من واقع الجولة الخليجية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، والتي أعقبت الاعتداء الإسرائيلي على العاصمة القطرية الدوحة في سبتمبر الماضي..
وشملت كلا من مملكة البحرين، وسلطنة عُمان؛ بانت واتضحت المقاربة الخليجية في كيفية التعامل مع الأزمات التي ستأتي في عام 2026 من خلال استراتيجيتين هما:
التأكيد على أن "أمن الخليج واحد ولا يتجزأ" وأن استقرار هذه الدول هي مسؤولية أبنائه. والاستراتيجية الثانية أن الاعتماد على حليف دولي وحيد مهما بلغت مكانته وتاريخ علاقته بهذه الدول أمر فيه مغامرة سياسية غير محمودة العواقب على مصير المكتسبات التنموية التي حققتها هذه الدول.
ونحن نتحدث عن التطورات الأمنية التي حصلت في عام 2025 لا بد من التذكر بأن ما تعرضت له دولة قطر الشقيقة من استهدافين لسيادتها الوطنية وجاء الاستهداف الأول من جمهورية إيران الإسلامية في شهر يونيو عندما نشبت أول مواجهة عسكرية مباشرة بين إسرائيل وإيران، وحينها تصدت القوات الأمريكية والقطرية لتلك الهجمات. أما الاستهداف الثاني فقد جاء من إسرائيل في سبتمبر من العام 2025 ولم يتم التصدي له، رغم وجود القوات الأمريكية في الدوحة ووجود قواعد عسكرية أمريكية في مسار الطائرات الإسرائيلية.
وهذا الأمر أعطى إشارة ذات بعدين، أنه لم تعد أي من دول الخليج بمنأى عن الاستهداف العسكري وربما الاستهداف من قبل إسرائيل قد يكون هو الأكثر خطورة، باعتبار أن الحليف الأمريكي غض الطرف عن الصواريخ الإسرائيلية ولم يتصد لها كما فعل مع الهجمات الإيرانية.
هنا بدا أهمية وجود مقاربة خليجية جديدة أقرب إلى المقاربة الإماراتية التي جاءت على خلفية واقعة يناير 2022 من اعتداءات مليشيات الحوثي ويومها جاء الرد الأمريكي فاتراً ولا يليق بطبيعة التحالف الذي يربط الإمارات بالولايات المتحدة الأمريكية، فكان على الإمارات أن تتبع استراتيجية عدم الاعتماد على حليف دولي وحيد مع التأكيد على أولوية وطنية إماراتية في الحفاظ على أمنها على اعتبار أن الأمن الوطني للدول لا يمنح ولكن يتم إدارته من قبل أبنائه.
المقاربة الإماراتية والخليجية في التعامل مع الأزمات المحتملة خلال عام 2026 تتوافق مع استراتيجية الأمن القومي الأمريكي التي صدرت في 4 ديسمبر 2025 وهي أن المصلحة الوطنية هي التي تقرر من هو الحليف أو العدو وأن المسؤولية الدولية للولايات المتحدة الأمريكية التي جاءت بعد الحرب العالمية الثانية لم تعد موجودة، وعليه فإن على حلفاء أمريكا وضع التصورات المناسبة للحفاظ على استقرار دولهم والحفاظ على مكتسباتهم التنموية سواءً من خلال الشراكات الدولية ومن خلال الاعتماد على تأهيل القوات الوطنية الخليجية بالطريقة التي تردع من يفكر في الاعتداء عليها أو استهدافها.
الخليجيون عادة والإمارات بشكل أخص يرون في الأزمات الكبرى فوائد أبرزها أنها فرصة ومن الواجب انتهازها، وإذا كانت أزمة الاعتداء الحوثي فرصة لأن تدير الإمارات أمنها الوطني، فإن الأزمات التي مرت على منطقة الخليج العربي خلال عام 2025 تتطلب فرز الخليجيين للموقف من الحليف الدولي الوحيد وهو أمر مهم جداً باعتباره من الدروس المستفادة.
لهذا، جاءت المراجعة السياسية الخليجية بعد الاعتداء الإسرائيلي على الدوحة، وأنتجت هذه المراجعة بعض الأفكار الخليجية وهي تعزيز التعاون الدفاعي الخليجي البيني في مواجهة التحديات الأمنية من خلال زيادة حالات تبادل المعلومات الاستخباراتية، وأنتجت كذلك فكرة مضاعفة وتنوع حصص التدريبات العسكرية المشتركة لتوحيد العقيدة الدفاعية الخليجية بشكل أكبر، إضافة إلى العمل على تنويع الحلفاء الدوليين بعدما أصبح هناك "شك خليجي" بأن الهجمات الإسرائيلية لن تكون تحت المراقبة الأمريكية وقد جاءت أبرز تلك الاتفاقيات الدفاعية مع باكستان الدول النووية.
على كل، يوم الخميس القادم سيُسجل العالم بداية عام 2026 وسيحمل معه العديد من الملفات الأمنية بعضها بقيت مفتوحة منذ عام 2025 السؤال هنا، كيف ستتعامل دول مجلس التعاون الخليجي معها؟
الإجابة المباشرة، خبرة العقود الماضية في التعامل الخليجي مع هكذا أزمات زودتنا ببعض القراءات وهي: الحكمة الخليجية والمسؤولية الإنسانية الدولية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة