بالفيديو.. 4 عقود من الرحيل.. حليم أسطورة خالدة في الأذهان
"العين" شاركت جمهوره في الاحتفاء بذكراه الـ40
على الرغم من أن اليوم هو الذكري الأربعين لرحيل حليم، إلا أن مرور هذه السنوات لم يمنع محبي وجمهور العندليب الأسمر من الاحتفاء بذكراه.
"باقات من الورد.. صور للعندليب الأسمر.. لافتات تحمل كلمات أغانيه الشهيرة".. هكذا كان مشهد إحياء ذكرى رحيل الفنان العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ أمام مقبرته بحي البساتين جنوبي القاهرة.
وفي مدخل الشارع المؤدي لمقبرته، تجمع المئات من محبيه وجمهوره من مصر والوطن العربي، تخليداً لذكراه، وتقديراً لدوره في إثراء الفن العربي بتقديم أكثر من 230 أغنية بين العاطفية والوطنية، و16 فيلماً طوال مشواره الفني الذي استمر 25 عاما.
وعلى الرغم من أن اليوم هو الذكري الأربعين لرحيل حليم، إلا أن مرور هذه السنوات لم يمنع محبي وجمهور العندليب الأسمر من الاحتفاء بذكراه ووضع باقات الورود على قبره، مرددين عبارات "وحشتينا يا حليم" "الله يرحمك يا عندليب".
وأمام المقبرة تقف سيدة عجوزة يبدو عليها الحزن الشديد، تطلب من أحد الواقفين أن يلقي الخطاب التي أعدته لمطرب الحب والرومانسية والوردة الحمراء التي أحضرتها معها فوق المقبرة، واقفة لبضعة دقائق مستغرقة في حديثها مع صورة حليم الموجودة بجانبها.
رسائل حب ووفاء للعندليب
وفي مقدمة الحضور، كان الموجي الصغير.. الملحن المصري ونجل الموسيقار المصري محمد الموجي، الذي تعاون مع حليم في العشرات من الأغنيات العاطفية الوطنية، الذي تحدث مع بوابة "العين" الإخبارية عن علاقته بـ عبدالحليم حافظ التي تعود لعشرات السنوات، حيث كان التعامل معه كـ آب وأخ وصديق يهتم بأحواله هو وأخواته مثل والدهم الموجي، فكان دائم الاهتمام بدرجاتهم في الامتحانات وأحوال دراستهم، ذاكراً بابتسامة عريضة عقابه لهم لو تراجع مستوى تقديراتهم في امتحانات نهاية العام.
وعن علاقة العندليب الأسمر بأسرة محمد الموجي، فكان دائم الدعوة له هو وأشقاؤه للجلوس لزيارته مرة أسبوعياً، ويسرد في القول الموجي الصغير قائلًا "حدث خلاف صغير بين الموجي وحليم حول مقطع في أغنية حبك نار، ورغم الاختلاف لم تتأثر علاقتهما يوماً ما" مؤكداً أن الخلاف بينهما كان بهدف تحقيق نجاح أكبر في الأعمال المشتركة.
وعندما علم الموسيقار محمد الموجي بخبر وفاة حليم، بكي الموجي بكاء شديدا أثناء حديثه مع الشاعر المصري مرسي جميل عزيز، الذي كتب عشرات الكلمات للعندليب، وحسب تعبير نجل الموجي، واصفاً حليم بالإنسان الخير المحب لمهنته وأصدقائه ولجميع المحيطين به، حتى أنه نفذ الكثير من المشروعات الخيرية طوال حياته دون علم أسرته بها.
ورغم ظروفه المرضية، لم يغب مجدي الحسيني أشهر عازفي أورج عربي، عن التواجد في هذا اليوم، ليؤكد أن جميع العبارات والجمل لا تستطيع منح حليم حقه، ويقول الحسيني "يعجز اللسان عن وصف الفنان والأستاذ الرائع، وفي العام الأربعين لرحيله يزداد إصراره على تربع عرش الأغنية العربية" مشيراً إلى أن عبدالحليم حرص على تقديم جميع الأغنيات الوطنية، والدينية، والعاطفية والحماسية والشبابية.
"حليم رقم واحد ويزيل رقم واحد على مدار العصور" بهذه العبارة أثني الحسيني أحد أعضاء فرقته الموسيقية، على دور العندليب في ترك بصمته وميراثه الفني لجميع الأجيال، ليحاول بعض الفنانين تقليده لتخليد ذكراه وقيمته الرائعة في الإبداع.
