مشعر مِنَى.. مجمع الحجاج ومشهد البيعتين
يتجمع فيه وفود الرحمن سنوياً، في أيام معدودات طمعاً وأملاً في نيل مغفرة رب العباد، فيه رمى نبي الله إبراهيم عليه السلام الجمار، وذبح فدي إسماعيل عليه السلام، وشهد أديم أرضه بيعتي العقبة الأولى والثانية، وفوق ثراه بُني مسجد العقبة.
إنه مشعر منى الواقع بين مكة المكرمة ومشعر مزدلفة على بعد 7 كيلومترات شمال شرق المسجد الحرام، ويعد داخل حدود الحرم، وهو وادٍ تحيط به الجبال من الجهتين الشمالية والجنوبية، ولا يُسكَن إلا مدة الحج، ويحَدُّه من جهة مكة المكرمة جمرة العقبة، ومن جهة مشعر مزدلفة وادي محسّر، ويعد أكبر المشاعر مساحة في مكة المكرمة.
ويرجع المؤرخون تسمية (مِنَى) إلى أنها أتت لما يراق فيها من الدماء المشروعة في الحج، وقيل لتمني آدم فيها الجنة، ورأى آخرون أنها لاجتماع الناس بها، والعرب تقول لكل مكان يجتمع فيه الناس مِنَى.
وبمِنَى رمى إبراهيم عليه السلام الجمار، وذبح فدية لابنه إسماعيل عليه السلام، وفيه قال عزّ وجل (( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاء الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ )).
ويقضي الحاج بمِنَى يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة ويستحب فيه المبيت تأسيا واتباعاً لسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وسمي بذلك لأن الناس كانوا يتروون فيه من الماء ويحملون ما يحتاجون إليه، وفي هذا اليوم يذهب الحجيج إلى مِنَى ،إذْ يصلي الناس الظهر والعصر والمغرب والعشاء قصراً بدون جمع.
ويعود الحجاج إلى مِنَى صبيحة اليوم العاشر من ذي الحجة بعد وقوفهم على صعيد عرفات الطاهر، يوم التاسع من شهر ذي الحجة ومن ثم المبيت في مزدلفة.
ويقضون في مِنَى أيام التشريق الثلاثة لرمي الجمرات الثلاث مبتدئين بالجمرة الصغرى ثم الوسطى ثم الكبرى، ومن تعجل في يومين فلا إثم عليه.
وكما جاء في القرآن الكريم (( وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ )) والمقصود بها مِنَى المكان الذي يبيت فيه الحاج ليالي معلومة من ذي الحجة يوم العيد وأيام التشريق الثلاثة بعده.
وسُميت هذه الأيام بأيام التشريق لأن العرب كما قال ابن حجر: كانوا يُشرِّقون لحوم الأضاحي في الشمس وهو تقطيع اللحم وتقديده ونشره.