غرينلاند.. ترامب يطارد «الجزيرة المتجمدة»
مواردها الطبيعية هي سبب لعنتها التي تجعل منها مطمعا استراتيجيا لأمريكا بشكل خاص، وهذا ما يدركه دونالد ترامب جيدا.
غرينلاند، أو «أرض الناس» كما يعنيه اسمها باللهجة المحلية، أو «الأرض الخضراء» باللغة الدنماركية، هي إقليم يبعد نحو 2500 كيلومتر عن البر الرئيسي للدنمارك.
ومنذ العام 1979، تتمتّع الجزيرة بحكم ذاتي ولها علمها ولغتها وثقافتها ومؤسساتها ورئيس وزراء، فيما يقطنها 56 ألف نسمة موزعين على نحو 2,2 مليون كيلومتر مربع.
وتثير الموارد الطبيعية التي تزخر بها، من نفط وغاز وذهب وألماس ويورانيوم وزنك ورصاص، مطامع الولايات المتحدة والصين وروسيا، لا سيّما في ظل الاحترار المناخي الذي يفسح مسالك بحرية جديدة في هذه الجزيرة المتجمدة.
«عين ترامب»
اليوم الثلاثاء، رفض الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب استبعاد القيام بتحرك عسكري بشأن غرينلاند وأيضا قناة بنما، واللتين يرى بأن على واشنطن السيطرة عليهما.
وقال ترامب، في تصريحات إعلامية: "يمكنني أن أقول ذلك: نحتاج إليهما من أجل الأمن الاقتصادي"، مضيفا: "لن أعلن التزامي بذلك (أي عدم القيام بتحرك عسكري). قد نضطر للقيام بأمر ما".
ولا تعتبر هذه المرة الأولى التي يخوض فيها ترامب بالموضوع، ففي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أثار ترامب بتلميحه بشأن سيادة الإقليم التابع للدنمارك، غضب رئيس وزراء غرينلاند موتي إيغيدي.
وحينها، كتب ترامب على شبكته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشيال"، يقول: "لأغراض الأمن القومي والحرية في العالم، تشعر الولايات المتحدة الأمريكية أن امتلاك غرينلاند والسيطرة عليها ضرورة مطلقة"، من دون توضيح ما يقصده بالتحديد.
ورد عليه إيغيدي بالقول إن الجزيرة ليست للبيع.
ولم تكن تلك أيضا المرة الأولى، فخلال ولايته الأولى، وتحديدا في 2019، تحدث ترامب في تصريحات له بشأن قيام الولايات المتحدة بشراء هذا الإقليم الواقع في القطب الشمالي، متحدثا عن "صفقة عقارية كبيرة" ذات "أهمية استراتيجية".
وأثارت تلك التصريحات أزمة دبلوماسية مع الدنمارك العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو).
«لعنة الموارد»
تضم غرينلاند مخزونات كبيرة من المعادن والنفط رغم أن التنقيب عن النفط واليورانيوم محظور في الجزيرة التي تحتل موقعا استراتيجيا في القطب الشمالي حيث توجد في الأساس قاعدة عسكرية أمريكية.
ونظرا لوجودها على مدار الأطماع، وخصوصا من قبل الصين وروسيا، يبدو أن ترامب يريد التحرك مبكرا في محاولة لضم الجزيرة وقطع الطريق على أي تحالفات محتملة مع «الأعداء».
فهذه الجزيرة العملاقة التي تعتبر الأكبر في العالم، تتمتع بنهار دائم لشهرين في العام، ويغطي الجليد نحو 80 في المئة من مساحتها.
لكن مع تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري، بات مراقبون يخشون من أن يدفع ذلك نحو ذوبان سريع للثلوج في القطب الشمالي مما يسهل الوصول إلى الموارد المعدنية للجزيرة.
وفي الواقع، لا يعتبر ترامب أول من وضع عينه على هذه الجزيرة، بل قد يكون فقط من الرؤساء القلائل الذين صرحوا بذلك علنا، ذلك أن واشنطن تنظر إليها منذ زمن بعيد باعتبارها مهمة استراتيجيا، وسبق أن أسست بها محطة رادار في ثول مع بداية الحرب الباردة.
بل قد يكون من اللافت معرفة أن أمريكا تبدي أهمية خاصة لهذي الجزيرة وهو ما برز في تقرير لخارجيتها صدر في 1867، أشار إلى مواردها الواعدة، وأن فكرة الاستحواذ عليها مثالية.
محطات
اكتشفها النرويجي إريك الأحمر في عام 982 وأطلق عليها اسمها الذي يرافقها لليوم، وقد حاول من خلاله أن يمنحها جاذبية أكبر.
وبعد 4 سنوات من ذلك، حاول الأحمر أن يبعث الحياة في تلك الأرض المتجمدة، حيث عاد إليها ومعه مستوطنون لكنهم سرعان ما غادروها.
في عام 1721، أقيمت أول مستوطنة دنماركية جديدة قرب العاصمة الحالية نوك.
لكن في 1940، أي خلال الحرب العالمية الثانية، احتل الألمان الدنمارك، فكان أن سارعت أمريكا لفرض حمايتها على الجزيرة طوال فترة الحرب.
وبحلول 1953، باتت غرينلاند رسميا جزءا من أراضي مملكة الدنمارك، وظلت على ذلك الحال إلى حدود عام 1979 حين حصلت على حكمها الذاتي بموجب استفتاء.
لكن في 2010، فاقمت دراسات مخاوف الجزيرة والبشرية بالتأكيد على أن جليد غرينلاند يذوب بمعدلات أسرع مما يرفع مستوى البحار والمحيطات.
aXA6IDE4LjExNy4xMS4xMyA= جزيرة ام اند امز