مصر تطلب دعما أوروبيا للتحول نحو الاقتصاد الأخضر
دعت مصر، اليوم، بنك الاستثمار الأوروبي، إلى تقديم المزيد من الدعم لمشروعاتها الخضراء، في ظل جهودها للتوسع في هذا الأمر.
وأكدت دراسة حديثة للمركز المصري للفكر والدراسات، أن التكلفة الإجمالية والاستثمارات المستهدفة لدعم الاقتصاد الأخضر في مصر تقدر بنحو 14.7 مليار دولار.
ودعا الدكتور محمد معيط وزير المالية المصري، اليوم الجمعة، البنك الأوروبي، إلى تقديم المزيد من الدعم لمشروعات مكافحة التغير المناخي والمشروعات الخضراء في مصر، من خلال الإسهام في دعم إنشاء المدارس ومساندة جهود الدولة في مد مظلة التأمين الصحي الشامل لكل المصريين على مستوى الجمهورية.
وأوضح معيط أن مؤسسات التمويل الدولية والإقليمية يمكن أن تُسهم في تيسير حصول الدول النامية على تمويلات ميسرة، منخفضة التكلفة، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية العالمية، بما فيها من ارتفاع لتكلفة التمويل بالأسواق الدولية.
وأعرب معيط، خلال لقائه مع وفد من بنك الاستثمار الأوروبي، اليوم، برئاسة ليونيل رابايل مدير دول الجوار بالبنك، عن تقديره لدور البنك في الاستثمار بمشروعات البنية الأساسية بمصر، مشيرًا إلى أننا نتطلع خلال الفترة المقبلة إلى مساندة جهود الدولة في دعم التحول للاقتصاد الأخضر، بما في ذلك مشروعات برنامج "نُوفي".
وأوضح الوزير، أننا ملتزمون بتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي المدعوم من صندوق النقد الدولي لتحقيق المستهدفات المالية والاقتصادية، ومن ثم القدرة على التعامل بشكل أكبر مع الأزمات العالمية المتتالية التي تتشابك فيها تداعيات جائحة كورونا والآثار السلبية للحرب في أوروبا.
وأعرب مسؤولو البنك الأوروبي، وفق بيان مصري، عن تقديرهم لحجم التعاون القائم مع مصر، الذي بلغ مليار يورو عام 2022، كما أنه يجري حاليًا بحث تنفيذ مشروعات جديدة في مجالات الأمن الغذائي، والتحول الأخضر، والبنية الأساسية فضلا عن الاستمرار في مساندة برنامج "نوفّي".
الاقتصاد الأخضر
تمثل مشروعات الاقتصاد الأخضر نسبة 15% من الخطة الاستثمارية للبلاد في العام المالي 2020 - 2021، وتستهدف الحكومة الوصول إلى نسبة 30% من مشروعات الاقتصاد الأخضر خلال الفترة الحالية، على أن تصل النسبة إلى نحو 50% بحلول عام 2024 - 2025.
خلال عام 2021 وافقت الحكومة المصرية على تنفيذ 691 مشروعًا صديقًا للبيئة في قطاعات الطاقة الجديدة والمتجددة والمياه والنقل، كما بدأت في إصدار شهادات النجمة الخضراء للفنادق التي تطبق سياسات التوافق مع البيئة.
وعملت وزارة التعاون الدولي المصرية على مطابقة التمويل التنموي مع أهداف التنمية المستدامة الـ17 التي أعلنتها الأمم المتحدة، فالمحفظة الجارية لوزارة التعاون الدولي تضم 372 مشروعًا في مختلف قطاعات الدولة والقطاع الخاص بقيمة 26.5 مليار دولار.
والتزمت الحكومة المصرية بتطبيق الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، وهو توفير المياه النظيفة والنظافة الصحية، وفي هذا الإطار حصلت مصر على تمويلات قيمتها 5.3 مليار دولار تشكل 20.3% من المحفظة الجارية بواقع 37 مشروعًا في 88 موقعًا بمحافظات الجمهورية.
وبشأن الهدف السابع للأمم المتحدة، حصل مصر على تمويلات لتوفير طاقة نظيفة بأسعار معقولة بقيمة 5.9 مليار دولار، لتنفيذ 32 مشروعًا في 61 موقعًا بمحافظات الجمهورية، تمثل 23.2% من إجمالي التمويلات التنموية.
كما أُعلن إطلاق 32 مشروعا بقيمة 5.1 مليار دولار للمساهمة في هدف مدن ومجتمعات محلية مستدامة؛ وهو الهدف الحادي عشر من أهداف التنمية المستدامة.
ولتحقيق هدف "العمل المناخي" الثالث عشر؛ أطلق 12 مشروعا بقيمة 365 مليون دولار.
الطاقة المتجددة
قطاع الطاقة المتجددة يعتبر أحد أهم محاور استراتيجية الحكومة لتحقيق التحول الأخضر، ومكافحة الآثار السلبية للتغيرات المناخية، لذا وضعت مصر استراتيجية متكاملة للتوسع في مشروعات الطاقة المتجددة بحلول عام 2035 .
الهيدروجين الأخضر
بدأت مصر الدخول في سوق إنتاج الهيدروجين الأخضر لتوليد الطاقة، لتكون ضمن الدول الأوائل عالمياً في الاعتماد على ذلك النوع من الطاقة، كما أنها تستهدف التصدير أيضاً، وذلك بعد أن حدّثت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة استراتيجية الطاقة فى مصر لتشمل الهيدروجين الأخضر .
وشهد مارس/ آذار 2021 توقيع اتفاقية بين وزارة الكهرباء والثروة والطاقة المتجدّدة ووزارة البترول والثروة المعدنية والقوات البحرية مع شركة "ديمى" البلجيكية للبدء في إعداد الدراسات الخاصة لمشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر وتصديره من مصر، وهي الاتفاقية الثانية من نوعها بعد الاتفاقية الأولى التي تم توقيعها مع شركة "سيمنز" الألمانية للبدء في المشروع التجريبي لإنتاج الهيدروجين الأخضر في فبراير/ شباط 2022.
أبرز مشروعات الطاقة المتجددة
محطة بنبان
يُعد مشروع محطة بنبان للطاقة الشمسية نموذجًا فريدًا للتعاون بين الأطراف ذات الصلة، "الحكومة والقطاع الخاص ومؤسسات التمويل الدولية"، لتنفيذ أكبر مزرعة للطاقة الشمسية في العالم، تضم 6 ملايين لوحة شمسية، على مساحة 36 كم2، ونفذه أكثر من 40 شركة من 12 دولة مختلفة، لتوليد 1500 ميغاواط من الطاقة.
وتدعم محطة بنبان للطاقة الشمسية تنفيذ الهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة: طاقة نظيفة بأسعار معقولة، فضلا عن الهدف الثامن: العمل اللائق ونمو الاقتصاد، والهدف السابع عشر: عقد الشراكات لتحقيق الأهداف، ويعمل المشروع على الحد من انبعاث ملايين الأطنان من الغازات التي تتسبب في الاحتباس الحراري، كما يعمل على خلق الوظائف، ويعزز نمو الاقتصاد المصري.
ومنذ صدور قانون الطاقة المتجددة رقم 203 لعام 2014، بدأت الحكومة نشر الحوافز لدخول القطاع الخاص في مجال الطاقة المتجددة ليدعم استراتيجية التحول الأخضر في البلاد، ونتيجة لهذه الجهود ظهرت العديد من المبادرات حيث تم تأسيس شركة كرم سولار، أول شركة قطاع خاص متخصصة في إنتاج الطاقة الشمسية في مصر، تحصل على ترخيص من الجهات المعنية، بما يمكن مصر من تبوء موقعها كواحدة من الدول الرائدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجال الطاقة المتجددة .
مشروعات النقل
تنفذ وزارة البيئة بالتعاون مع وزارة المالية وبنك ناصر مشروع إحلال التاكسي في القاهرة الكبرى والذي يهدف إلى خفض 264 ألف طن من انبعاث ثاني أكسيد الكربون سنوياً فضلاً عن العائد الاقتصادي والاجتماعي لهذا المشروع.
وتقوم وزارة البيئة بتنفيذ برنامج طموح لتحويل السيارات الحكومية للعمل بالغاز الطبيعى بدلاً من البنزين .
ونجحت وزارة البيئة بالتعاون مع وزارة التجارة والصناعة في حظر إنتاج واستيراد الدراجات البخارية ثنائية الأشواط، واستبدالها بموتسيكلات رباعية الأشواط تحقق خفض تلوثات الهواء الصادرة عنها .
وتشرع وزارة البيئة في تنفيذ برنامج إرشادي لاستدامة نظم النقل، عبر دعم نظم النقل الجماعي حيث تم إنشاء الخط الثالث لمترو الأنفاق ( الخط الأخضر).
وتسعى مصر نحو التحول إلى مركز إقليمى لصناعة "السيارات الكهربائية" على مستوى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، في ضوء مواكبة التطور التكنولوجي والاتجاهات العالمية في صناعة السيارات الكهربائية، وبالأخص مع توقعات نمو سوق السيارات الكهربائية عالمياً، بالإضافة إلى الفوائد الاجتماعية والبيئية والاقتصادية الناتجة من استخدامها.
ودعمت الحكومة توطين صناعة السيارات الكهربائية في مصر، وذلك عن طريق تقديم الدعم اللازم للاستثمار في هذا المجال، ومواكبة التوجّهات العالمية الحالية للعزوف عن التلوث والتحول إلى بيئة نظيفة، وذلك من خلال استخدام سيارات كهربائية خالية من الانبعاثات الضارة، وتقليل الاعتماد على المحروقات التقليدية.
وتجدر الإشارة إلى أن شركة "النصر للسيارات" تعاونت في ضوء ذلك مع شركة "دونج فينج" الصينية، لتصنيع وإنتاج أول سيارة كهربائية في البلاد تحمل اسم "نصر E70" ، وذلك بعد عودة شركة "النصر للسيارات" للعمل بعد توقف استمر لقرابة 11 عاماً .
مشروعات الصناعة
تنفذ وزارة البيئة برنامجي التحكم في التلوث الصناعي وحماية البيئة للقطاع الخاص وقطاع الأعمال العام الصناعي واللذان يشملان 120 مشروعاً للحد من التلوث الصناعي من خلال :
- تشجيع التحول نحو الصناعات رشيدة الاستهلاك للمواد الطبيعية والطاقة والمياه.
- تشجيع الإنتاج الصناعي الأنظف.
- إعادة توزيع الخريطة الصناعية لمصر، وتوطين الصناعات بالمدن الجديدة .
- التوسع في دعم الصناعات الصغيرة والمتوسطة في مجال البيئة .
- إعادة استخدام المياه والتحكم في الصرف الصناعي.
مشروعات الزراعة والمياه
تهدف المشروعات في هذا المجال إلى:
- تحقيق الاستخدام المستدام للمواد الزراعية الطبيعية.
- التركيز على أساليب الإدارة الزراعية المتكاملة .
- رفع كفاءة استخدامات المياه في الزراعة، وتحسين نظم الري والصرف، وتعديل التركيب المحصولي لصالح الزراعات الأقل استهلاكاً للمياه.
- إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والصرف الصحي.
ومن أبرز مشروعات معالجة المياه في مصر:
محطة مياه المحسمة
محطة المحسمة بمنطقة شبه جزيرة سيناء، تعد أكبر محطة لمعالجة مياه الصرف الزراعي في العالم، بما يمكن الدولة من ري 70 ألف فدان من الأراضي الزراعية من خلال مليون متر مكعب من المياه يوميًا، وتخلق آلاف فرص العمل وتعزز التنمية المجتمعية .
التدابير المؤسسية والتشريعات البيئية للشركات والمشروعات الجديدة
- تعديل التشريعات البيئية وتطوير نظم الإدارة البيئية .
- زيادة التوجه نحو التنمية الاقتصادية الخضراء الأقل اعتماداً على الكربون .
- استكمال الإطار المؤسسى لإدارة الجهود الوطنية للتكيف مع آثار التغيرات المناخية .
- إدراج البعد البيئى فى المشروعات التنموية .
- تبنى سياسات مالية داخلية محفزة وداعمة للمنشآت الصديقة للبيئة، وتغليظ العقوبات الموقعة ضد الممارسات البيئية الخاطئة .
إطلاق وزارة الاستثمار للمؤشر المصري للمسؤولية الاجتماعية للشركات الـ100 المدرجة في البورصة متضمناً النواحي البيئية والاجتماعية التي تقوم بها الشركة وهو ما سيؤدى بصورة غير مباشرة إلى تخفيض هذه الشركات لانبعاثاتها الحرارية للتوافق مع القوانين والمعايير البيئية.
اتفاقيات موقعة
يبلغ حجم محفظة التعاون الدولي مع المؤسسات الدولية لتحقيق أهداف التكيف والتخفيف من آثار التغيرات المناخية 11 مليار دولار، وتتفق تلك المخصصات مع رؤية مصر للتحول إلى الاقتصاد الأخضر، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
أبرز الاتفاقيات
شهد قطاع الطاقة المتجددة إصلاحات غير مسبوقة، مما دفع مؤسسات التمويل الدولية لتوفير 4 مليارات دولار لتمويل مشروع بنبان للطاقة الشمسية الذي يعد أحد أكبر المحطات في العالم، بمشاركة مؤسسات مثل البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية ومؤسسات التمويل الدولية.
في 22 أبريل/ نيسان 2021، شهدت مصر توقيع ثلاث مذكرات تفاهم، بين البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية ومحافظتي القاهرة والإسكندرية وهيئة المجتمعات العمرانية، لضم المحافظتين ومدينة السادس من أكتوبر لبرنامج البنك الرائد "المدن الخضراء" وهو برنامج مساعدة المدن على مواجهة التحديات البيئية وتحسين جودة الحياة، ومكافحة آثار تغير المناخ.
كما وقعت مصر اتفاقية مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية لتدشين أكبر محطة طاقة شمسية للقطاع الخاص في مصر(شركة أكوا باور)، وتبلغ قيمة الاتفاقية 114 مليون دولارومن المتوقع أن تضيف المحطة قدرات 200 ميغاواط وتقع على بعد 20 كم من محطة بنبان، ويزيد من حصة الطاقة المتجددة في مزيج توليد الطاقة في مصر.
وفي 1 يونيو/حزيران 2022، وقعت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس مذكرة تفاهم مع شركة H2 Industries الألمانية المتخصصة في تخزين الطاقة، لإنشاء أول محطة تحويل المخلفات إلى هيدروجين أخضر في المنطقة الاقتصادية، باستثمارات تبلغ نحو 4 مليارات دولار.
التحول للاقتصاد الأخضر
نشرت منصة FDI Intelligence التابعة للجريدة المالية العالمية Financial Times ، مقالا مشتركًا للدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي المصرية، وسيرجيو بيمنتا، نائب رئيس منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بمؤسسة التمويل الدولية، يلقي الضوء لأول مرة على تفاصيل التعافي الأخضر في مصر.
وجاء في المقال إن مصر أصبحت بفضل السياسات المتخذة في مجال الطاقة المتجددة، دولة رائدة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، على مستوى سياسات وإجراءات التحول نحو الاقتصاد الأخضر من خلال استراتيجية واضحة لتعزيز استخدام الطاقة المتجددة وتنفيذ المشروعات الصديقة للبيئة، ليصبح النموذج المصري مُلهمًا للدول الناشئة ودول التحول الاقتصادي الراغبة في التحول نحو الاقتصاد الأخضر، وفقًا لما جاء في تقرير توقعات الطاقة الشمسية لعام 2020 .
وخلال العام الماضي وافقت الحكومة المصرية على تنفيذ 691 مشروعًا صديقا للبيئة في قطاعات الطاقة الجديدة والمتجددة والمياه والنقل، كما بدأت في إصدار شهادات النجمة الخضراء للفنادق التي تطبق سياسات التوافق مع البيئة، كما نجحت في طرح أول سندات خضراء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بقيمة 750 مليون دولار، يتم من خلالها تمويل تنفيذ مشروعات صديقة للبيئة.
aXA6IDE4LjE5MS45Ny4yMjkg جزيرة ام اند امز