لقد فشل مجلس الأمن في منع الظلم الواقع على الفلسطينيين وفشل في إيجاد حل للقضية الفلسطينية.
لا تزال المنظمة الأولى المعنية بشؤون الأمم تراوح مكانها فيما يتصل بالقضايا الأمنية الإنسانية الملحة وعلى رأسها قضية حق الفلسطينيين في العيش بأمن وسلام.. وما خرج به الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس من مقترحات تفسر هذه المراوحة.
اقتراحات جوتيريس -التي لا جديد في جوهرها عما تحدث عنه الجميع لعقود- على الرغم من سهولة التكهن بنتائجها بناء على ما سبق من تصرفات مكبلة بقانون أممي منقوص الكفاءة يؤدي كعادته للرفض المحتوم لحظة الاصطدام بجدار الفيتو الأمريكي.
حديث جوتيريس عن إرسال مزيد من المراقبين التابعين للأمم المتحدة أو ممن لا يتبعون للمنظمة الأممية يدل على حجم الفشل الذريع الذي تغرق فيه الأمم المتحدة، وكأن الحال بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلي طبيعية لدرجة ألا يتمكن معها أحد من ملاحظة الظلم الواقع على شعب بأكمله.. وهذا هو المقترح الأقرب للمرور في مجلس الأمن أو يمكن تطبيقه بناء على قرارات أممية سابقة.
لماذا لا تستحدث الأمم المتحدة آلية جديدة يكون بموجبها حق نقض القرارات مغلظا.. فيلزم أن يصوت عضوان أو ثلاثة من أعضاء المجلس الدائمين إضافة إلى عضو غير دائم لإبطال مفعول قرار أممي من شأنه إحلال السلم والأمن الذي هو عنوان المجلس ومهمته الأساسية
أما حديثه عن ضرورة إيجاد آلية للحماية الدولية ففيه إقرار صريح بأن الوضع غير طبيعي ويستلزم تحركا فوريا لضمان حق مسلوب من الفلسطينيين.. وليته تحدث بشكل أو بآخر عن ضرورة ضمان ألا يصطدم هذا الحق بالفيتو الأمريكي أو غيره عبر نظام أممي خال من العيوب.
لماذا لا تستحدث الأمم المتحدة آلية جديدة -تخص الدول الواقعة تحت الاحتلال على الأقل- يكون بموجبها حق نقض القرارات مغلظا.. فيلزم أن يصوت عضوان أو ثلاثة من أعضاء المجلس الدائمين إضافة إلى عضو غير دائم لإبطال مفعول قرار أممي من شأنه إحلال السلم والأمن الذي هو عنوان المجلس ومهمته الأساسية.. لأن هذا "الحق" وللأسف الشديد بات مجرد ورقة سياسية رابحة يلعبها من يشاء وقتما شاء وكيفما شاءت مصالحه دون أدنى مراعاة لحق الأبرياء في الحياة بسلام.
قد يبدو الاقتراح مجرد فكرة جديدة للوهلة الأولى، ولكنه ليس كذلك فمنذ سنوات قليلة وتحديدا في ألفين وثلاثة عشر رفضت السعودية العضوية غير الدائمة في المجلس في رد فعل قوي وجريء وغير مسبوق اعتراضا على آلية عمل المجلس في القيام بواجباته في حفظ الأمن والسلم الدوليين لا سيما فشل المجلس في منع الظلم الواقع على الفلسطينيين وفشلها في إيجاد حل للقضية الفلسطينية، إضافة إلى فشلها في إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل.
هذا الاعتراض الذي اتسم بقوة لهجته دفع بفرنسا إلى التضامن مع الموقف السعودي بل اقتراح تعديل لآلية حق النقض وقد كان المقترح يتضمن إيجاد وسيلة لإيقاف فعالية حق النقض في حالة حدوث مجازر واسعة في بلد ما في العالم، ولا يفوتني أن أشير إلى أن من قدم المقترح هي دولة دائمة العضوية في المجلس أي أنها تعترف وتقر صراحة بفشل آلية المجلس، ويمكن الاستناد إلى ذلك الموقف في إيجاد طريقة لعرض قوانين عمل المجلس للتصويت المباشر أو الطعن في مشروعيتها وبالتالي إيجاد مخرج من هذا المأزق الذي يتسبب في نتائج كارثية كل يوم.
أستغرب كثيرا حين يتجاهل الأمين العام للأمم المتحدة حديثا ومقترحا كهذا من دولة تتمتع بعضوية دائمة في المجلس.. إضافة إلى موقف لن يتمكن أحد محوه من الذاكرة.. وهل هناك من تبرير لهذا التجاهل؟
ماذا لو تطرق جوتيريس إلى المقترح الفرنسي وضمنه في تقريره.. كان ليبرأ ساحته على أقل تقدير.. حتى لو لم يتجاوز الأمر جلسة تصويت في الجمعية العامة.. لكنني أراهن أنها كانت ستكون جلسة تاريخية بامتياز.. فهل تعرض جوتيريس إلى أي نوع من أنواع الضغوط؟ ومن مارس عليه ذلك الضغط؟ وهل هناك من أمل لإصلاح ما فسد في مجلس الأمن؟
ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة