فنون إماراتية بالمؤتمر الخليجي الـ7 للتراث والتاريخ الشفهي بأبوظبي
المؤتمر يسعى لتسليط الضوء على دور دولة الإمارات بشكل عام، وأبوظبي بشكل خاص، في حفظ التراث والتاريخ الشفهي المحلي والعالمي
احتضنت العاصمة الإماراتية أبوظبي، الثلاثاء، فعاليات "المؤتمر الخليجي الـ7 للتراث والتاريخ الشفهي"، تحت رعاية وحضور الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح.
ويسعى المؤتمر الذي يقام هذا العام تحت شعار "زايـد والتسامح: ثقافة مجتمع ونهج قيادة"، احتفاء بعام التسامح، والذي تنظمه دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي بمنارة السعديات لمدة يومين، إلى تسليط الضوء على دور دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل عام، وأبوظبي بشكل خاص في حفظ التراث والتاريخ الشفهي المحلي والعالمي، والتأكيد على قيم التسامح في الموروث الوطني والتاريخ العريق للمنطقة.
حضر المؤتمر تركي الدخيل سفير المملكة العربية السعودية لدى دولة الإمارات، والدكتور يوسف عبدالله العبيدلي مدير عام مركز جامع الشيخ زايد الكبير بأبوظبي، وسيف سعيد غباش وكيل دائرة الثقافة والسياحة-أبوظبي، والقس بيشوي فخري أمين راعي كاتدرائية الأنبا أنطونيوس للأقباط الأرثوذكس بأبوظبي، والدكتور يوسف الحسن المفكر الإماراتي.
اشتملت فعاليات اليوم الأول للمؤتمر على العديد من جلسات العمل، تخللها عروض أداء من الفنون التقليدية الإماراتية، من بينها فن الربابة الذي قدمه مجموعة من الباحثين والمؤرخين والأكاديميين والمؤدين من دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين ودولة الكويت وسلطنة عمان.
وقال الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح، في كلمة له: "يسرني كثيراً أن أرحب بكم في المؤتمر الخليجي الـ7 للتاريخ والتراث الشفهي، وأن أعبر بذلك عن تقديري الكبير لما تؤكدون عليه من أن الوعي بالتاريخ والحفاظ على التراث هو طريقنا الأكيد إلى المستقبل، ويشكل مصدراً أساسياً لتشكيل الهوية، ومنبعاً ثرياً لإلهام الأجيال، ودعم قدرات مجتمعاتنا على التعامل الذكي والناجح مع كافة القضايا والتحديات، والانفتاح على العالم من حولنا بكل ثقة وعزم وتصميم".
وأضاف أن المؤتمر يؤكد أن تراثنا في الخليج له مكانة خاصة في حياتنا، وهي المكانة التي تعكس أمام العالم كله عراقة التاريخ وعمق الإنجازات، وتفرد الموقع الجغرافي، وما توافر لنا عبر الأزمنة والعصور من قيادات حكيمة وشعوب معطاءة.
واعتبر وزير التسامح أن المؤتمر يجسد واجباً وطنياً يحمله ويؤديه كل معتز بتاريخه، حريص على تراثه، غيور على أمته، مؤكداً ضرورة كتابة التاريخ وقراءته، وتجميع التراث وتوثيقه، وتنقيته من أية معلومات خاطئة أو تحليلات مضللة، إلى جانب السعي نحو الربط بين حلقاته وفصوله، وتوظيف دروس الماضي لتطوير الحاضر وتشكيل المستقبل.
وقال: "يركز المؤتمر هذا العام على زايد والتسامح: ثقافة مجتمع ونهج قيادة، وذلك احتفالاً واعتزازاً بعام التسامح في الإمارات، وبما يرتبط بذلك من إرث عظيم لمؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة المغفور له الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، هذا القائد المؤسس الذي أرسى دعائم هذا الوطن على أسس قوية جعلته اليوم وطنا للمعرفة والثقافة والتقدم والعمران".
وأضاف: "إن من نعم الله على الإمارات أن المغفور له الوالد الشيخ زايد كان دائماً رجل الحكمة، ورجل التقدم والسلام، وكان حريصاً كل الحرص على حماية وتعزيز التراث الوطني والقومي، بما يشتمل عليه هذا التراث من حضارة خالدة، وقيم أصيلة، ومبادئ إنسانية سامية، وكان يقول لنا إن الحفاظ على التراث الخالد والتقاليد العربية الأصيلة هو الطريق إلى الإسهام الفاعل في مسيرة العالم دون تشدد أو تعصب، ودون تحيز أو إسراف".
وقال: " كما استمعنا معا الآن إلى الحديث المسجل للقائد المؤسس، فإنه من الواضح تماما اهتمامه الكبير بالقيم الإنسانية النبيلة ودورها في تشكيل الحياة على أسس ثابتة من التعايش والتواصل الإيجابي بين الجميع من أجل تحقيق الخير والرخاء والاستقرار للجميع".
وأضاف: "قمنا في وزارة التسامح بدراسة مستفيضة لفكر وأعمال المغفور له الوالد الشيخ زايد في تعميق مبادئ التعايش والتسامح بين البشر، واعتمدنا على ذلك في إصدار تعريف واضح ومحدد عن عناصر التسامح التي أرساها القائد المؤسس في المسيرة الناجحة لدولة الإمارات، وهو التعريف الذي يحدد معاني التسامح في الإمارات ذاتها".
وأكد أنه "من المهم من وجهة نظري أن أقرأ ذلك عليكم اليوم لارتباطه الوثيق بموضوعات النقاش في هذا المؤتمر، أولاً: التسامح في فكر زايد وفي الإمارات هو تجسيد حي لتعاليم الإسلام الحنيف، وتعبير طبيعي عن الاعتزاز بعظمة التراث العربي والإسلامي، وعن الاعتزاز بالهوية الوطنية، وهو بذلك تسامح من الجميع مع الجميع دونما تفرقة أو تمييز بين بني البشر على أساس النوع أو الجنسية أو المعتقد أو الثقافة أو اللغة أو القدرة أو المكانة، هو تسامح يؤدي إلى التآلف والتراحم والحوار والتعايش بين الجميع من أجل منفعة الجميع
وتابع: "ثانيا: التسامح في فكر زايد وفي الإمارات هو الحياة في سلام مع الآخرين، واحترام معتقداتهم وثقافاتهم، وهو الإدراك الواعي بأن التعددية والتنوع في خصائص السكان هما مصدر قوة للمجتمعات البشرية، وأن هذه القوة تتحقق على أرض الواقع من خلال إتاحة الفرصة أمام الجميع للإسهام الكامل في مسيرة الوطن".
وواصل: "ثالثا: التسامح في فكر زايد وفي الإمارات يؤكد أهمية تنمية المعرفة بالبشر أجمعين، والانفتاح عليهم بإيجابية، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، والتخلص من الصور النمطية السلبية عن الآخرين، وهو بذلك دعوة إلى الجميع إلى تفهم العلاقات الإيجابية بين جميع الثقافات والمعتقدات، وإلى ما يؤدي إليه ذلك من اعتزاز بالثقافة والتراث وتواصل محمود بين الأفراد والشعوب".
واستكمل: "رابعا: التسامح في فكر زايد وفي الإمارات هو تعبير قوي من القيادة والشعب عن الحرص الكامل على توفير الحياة الكريمة لجميع السكان، القادة والشعب في الإمارات ملتزمون تماماً بالقيم النبيلة التي يشترك فيها جميع بني الإنسان، وبتحقيق العدل وسيادة القانون والتعايش السلمي بين الجميع، التسامح في الإمارات هو أسلوب ناجح للتعامل مع النزاعات، ونشر المحبة والسلام".
وأردف: "خامسا: التسامح في فكر زايد وفي الإمارات ليس فقط واجباً أخلاقياً بل هو كذلك أداة أساسية لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة والتقدم الاجتماعي والاقتصادي المنشود، وكذلك تأكيد الاحترام لمكانة الدولة في العالم- التسامح في الإمارات هو الطريق إلى بناء علاقات دولية إيجابية في عالم يتسم بالتنوع والتعددية في السكان والثقافات".
وأضاف أنه "من الواضح تماماً أن تجربتنا الناجحة في الإمارات إنما تؤكد أن تحقيق التسامح والتعايش في المجتمع، وما يصاحب ذلك من تلاحم مجتمعي قوي، ومنافع مهمة لجميع السكان، إنما يتطلب توافر عوامل متعددة، أهمها قيادة حكيمة، وشعب مسالم، حريصان معاً على تحقيق كل ما يرتبط بالتسامح، من نهضة مجتمعية واقتصادية شاملة، بالإضافة إلى تعاون مؤسسات المجتمع كلها في أداء دورها المرتقب في هذا السبيل بنجاح وإتقان".
وتابع: "هذا فضلا عن وجود تشريعات ملائمة تدعم تكاتف الجميع من أجل مكافحة التعصب والتطرف، بل كذلك بيئة مجتمعية متكاملة تحث على احترام الآخر، والتمسك بالقيم والمبادئ الإنسانية التي يشترك فيها البشر في كل مكان".
وأكد: "إننا نحمد الله سبحانه وتعالى أننا في دولة الإمارات الرائدة، وفي ظل القيادة الحكيمة للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، إنما نسير بكل ثقة وتصميم على خطى مؤسس دولة الإمارات العظيم نؤكد بالقول والعمل التزامنا القوي بأن يكون التعايش بين البشر والاحترام المتبادل بينهم أسلوب حياة في هذا الوطن العزيز، حتى أصبحت الإمارات وبحمد الله مجالاً طبيعياً للتعايش والتسامح، يتسم بالاعتزاز العميق بالهوية الوطنية والتمسك بالمبادئ والمعتقدات، والارتباط بالتاريخ والتراث، والقدرة على التعامل الناجح والمثمر بين الجميع ومع الجميع".
وقال وزير التسامح: "وهنا يشرفني أن أشير بصفة خاصة إلى المبادرة التاريخية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بدعوته الكريمة لقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، لزيارة أبوظبي وإصدارهما وثيقة أبوظبي للأخوة الإنسانية، التي هي وعن حق رسالة سلام ومحبة للعالم كله من أرض الإمارات الطيبة، من أجل أن يعمل البشر جميعاً معاً من أجل الخير والتقدم في ربوع العالم أجمع".
ونوه بأن هذه الوثيقة التاريخية أكدت أن تنمية قيم التسامح والتعايش والأخوة الإنسانية، تتطلب من الجميع عملاً مستمراً، وجهداً متواصلاً، ينبع من اعتزاز قوي بهذه القيم والمبادئ، وثقة كاملة بمستقبل العالم، بل من حرص أكيد على بناء قنوات فعالة للعمل المشترك عبر الثقافات والمعتقدات من أجل تحقيق التقدم والسلام في كافة ربوع العالم.
وقال سيف سعيد غباش، وكيل دائرة الثقافة والسياحة-أبوظبي: "يدرج هذا المؤتمر ضمن الأنشطة والفعاليات الثقافية والتراثية التي نقوم بها في دولة الإمارات العربية المتحدة، بناء على توجيهات قيادتنا الرشيدة، بتسمية هذا العام عام التسامح، لإبراز دور الباني المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في غرس قيمه الأصيلة في ثقافتنا، وسلوكنا لتكون أرض الإمارات مهداً للتسامح، وليكون شعب الإمارات نموذجا للعيش المشترك والحوار، والاعتدال، والانفتاح على كل الثقافات".
وأضاف: "تأسيس وزارة للتسامح في دولة الإمارات الغالية توجه هادف لإحياء تراث التسامح الذي عرفه شعب الإمارات والشعوب الخليجية منذ القدم، وخطوة جادة لاستدامة الصفحات المشرقة التي سطرها قادة الإمارات وأبناؤها في مجال التسامح، والتي تضيف إليها قيادتنا الرشيدة عبر وزارة التسامح، وغيرها من الوزارات والهيئات والمؤسسات صفحات أخرى، تجعل الإمارات في طليعة دول العالم، التي تقرن شعار التسامح وقيمه الأصيلة بالممارسات اليومية وفاءً لرائد التسامح الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان".
وأكد: "ما من شك بأن هذا المؤتمر سيكون رافداً مهماً لكل الجهود التي تبرز قيمة التسامح في التراث الخليجي، وتراث دولة الإمارات العربية المتحدة على وجه الخصوص، ومؤشرا قويا على سعينا المشترك لاستدامته في مسيرتنا الحضارية والإنسانية".
وألقى الدكتور عائض الزهراني كلمة دول مجلس التعاون الخليجي العربي، وقال فيها: "في هذه اللحظة نضيء قناديل التسامح عملاً وسلوكاً، ومصابيح الفكر المشعة فجراً ونوراً، عندما أنشأ الإسلام حضارته، لم يضق ذرعا بالأديان السابقة، بل اتسع صدره للأديان الأخرى، وظل هذا التسامح منهجية دين، وشرعة حضارة، على مدار تاريخنا وانتهجنا تعزيز التعايش السلمي بين الأمم".
وأضاف: "يكتسب التسامح أهمية خاصة إذا كان على هؤلاء الذين يحملون قناعات دينية، وأيديولوجية وسياسية مختلفة، أن يعيشوا معاً في مجتمع تعددي، فالتسامح الديني الذي تنبع أهميته من كونه ذا بعد وجودي ضرورة وجود نفسه، وهذا التنوع بين الناس يمثل ضرورة اقتضتها الفطرة الإنسانية، يقتضي التعايش، لا التصارع"، مستشهداً بنص للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي آمن بأن التسامح حجر الزاوية في بناء الأمم والمجتمعات عندما قال: "إن نهج الإسلام هو التعامل مع كل شخص كإنسان بغض النظر عن عقيدته أو عرقه".
وأشار الزهراني إلى أن مبدأ التسامح الضارب بجذوره في أعماق ثقافة وتراث وتقاليد المجتمع الإماراتي الذي يستمد نهجه من الدين الإسلامي والتقاليد العربية الأصيلة، والقيم الحضارية والإنسانية الراقية، سار على نهجه أبناؤه بطرح المبادرات العظمى والمشاريع الكبرى المتنوعة لتصبح الإمارات جسرا للتواصل بين شعوب العالم، فقد أعلن الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، عام 2019 عاما للتسامح، مرسخاً مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة عاصمة عالمية للتسامح.
واستشهد بنص للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، عندما قال: "إن ترسيخ التسامح هو امتداد لنهج زايد، وهو قيمة أساسية في بناء المجتمعات واستقرار الدول وسعادة الشعوب، وأهم ما يمكن أن نغرسه في شعبنا هو قيم وإرث زايد الإنساني وتعميق مبدأ التسامح لدى أبنائنا".
aXA6IDE4LjExNy4xMDUuMjMwIA== جزيرة ام اند امز