من مصر للسويد.. أسطورة خالدة
" ظاهرة لا تتكرر".. معجزة فنية“.. "أسطورة خالدة في الأذهان" تنوعت الأوصاف لـ حليم، واتفق جميع الحضور في الذكرى على مكانته ودوره في الفن العربي، لامتلاكه كاريزما وأداء في الغناء يختلف كثيراً عن جميع مطربي وفناني جيله.
والحضور لإحياء ذكرى العندليب الأسمر، لم تكن مقتصرة على الفنانين وأصدقائه وأفراد أسرته، بل كان جمهوره ومحبوه من محافظات مصر من القاهرة للصعيد، وامتد إلى البلاد العربية لبنان وتونس والعراق وسوريا، وكان محبوه من البلاد الأوروبية أيضاً حاضرين من السويد وفرنسا، لعشقهم الجم لأغنيات مطرب الحب والرومانسية.
واعتادت راندا إبراهيم، مصرية، منذ 5 سنوات زيارة مقبرة عبدالحليم لإحياء ذكري رحيله، وتقول "كانت أغانيه وأداؤه المؤثر ووفاؤه للجمهور وإحساسه القوي في الغناء، سببا لاستمرار أعماله في وجدان الكبار والصغار، ليستمر وفاء الأجيال له بالزيارة السنوية في نهاية شهر مارس/آذار".
ومن الكويت جاء يعقوب العاقل، ليعبر عن حبه للعندليب الأسمر، الذي تربى على صوته وعشق كلمات أغانيه، موضحاً أن مكانة عبدالحليم كبيرة لدى العرب ليس في مصر فقط، ففي الكويت يصبح صوت حليم أساسيا وملهما لجميع الفنانين العرب والأجيال المقبلة، قائلًا "حليم فوق رأسي".
ولم تتردد السيدة فايزة حمدان، صاحبة الـ60 عاما، الحضور لمقبرته طوال الـ40 عاما، مناشدة الدولة المصرية بتحويل منزله الكائن في منطقة الزمالك بالقاهرة، إلى متحف دائم لجميع العرب كـ رسال تقدير لمكانة وتاريخ هذا الفنان.
صوت الحب والثورة
ومن دمياط والمنوفية والسويس والإسماعلية، حضر العشرات من الأصدقاء وكأنهم في لحظة وداع جديدة لمطر الثورة، مرددين أغنيته الوطنية الشهيرة "أحلف بسماها وترابها.. حليم مطرب حاضر في جميع الثورات المصرية"، حيث كان بداية عبدالحليم حافظ مع ثورة 23 يوليو/تموز 2952، بعشرات الأغاني الوطنية منها "احنا الشعب"، "عاش اللي قال"، "حكاية شعب"، في فترة الخمسينيات، وعقب النكسة بدأ في تعاون مثمر مع الملحن بليغ حمدي والشاعر عبدالرحمن الأبنودي في عدة أغنيات وطنية "عدي النهار"، "البندقية اتكلمت".
ورغم انضمام حليم لقسم التلحين في معهد الموسيقى العربية عام 1943، واستمراره في التلحين مع صديقه كمال الطويل الموسيقار المصري، لكن الصدفة الأولى في تقديمه أغنية "يا حلو يا أسمر" كانت هي البداية الحقيقية لدخوله عالم الغناء والطرب، ليقدم من بعدها مئات الأغنيات، مع كبار الشعراء والملحنين منهم، مرسي جميل عزيز، ومحمد حمزة، وعبدالرحمن الأبنودي، وكامل الشناوي، ومحمد عبدالوهاب، وكمال الطويل، وبليغ حمدي، ومحمد الموجي، ومنير مراد.
وتعد أسرة عبدالحليم حافظ وجمعية محبي الفنان عبدالحليم حافظ التي أسست عام 1979، في شهر فبراير/شباط، استعدادات إحياء ذكراه، ويستمر توافد جمهوره من 25-30 مارس/آذار من كل عام، وفي سؤال عن أعداد المترددين على المقبرة، يذكر حسين رمضان أحد المتطوعين بالجمعية أن ما بين 12-15 ألف شخص يتوافد سنوياً خلال الأسبوع الأخير من شهر رحيله، ليبرز المشهد بقاء عبدالحليم في أذهان جميع الأجيال رغم مرور 4 عقود على رحيله.