العام الماضي.
وتعد واقعة اغتيال الدهامات من بين عشرات الجرائم التي دفعت الكثير من ناشطي المجتمع المدني العراقي والصحفيين للفرار من هجمات مستمرة تشنها مليشيات تسيطر على بعض المناطق داخل البلاد.
يذكر أن أنشطة حقوق الإنسان في العراق كان تتم على نطاق واسع، حيث نجحت في توعية العراقيين بحقوقهم السياسية والاجتماعية مثل التعبير عن الرأي والتصويت بالانتخابات، والاحتجاج ضد الفساد.
لكن فرار النشطاء العراقيين من بلدهم مؤخرا أضعف عقودا من الحركات المدنية النشطة بالداخل؛ فيما رجحت جمعية "الأمل" الحقوقية المستقلة أن مناطق بغداد وجنوب العراق شهدت 44 عملية خطف، و74 محاولة قتل لنشطاء حقوقيين خلال العام الماضي فقط.
ووثقت المؤسسة الحقوقية العراقية 30 واقعة اغتيال منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2019، بعد اندلاع احتجاجات حاشدة لإسقاط الحكومة العراقية السابقة برئاسة عادل عبد المهدي المقرب من النظام الإيراني.
وقال حسن وهاب، عضو جمعية أمل الحقوقية إن قتل نشطاء المجتمع المدني العراقي تصاعدت وتيرته مع بدء الاحتجاجات في نهاية العام الماضي، مشيرا إلى أن التهديدات بالاغتيال من قبل مسلحين لا تزال متواصلة.
واعتبر وهاب أن عدد النشطاء الذين يغادرون العراق يزداد كل يوم بسبب التهديدات بالاغتيال، مما يثير مخاوف بين النشطاء من أنه لم يعد لديهم أحد على الأرض.
وكشف 7 ناشطين عراقيين فروا من بلادهم خلال الأشهر الماضية، أن بعضهم غادر العراق بسبب ما قالوا إنه عجز من جانب الشرطة المحلية عن توفير حماية لهم إزاء استهداف المليشيات لهم.
الجدير بالذكر أن مليشيات مرتبطة بأحزاب سياسية بعضها مدعوم من إيران، شددت قبضتها على مؤسسات الدولة العراقية منذ الغزو الأمريكي الذي أطاح بالرئيس الأسبق صدام حسين عام 2003.
وكان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، تولى منصبه في مايو/ أيار 2020، قد وعد بتحقيق العدالة للنشطاء الذين اغتيلوا أو تعرضوا للتهديدات من المليشيات الموالية لإيران.
غير أن الحكومة العراقية الجديدة التي شكلت عشرات اللجان من بين مهامها تحديد المسؤولين عن مقتل المتظاهرين والناشطين، لم تسفر جهودها حتى الآن عن ملاحقة المتورطين.
وقال مسؤول حكومي عراقي في تصريحات صحفية سابقة، إن مؤسسات بلاده اخترقتها أحزاب وجماعات مسلحة لا مصلحة لها في معاقبة قتلة المحتجين.
يذكر أن حكومة الكاظمي تسعى لقمع نفوذ المليشيات المدعومة من إيران والتي تزعزع استقرار البلاد، وكذلك الحد من انتشار الأسلحة بشكل غير قانوني.