هجوم خليج عمان.. 5 دلائل على تورط إيران
خليج عمان الاستراتيجي في مرمى العبث الإيراني، حيث تم استهداف 6 ناقلات نفط خلال شهر.
أعاد استهداف 6 ناقلات نفط خلال شهر في خليج عمان تركيز الضوء على أمرين مهمين مرتبطين ببعضهما، أولهما الأهمية الاستراتيجية لخليج عمان كممر بحري يستحوذ على 40% من حركة نقل صادرات النفط في العالم.
والأمر الثاني هو التأكيد على الحاجة الملحة لتحرك دولي جاد وعاجل لحماية الملاحة الدولية، وردع العابثين بأمن إمدادات الطاقة في العالم، وتهديد سلامة الملاحة البحرية وحركة التجارة العالمية، وسط دلائل متزايدة على تورط إيران وأذرعها في تلك الهجمات.
وتعرضت ناقلتا نفط إحداهما ترفع علم جزر مارشال واسمها "فرنت ألتير"، والأخرى اسمها "كوكوكا كاريدجس" وترفع علم بنما، لاستهداف في خليج عمان، الخميس، وذلك بعد أقل شهر من تعرض 4 ناقلات نفط إلى عمليات تخريبية خارج المياه الإقليمية للإمارات في خليج عمان.
5 دلائل
وتوجد 5 دلائل قوية على تورط إيران في استهداف ناقلات النفط الست، ولا سيما بعد ظهور أدلة حاسمة على تورطها في هجمات أمس، يمكن توضيحها فيما يلي:
1- إعلان رئيس شركة كوكوكا سانجيو المشغلة لناقلة النفط اليابانية كوكوكا كاريدجس، الجمعة، إن طاقم الناقلة شاهد سفينة للجيش الإيراني قبل الحادث بيوم واحد، وبين أن الناقلة تضررت من أشياء طائرة وأنها تتحرك بسلام باتجاه خورفكان بالإمارات.
2- قيام الجيش الأمريكي، في وقت مبكر من صباح الجمعة، ببث تسجيل مصورا يثبت تورط إيران في استهداف ناقلتي نفط، في خليج عمان.
ويظهر التسجيل الأمريكي، عناصر من مليشيا الحرس الثوري الإيراني وهي تزيل لغما لم ينفجر من جانب إحدى الناقلتين، فضلا عن صورة تظهر لغما فيما يبدو قبل إزالته.
وقال بيل أوربان، المتحدث باسم القيادة المركزية للجيش الأمريكي في بيان: إنه "عند الساعة 4:10 مساء بالتوقيت المحلي اقترب قارب دورية تابع للحرس الثوري الإيراني من الناقلة كوكوكا، وجرت ملاحظة وتسجيل إزالة لغم لم ينفجر من كوكوكا كاريدجس".
دليل الجيش الأمريكي استبقه تأكيد وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، الخميس، بأن "إيران هي من ارتكبت الهجوم ضد ناقلتي النفط في خليج عمان".
وأوضح بومبيو أن التقييم أن إيران وراء الهجوم على ناقلتي النفط يستند إلى معلومات من المخابرات، شارحاً أن نوع الأسلحة وأسلوب الهجوم ومعلومات المخابرات، تؤكد تورط إيران.
وقال بومبيو : "هذا التقييم يستند إلى معلومات مخابرات ونوع الأسلحة المستخدمة ومستوى الخبرة اللازمة لتنفيذ هذه العملية والهجمات الإيرانية المشابهة التي وقعت في الآونة الأخيرة على قطاع الشحن، وحقيقة أنه لا توجد مجموعة تعمل بالوكالة في تلك المنطقة تملك الموارد أو الكفاءة للتحرك بهذه الدرجة العالية من التطور".
التقييم الأمريكي حظي بتوافق بريطاني، حيث حذر وزير الخارجية البريطاني جيريمي هنت، إيران من الأفعال غير الحكيمة، متهما طهران بالضلوع في الهجوم على ناقلتي نفط في خليج عمان.
وقال "هنت" في بيان: "هذا أمر مقلق للغاية، ويأتي في وقت يشهد توترا كبيرا بالفعل. لقد كنت على اتصال مع وزير الخارجية الأمريكي، وفي حين سنقوم بإجراء تقييمنا الخاص بوعي وعناية، من الواضح أن نقطة البداية بالنسبة لنا تتمثل في تصديق حلفائنا الأمريكيين".
وأضاف أنه يجب أخذ هذا الأمر على محمل الجد، ورسالتي إلى إيران أنها إذا كانت متورطة، فهذا تصعيد غير حكيم للغاية يشكل خطرا حقيقيا على آفاق السلام والاستقرار في المنطقة".
3- تأكيد المتحدث باسم قوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، العقيد الركن تركي المالكي، إن بوسعه ربط حادث استهداف ناقلتي النفط في خليج عمان بهجوم آخر نفذته مليشيات الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران العام الماضي.
وفي شهر يوليو 2018، نفذت مليشيات الحوثي الانقلابية هجوما على ناقلة نفط سعودية في مياه البحر الأحمر، ما أحدث أضرارا بها كادت تتسبب في كارثة بيئية.
4- تلك الأدلة تضاف إلى أدلة عديدة سبق أن قدمها المندوبون الدائمون لدولة الإمارات والسعودية ومملكة النرويج لدى الأمم المتحدة في طلب الإحاطة إلى أعضاء مجلس الأمن 7 يونيو/ حزيران الجاري، بشأن الهجمات التي استهدفت 4 نفلات نفط 12 مايو/أيار الماضي، وأكدوا فيها أن"الهجوم يحمل بصمات عملية متطورة ومنسقة تقف وراءها دولة على الأرجح".
