هل يدخل حفتر طرابلس؟ خبراء يجيبون "العين الإخبارية"
فوضى تعيشها العاصمة الليبية جراء انتشار المليشيات وتزايد العمليات الإرهابية لداعش، تثير التساؤلات حول الدور المرتقب للجيش
في ظل الفوضى التي تعيشها العاصمة الليبية طرابلس من انتشار للمليشيات وتزايد العمليات الإرهابية، يرى البعض أن تدخل الجيش الوطني الليبي سيضع حدا لتدهور الأوضاع الأمنية المتفاقم، في حين يعتقد آخرون أنه سيفاقم الأزمة بشكل أكبر.
وبناءً عليه تتزايد التساؤلات حول مدى اعتزام الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر لدخول طرابلس، وهل ستكون الخطوة باجتياح مباشر أم عبر قوات اجتماعية أو عسكرية يندرج ولاؤها له؟
رغبة معلنة في تحرير العاصمة
رغبة الجيش الوطني الليبي في دخول طرابلس وتحريرها ليست خافية، وتم إعلانها على لسان أكثر من مسؤول بالمؤسسة العسكرية، حتى أن حفتر نفسه لوح باستعداد قواته لدخول العاصمة، منذ أن أحكم الجيش الوطني سيطرته على مدينة بنغازي، شرقي البلاد.
وتكرر الأمر وبصورة أكثر إيضاحا، حينما قال حفتر في سبتمبر/أيلول الماضي أثناء اشتباكات هي الأعنف بين المليشيات في العاصمة: "هذه الأزمة في طرابلس لا بد أن تنتهي في أقرب وقت، ولا يمكن أن نصمت أمام الوضع الحالي، وتحرير طرابلس وفق خطة عسكرية مرسومة خيار لا مناص منه".
وشهدت العاصمة الليبية منذ 26 أغسطس/آب الماضي اشتباكات هي الأعنف بين المليشيات المتمركزة في طرابلس والمنطقة الغربية واستمرت لنحو شهر.
ولم تعد أعمال الفوضى في طرابلس مقتصرة على اشتباكات المليشيات، لتشهد العاصمة نحو 3 عمليات إرهابية كبرى في مؤسسات حيوية، تبناها تنظيم داعش الإرهابي، خلال عام 2018، في المفوضية العليا للانتخابات (مايو/اّيار 2018) والمؤسسة الوطنية للنفط (سبتمبر/أيلول 2018) ومقر وزارة الخارجية (ديسمبر/كانون الأول 2018).
"العين الإخبارية" استطلعت آراء خبراء ليبيين أكدوا أن دخول حفتر للعاصمة وإن كان "هاما لإعادة الأمن للعاصمة، لكنه "محفوف بالعقبات".
صعوبات على طريق التحرير
العربي الورفلي، الباحث السياسي الليبي يقول إن الجيش يحظى بدعم شعبي كبير في المنطقة الغربية وطرابلس لأن الناس ترى فيه "المنقذ لهم من ضنك العيش، فهم يدعمونه بشكل كبير".
وتابع الورفلي، في حديثه مع " العين الإخبارية"، أن هناك خططا يعمل بموجبها الجيش من أجل إنهاء سيطرة المليشيات خاصة داخل مدينة طرابلس، مستدركا أن خطة دخول العاصمة "ليست جاهزة".
وأوضح أن أبرز الصعوبات التي تعوق دخول الجيش لطرابلس هو وجود أطراف دولية تقف خلف المليشيات خاصة داخل مدينة مصراتة التي بها قوات ومليشيات مدعومة من تركيا وقطر.
وأضاف الورفلي: "قرار دخول طرابلس وتحريرها والسيطرة عليها ليس من السهل اتخاذه وتنفيذه، فيجب أن يكون هناك توافق دولي خاصة وأن هذه الأطراف لا تريد نشوب حرب داخل العاصمة وإنهاء سلطة المجلس الرئاسي الذي تدعمه".
التوافق الدولي ضرورة
ويرى عاطف الحاسية، عضو التكتل المدني الديمقراطي، أن هناك متغيرات كثيرة لابد أن يضعها الجيش في الاعتبار عند محاولة دخول طرابلس مثل سيطرة المليشيات، ما قد يؤدي لحدوث مواجهة بينهما.
ودعا الحاسية، في تصريحاته لـ "العين الإخبارية" إلى ضرورة وجود توافق قبل دخول طرابلس، موضحا أن هناك اتفاقات يجريها الجيش مع بعض العسكريين في الغرب الليبي.
وذكر بأن الهدف الرئيسي للجيش منذ تحرير مدينة بنغازي هو جمع السلاح من يد المليشيات.
وأشار عضو التكتل المدني الديمقراطي إلى أن بيان البعثة الأممية لدى ليبيا (حول عملية الجيش في منطقة السدادة) بـ "الروتيني الذي لا يغير شيئا على الأرض ولا يحمل الكثير.
