حماس ومصر.. انعطافة المأزوم أم تحول في التوجهات؟
قرار "حماس" حل اللجنة الإدارية في قطاع غزة وإجراء انتخابات عامة أثارا التساؤل حول ما إذا كانت خطوتها انعطافة مأزوم أم تحول في التوجهات؟
على وقع الأزمات الطاحنة التي تُعايشها، وتدهور الوضع الإنساني في غزة، جاءت انعطافة حركة "حماس" نحو مصر، لتفتح أفق صفحة جديدة في العلاقات بين الجانبين، وهو ما استبعد خبراء سياسيون أن يكون تحولًا في التوجهات بقدر ما هو قراءة جيدة للتغيرات الإقليمية، في ظل قدرة القاهرة على إنجاز المصالحة ورأب الصدع الفلسطيني.
- حماس تتخلى عن قطر وتستجيب لجهود مصر في المصالحة
- الحكومة الفلسطينية ترحب بقرار حماس حل اللجنة الإدارية وتطالب بتوضيحات
واتفق الخبراء السياسيون على وجود مؤشرات إيجابية خلال الفترة الأخيرة تشير إلى أن حماس لديها استعداد للتعامل مع المصالحة بإيجابية وجدية، خلافا لنهج الحركة في السابق، لافتين في الوقت نفسه إلى أن المعطيات الفلسطينية كلها برهنت لحماس على أنه لا مناص من الدور المصري.
ناجي شراب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، قال إن "حماس تواجه حاليًا تحديات خطيرة ومشاكل داخلية في غزة من فقر وبطالة وأزمات كهرباء ومياه وغيره، فضلا عن نذر المواجهة مع الاحتلال، وكان كل ذلك في مقدمة دوافعها لإيجاد خيارات للتخفيف من حدة تلك المشاكل والأزمات في القطاع".
لا بديل عن مصر
ويواصل وفد قيادي من حماس برئاسة رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية زيارة إلى القاهرة منذ السبت الماضي، وسط حراك رسمي لإنجاز المصالحة الفلسطينية حيث تجري الاستعدادات لاستقبال وفد من حركة فتح، للتوصل لخطوات تنفيذية، لإنهاء الانقسام المستمر منذ عام 2007.
وأوضح ناجي شراب لـ"بوابة العين" الإخبارية أن "حماس تدرك صعوبة تحقيق المصالحة الشاملة في ظل المعطيات الفلسطينية الصعبة القائمة، وبالتالي الخيار الأكثر واقعية كان التوجه لمصر حيث تدرك حماس أن لا بديل عن الدور المصري".
متفقًا معه، قال الخبير المصري في الشأن الفلسطيني صبحي عسلية لـ"بوابة العين" الإخبارية إن التغيرات الإقليمية فرضت نفسها على حماس، التي أجادت قراءة المشهد، وباتت على يقين من أن مشاكل قطر مع الإقليم لن تفيدها، بل على العكس رأت أن الأفضل أن تقترب من الفاعلين المؤثرين في الإقليم.
وأعلن وفد حماس حل اللجنة الإدارية بغزة التي تسببت بتأزم العلاقة مع السلطة ونجم عنها فرض عقوبات قاسية مثل إحالة الموظفين للتقاعد ووقف تمويل القطاع.
الاستدارة الكبرى
ويذهب أحمد رفيق عوض، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس، إلى أن حماس تستدير استدارة كبرى نحو التسويات بتأثير القيادة الجديدة التي تتسم بالواقعية والبراجماتية. في إشارة إلى انتقال ثقل الحركة القيادي من الدوحة إلى غزة بعد انتهاء دور خالد مشعل الرسمي لصالح إسماعيل هنية وتولي يحيى السنوار القيادة بغزة.
ويتفق عوض في حديثه لـ"بوابة العين" الإخبارية مع ناجي شراب، لافتا إلى أن حماس تذهب إلى مصر لأن لها حسابات داخلية أكثر منها خارجية، "فهي تعرف أن الإقليم لا يقبل بها بسرعة إلا إذا تفاهمت مع مصر.. وتعرف أيضًا أن الوصول لمرحلة التفاهم مع مصر يتطلب الكثير من الاستحقاقات والشروط.، وهو ما يطرح التساؤلات حول حقيقة موقف الحركة من مساندة جماعة الإخوان المحظورة.
من جانبه، اعتبر الخبير الفلسطيني عدنان أبو عامر استجابة حماس للوساطة المصرية بحل اللجنة الإدارية، خطوة في الاتجاه الصحيح، متفقًا مع عوض في أن التحديات ما زالت ماثلة، والتساؤلات العالقة بدون إجابة.
ولفت عدنان إلى أن خطوة حماس قد تعتبر عربون محبة للمصريين، فقد كان بإمكانها حل اللجنة قبل سفرها للقاهرة، لكنها الرغبة الحثيثة بتوثيق العلاقة مع مصر.
الأزمات الخانقة
ووفق الخبراء، فإن حماس تذهب إلى مصر في ظل أزمات خانقة تضرب القطاع وفشل كبير في معالجة هذه الأزمات، حيث تصل ساعات انقطاع الكهرباء لأكثر من 16 ساعة يوميًا، فضلا عن مشاكل مستفحلة في قطاعي الصحة والتعليم وارتفاع الفقر إلى أكثر من 80 % والبطالة إلى 60 % وهي نسب غير مسبوقة وفق جهات حقوقية واقتصادية مستقلة.
ومؤخرًا، بدأت لجنة التكافل المشكلة من عدة فصائل في غزة، في تنفيذ مشاريع ذات طابع إنساني وإغاثي لتخفيف حالة التدهور، فضلا عن التدخل الذي سمح بتدفق الوقود المصري إلى غزة لتشغيل محطة الكهرباء بعد توقف حماس عن شراء الوقود من إسرائيل بسبب الضرائب التي تفرضها السلطة الفلسطينية عليه.
ويرى عوض أن حماس تريد أن تتخلص من أعباء الحكم العالية في غزة، وبالتالي تجد أن مصر أقرب الأطراف وأكثرها ضرورية للتعامل مع الملف الفلسطيني وصاحبة التأثير الأكبر على السلطة.
لا خيار إلا مصر والمصالحة
ويختلف الدكتور رائد نعيرت أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح مع عوض، حيث يرى أن حماس تريد أن تنجح في الحكم، وهذا النجاح يتطلب منها الذهاب لمصر لأنه لا يوجد أمامها إلا بوصلتان هما: مصر والمصالحة الوطنية، ما يدلل على فشل الرهانات السابقة على قطر وغيرها.
ورأى نعيرات في حديثه لـ "بوابة العين" الإخبارية أن "حماس تريد المصالحة عبر مصر لإشراك الجميع في المصالحة، وأنها تريدها عن طريق مصر والإمارات؛ لأنها بحاجة إلى أمرين هما: فك الحصار، والدعم المالي، باعتقادي أن مصر يمكن لها أن تحقق ذلك".
في المقابل، يعتقد الخبير شراب أن السبب الحقيقي لذهاب حماس لمصر هو استراتيجي، ويتمثل في الحفاظ على كينونتها في القطاع بعدما بنت مؤسسات أمنية وثقافية وسياسية وغيرها في غزة.
وبعيدًا عن أسباب حماس نحو القرار الأخير بحل اللجنة الإدارية، حذر الخبير الفلسطيني عدنان أبو عامر مما أسماه الخطر الشديد من العودة للمربع الأول، والذي عبّرت عنه حماس بقولها: "ستبحث مع فتح آليات تنفيذ الاتفاق".
aXA6IDMuMTM5LjY3LjIyOCA= جزيرة ام اند امز