وكشفت التحقيقات عن أن الطرق المنسقة والمعقدة التي استخدمتها الجهة المتورطة لتنفيذ هذه الاعتداءات، تتطلب قدرات استخبارية للاختيار المتعمد لأربع ناقلات نفط من بين 200 سفينة من مختلف أنواع السفن التي كانت ترسو خارج المياه الإقليمية الإماراتية وقت وقوع الهجمات، الأمر الذي يؤكد أن هذه الهجمات كانت متعمدة، وتم التخطيط لها، ولم تكن أهدافا تم اختيارها بشكل عشوائي.
كما تطلبت الهجمات الإرهابية الاستعانة بغواصين مدربين من أجل إلصاق الألغام بالناقلات المستهدفة بدقة عالية تحت سطح الماء لتجعلها عاجزة عن الحركة دون إغراقها أو تفجير حمولتها، مما يدل على المعرفة الدقيقة بتصاميم الناقلات المستهدفة.
وكشفت التحقيقات أيضا عن أن تلك الهجمات تطلبت درجة عالية من التنسيق بين عدة فرق لتفجير الألغام الأربعة بصورة متزامنة ومتتابعة خلال فترة تقل عن ساعة.
كما تطلبت العملية الخبرة الملاحية العالية في مجال استخدام القوارب السريعة بحيث تمكن الجناة من دخول المياه الإقليمية لدولة الإمارات، والتسلل بعد الانتهاء من عملية تفجير الألغام.
رغم تأكيد نتائج التحقيقات الأولية في الهجوم على 4 سفن تجارية خارج المياه الإقليمية للإمارات، ضلوع دولة وراء الهجوم دون الإشارة بصورة مباشرة إليها، إلا أن المندوب السعودي الدائم لدى الأمم المتحدة عبدالله المعلمي، كشف عن أن إيران هي من تقف وراء الهجوم.
5- السجل الأسود لإيران وأذرعها ومليشياتها في تهديد الملاحة الدولية وتهديد أمان إمدادات الطاقة، سواء عبر استهداف ناقلات النفط وسفن التجارة في الخليج العربي وبحر العرب، إضافة إلى تهديده أكثر من مرة بغلق مضيق هرمز الاستراتيجي، كان آخرها في 28 أبريل/نيسان الماضي، حين هدد النظام الإيراني بغلق مضيق هرمز الاستراتيجي، إذا واجه مزيدا من العقوبات الأمريكية على طهران.
والمتتبع للهجمات السابقة التي تقف وراءها إيران أو أذرعها يلاحظ أن طهران دائما ما تفتعل أزمات حول الملاحة البحرية في كل من مضيقي هرمز وباب المندب للتهرب من الأزمات الداخلية والتطورات المرتبطة بإعادة فرض العقوبات الدولية على طهران.
ودخل مطلع شهر مايو/أيار الماضي، قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "تصفير" النفط الإيراني، موضع التنفيذ، مع نهاية مهلة منحتها واشنطن لعدد من الدول للامتناع عن استيراد نفط طهران؛ ما يزيد الصعوبات الاقتصادية، التي تواجه إيران في ظل الاعتماد على النفط مصدراً رئيسياً للتدفقات الأجنبية.
وتقود السعودية، أكبر مصدر للنفط بالعالم، تحالفاً يضم الإمارات والولايات المتحدة، للحفاظ على توازن الأسواق النفطية بعد التطبيق الكامل للعقوبات الأمريكية ضد إيران.
الأهمية الاستراتيجية لخليج عمان
العمليات التخريبية والهجمات الإرهابية التي استهدفت 6 ناقلات نفط في خليج عمان، أعادت تركيز الضوء على الأهمية الاستراتيجية لخليج عمان، والذي يعد ممرا بحريا للشحن الدولي، يستحوذ على 40% من حركة نقل صادرات النفط في العالم، كونه يربط بحر العرب بمضيق هرمز والخليج العربي.
ويبلغ طول الخليج نحو 480 كيلومترا، وعرضه نحو 320 كيلومترا. ويبلغ عمق مياهه نحو 3350 مترا.
ويحاذي خليج عُمان باكستان وإيران من الشمال، والإمارات من الغرب، وسلطنة عمان من الجنوب.
موقعه الاستراتيجي جعله ممر شحن دوليا حيويا مهما، لصادرات النفط العالمية والتجارة بين الشرق والغرب، كون مياهه العميقة تسمح بمرور ناقلات النفط من جانب، ومن جانب آخر كونه معبرا إلزاميا لنفط الخليج المنقول بحرا عبر هرمز، وكذلك المنقول برا وصولا إلى ميناء الفجيرة.
تحرك دولي عاجل
تلك الأهمية الاستراتيجية لخليج عمان، جعلت تأمين حرية الملاحة عبره أمرا يستلزم تحركا دوليا عاجلا وجادا، وخصوصا في ظل تكرار العبث الإيراني وتهديد أمن وسلامة الملاحة الدولية، واستهداف أمان إمدادات الطاقة للعالم، الأمر الذي ينذر بنتائج وخيمة يمتد أثرها على العالم أجمع، إذا لم يتم التصدي بشكل جماعي وحازم وحاسم لردع من يقف وراء تلك الهجمات، ومن هنا يأتي أهمية تضافر الجهود الدولية لمنع أي تهديد لأمن وسلامة حركة الملاحة البحرية وحماية، وضمان أمن إمدادات الطاقة للعالم.
aXA6IDE4LjIyNS4xOTUuMTUzIA== جزيرة ام اند امز