وزاد: "البعثة تصدر هذه البيانات حتي لا يحدث مواجهات بين أطراف وأخرى".
واعتبرت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا عملية مطاردة الجيش الوطني الليبي لعصابات الإرهابي إبراهيم الجضران في منطقة السدادة، التي تبعد نحو ٢٠٠ كم عن العاصمة بـ "اللعب بالنار".
مراقبون أشاروا إلى أن عملية السدادة بمثابة جس نبض من الجيش للمجتمع الدولي في حال إقدامه على أي عملية في المنطقة الغربية أو طرابلس بالأخص.
الأجواء الشعبية مواتية
واعتبر الحاسية أن الأجواء الشعبية مواتية لدخول الجيش إلى طرابلس في الغرب الليبي، مؤكدا: "من الناحية الشعبية الأرضية جاهزة لكن سيطرة المليشيات قد تعرقل ذلك".
ويقول محمد العباني، أستاذ القانون والإدارة وعضو مجلس النواب الليبي السابق، أن أهل طرابلس يستطيعون إذا رغبوا دخول الجيش أن يدعموه، مضيفا: "ما عليهم إلا الانتفاضة على سلطة الأمر الواقع وسيجدون حفتر سندا وداعما للتخلص من المليشيات".
وتابع في حديث لـ "العين الإخبارية": "السراج لا يهيمن على طرابلس، المليشيات هي التي تهيمن عليها لن تسمح لحفتر بالدخول، لكنه على وشك دخول العاصمة ولن ينتظر الدعوة إلا من أهلها الذين ضاقوا ذراعا بالسراج والإرهابيين الذين يدنسون مدينتهم ويعيثون فيها فسادا".
تحركات على الأرض
من جانبه، اعتبر الباحث السياسي الليبي إبراهيم بلقاسم أن هناك رغبة دولية لاستقرار الأوضاع في طرابلس، مشيرا إلى تصريحات لمسؤول أمريكي عن قرب عودة سفارة بلاده إلى ليبيا.
وتابع بلقاسم في تصريحات لـ "العين الإخبارية" أن دخول الجيش العاصمة يحتاج لموافقة وتنسيق دولي، مشيرا في السياق ذاته إلى تحركات وخطط لطرد الجماعات المسلحة منها.
وأوضح تلك التحركات، مشيرا إلى قيام الجيش بإعادة فتح بعض المعسكرات التابعة له في طرابلس والمنطقة الغربية، فضلا عن تحالفات جديدة يقوم بها مع بعض القوى العسكرية النظامية في المنطقة الغربية.
وأشار إلي أن القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر يرى "ضرورة إخراج المليشيات من طرابلس باحتوائها ودمج أفراد منها وتسريح البقية، وفقا للآليات المتبعة في القيادة العامة أو استخدام القوة لمواجهة أي مجموعة تهدد الأمن السلم الأهلي".
آلية مختلفة للدخول
ولفت بلقاسم إلي أن إمكانية دخول طرابلس موجودة، لكن آليتها تختلف، موضحا أن قوي تابعة للجيش وموجودة بالفعل في الضواحي ستقوم بإحلال الأمن في أجزاء من العاصمة نظرا للوضع الأمني المتردي فيها.
وتوقع وجود قوات تابعة للقيادة العامة للجيش في طرابلس، مشيراً إلى أنها قوة محدودة العدد والأهداف في إطار القيام بأدوار التعاون المشترك مع الأجهزة الأمنية في عملية فرض الاستقرار على المناطق المتواجدة فيها بفاعلية أكبر".
يشار إلى أن رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج كان قد دعا المشير حفتر، على خلفية مؤتمر باليرمو (عقد يومي ١٢ و١٣ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي) لزيارة طرابلس، في حين ردت القيادة العامة للجيش بأنهم سيدخلونها في التوقيت الذي "يرونه مناسبا".
تلك الدعوة فسرها الكاتب والباحث السياسي الليبي جبريل العبيدي، في حديثه لـ "العين الإخبارية" بأنها "رسالة للمليشيات في طرابلس بأن الأمور تغيرت وأن المشير حفتر مرحب به من قبل رئيس المجلس الرئاسي على أقل تقدير".
واعتبر العبيدي أن الدعوة رسالة للمليشيات أكثر من كونها طلبا رسميا، مستدركا أنه "يمكن النظر إليها على أنها سياسة جديدة ينتهجها السراج، وإن كانت بطيئة للتخلص من ثقل المليشيات التي كانت ولا تزال تكبل حركته.. ولا منقذ ولا مخلص لليبيا من عبثها إلا بجيش وطني قوي بدأت نواته من الرجمة شرق بنغازي بقيادة المشير حفتر ورجاله".