زيارة بايدن للمنطقة.. التوقيت والأهمية
في ظل أزمات إقليمية ودولية متسارعة يبدأ الرئيس الأمريكي، اليوم الأربعاء، جولة بمنطقة الشرق الأوسط، هي الأولى منذ توليه منصبه.
وتأتي الجولة قبيل انتخابات التجديد النصفي للكونجرس المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني، في محاولة لترميم شعبيته التي كشفت استطلاعات رأي أنها تتضاءل مع تزايد الضغوط على أمريكا بسبب ارتفاع التضخم بعد جائحة كوفيد وبعدها الحرب الروسية الأوكرانية.
وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأمريكي سيقوم بزيارة إلى منطقة الشرق الأوسط خلال الفترة من 13 إلى 16 يوليو/تموز الجاري تشمل إسرائيل وفلسطين والسعودية.
إعادة دفء العلاقات
وتعقيبا على أهمية الزيارة، قالت الباحثة في العلاقات الدولية مدير مكتب جريدة "الشرق الأوسط" بواشنطن هبة القدسي إن هناك أهمية كبيرة لزيارة بايدن منطقة الشرق الأوسط، والتي ستكون الأولى له منذ توليه منصبه في يناير/كانون الثاني 2021.
وأضافت، في تصريحات لــ"العين الإخبارية"، أن إدارة بايدن تستهدف إعادة دفء العلاقات مع دول المنطقة التي أزعجها الانسحاب الفوضوي من أفغانستان وشهدت عدة مواقف أمريكية متخاذلة تتعلق بإيران وتدخلاتها بالمنطقة، ورفع جماعة الحوثي من قائمة الإرهاب وعدم اتخاذ الإدارة أي خطوات فعلية فيما يتعلق بوعدها المتكرر في فلسطين بحل الدولتين.
وأوضحت أنه خلال الآونة الأخيرة بدأت دول المنطقة تميل إلى تعزيز العلاقات مع كل من الصين وروسيا، ما أثر بشدة على العلاقات مع الولايات المتحدة وعلى تقليص حجم وقدرة النفوذ الأمريكي في المنطقة، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة تريد تغير التصورات الإقليمية بأنها تنسحب من الشرق الأوسط.
سر التوقيت
وحول توقيت الزيارة، أكدت أنها تأتي في وقت تشهد فيه الولايات المتحدة تأثيرات متشابكة نتيجة فترة ما بعد تفشي وباء كوفيد 19 وتداعياته الاقتصادية السلبية وما تسبب فيه من تعطل سلاسل التوريد وزيادة توتر العلاقات مع الصين، ثم جاءت تأثيرات حرب روسيا وأوكرانيا لتضيف ثقلا جديدا على الاقتصاد الأمريكي وعلى أسعار الطاقة خاصة الوقود وارتفاع معدلات التضخم بشكل غير مسبوق منذ أربعين عاما.
وتابعت: "يواجه بايدن وحزبه الديمقراطي تحديات كثيرة في ظل غضب الناخب الأمريكي من زيادات الأسعار وارتفاع أسعار السلع والخدمات والبنزين، وهو ما سيشكل عبئا وتحديا في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأمريكي والذي يتوقع كثير من المحللين نجاح الجمهوريين في كسب مقاعد الأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ".
الضغط الأوروبي والنفط
وأوضحت أنه بعد دخول الحرب الروسية الأوكرانية شهرها الخامس فإن التحدي الذي يواجه بايدن هو الحفاظ على وحدة الموقف الأوروبي الأمريكي قبل أن يصرخ المواطن الأوروبي غضبا من الاحتياج للنفط والطاقة والأعباء المعيشية.
وبينت أن ملف النفط هو المحفز الجيوسياسي الاستراتيجي لرحلة بايدن، وسيكون على إدارته التصدي لنقص تدفق النفط والطاقة الروسية في الأسواق ولذا اتجه الرئيس بايدن بطريقة براجماتية إلى منطقة الخليج وبصفة خاصة المملكة العربية السعودية الغنية بالنفط والعضو النشط بمنظمة أوبك ومنظمة أوبك بلس لتضخ المزيد من الإنتاج في الأسواق بما يحقق استقرار الأسعار وخفض الاعتماد العالمي على صادرات الطاقة الروسية.
وأوضحت أنه أصبح على الرئيس بايدن أن يراجع تصريحاته السابقة تجاه المملكة، وأن يعيد حساباته وتوجهات بوصلة إدارته تجاه الشرق الأوسط.
إسرائيل وإيران
وأشارت إلى أن محطة بايدن الأولي ستكون إسرائيل، حيث يريد التشاور مع المسؤولين هناك حول ملف التصدي لاستفزازات إيران وما يتعلق بأمنها وسيكون هناك بالطبع إعلانات حول مساعدات اقتصادية وعسكرية تتعلق بتعزيز القدرات العسكرية الإسرائيلية.
ولفتت إلى أنه قد تتعزز هذه المساعدات العسكرية بشكل أكبر مع فشل الجولة الأخيرة من المحادثات غير المباشرة بين القوى الدولية وإيران في العاصمة القطرية الدوحة، والمراوغة التي تقوم بها طهران لكسب الوقت ومحاولة الحصول على تنازلات أكبر من الإدارة الأمريكية.
وأكدت أنه خلال زيارته لإسرائيل سيحاول مسؤوليها الحصول على وساطته لدى نظرائهم السعوديين لفتح المجال الجوي للطيران الإسرائيلي للمرور في الأجواء السعودية والتعاون في مواجهة الاستفزازات الإيرانية.
واعتبرت أنه "ضمن نتائج الزيارة سيكون زيادة التنسيق الإقليمي بشكل كبير بين الولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية والإمارات ومصر والأردن لمحاولة احتواء أية تداعيات من التوترات المتزايدة مع إيران".
وحول مقترح إنشاء "ناتو عربي إسرائيلي"، قالت "القدسي" إن إدارة بايدن تسعى إلى إعلان ما يسمى "Middle East Air Defense alliance" وهو ما صرح به بالفعل المتحدّث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، جون كيربي، الخميس، لافتا إلى أن الإدارة تريد إنشاء تحالف دفاعي جوي يضم عددا من دول الخليج وأيضا إسرائيل وقد سبق التحضير لذلك في لقاءات لمسؤولين كبار من دول المنطقة تحت شعار مناقشة التحديات.
وبينت أنه رغم بعض الشكوك في إمكانية إقامة هذا التحالف إلا أن هناك آمالا عالية في تنسيقات استخباراتية وأمنية خاصة بين الدول وقد سبقتها بالفعل تدريبات عسكرية موسعة وتبادل استخباراتي كبير.
حل الدولتين
وحول القضية الفلسطينية، أشارت القدسي إلى أن بايدن سوف يزور الضفة الغربية وسيلتقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس لتأكيد دعم إدارته لحل الدولتين، وربما يعلن بعض الخطوات المتعلقة بإعادة فتح القنصلية الأمريكية وبعض المساعدات التي ستذهب إلى منظمة الأونروا، في خطوات رمزية تروج لتصريحات الإدارة باهتمامها بتوفير الأمن والرخاء والاستقرار بالمنطقة.
وكشفت عن وجود تساؤلات داخل الأوساط الأمريكية إذا ما كان بايدن سيكون قادرا على النجاح في هذه القضايا المثيرة للجدل وتحقيق انتصارات سياسية قبل الانتخابات التشريعية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، في ظل استطلاعات الرأي التي تشير إلى انخفاض شعبيته أو لا.
aXA6IDE4LjExOC4xOTMuMjgg جزيرة ام اند امز