تدوير المناصب الحكومية في غزة.. حماس تعزز الانقسام
حركة حماس الإرهابية أعادت تدوير ما يُعرف بالمناصب العليا في قطاع غزة وكأنه نعي رسمي لجهود المصالحة المتعثرة حينا والمعطلة غالب الوقت
يبدو أن ما كان يجري في الخفاء بدأ يظهر للعلن، فعبر بيان للمكتب الإعلامي لما يُعرف بـ"حكومة غزة"، أعادت حركة حماس تدوير المناصب العليا بالقطاع، وكأنه نعي رسمي لجهود المصالحة المتعثرة حينا والمعطلة في أ غلب الأوقات.
وبعد أن كان يجري الحديث همسا عن وجود هيكل حكومي كامل لحماس يدير قطاع غزة خارج إطار شرعية الحكومة الفلسطينية، بدا ذلك واضحا من سلسلة تغييرات طالت المواقع الأولى للوزارات هناك، ولأول مرة أيضا يصدر بيان بعنوان "جلسة المداولات الحكومية الدورية".
إدامة الانقسام
محمود الزق أمين سر العمل الوطني في قطاع غزة وصف ما يجري بأنه أمر خطير وإجراء يعني السير في اتجاه إدامة الانقسام وتحقيق الانفصال.
وقال الزق لـ"العين الإخبارية": "ما قامت به حماس خطوة خطيرة نحو الانفصال، وليست هناك أي نية باتجاه المصالحة الفلسطينية".
وفي سبتمبر/أيلول 2017، أعلنت حماس حل اللجنة الإدارية التي شكلتها قبل أشهر بغزة، بعد 5 أشهر من الإجراءات العقابية القاسية التي فرضتها السلطة الفلسطينية ومهد ذلك لتوقيع اتفاق القاهرة مع حركة فتح في أكتوبر/تشرين الأول من العام نفسه، إلا أنه لم يجد طريقه للتنفيذ.
وأشار إلى أن توقيت تنفيذ الخطوات وإحياء جسم اللجنة الحكومية التي تكرس الانقسام يأتي في وقت يفترض فيه التقدم بخطوات نحو التوافق الوطني العام؛ لمواجهة المشروع الأمريكي الخطير الذي يجري الإعداد والترتيب له عبر ما يسمى بصفقة القرن الذي يتضمن إقامة كيان في غزة.
تناغم مع المخطط الأمريكي
أمين سر العمل الوطني في قطاع غزة حذر من أن الإعلان عن جسم حكومي منفصل عن الشرعية الفلسطينية في هذا التوقيت بالذات يعني تناغما مع المخطط الأمريكي.
وطالب العقلاء في غزة بالتراجع عن الخطوة الخطيرة والذهاب لتنفيذ اتفاق أكتوبر/تشرين الأول 2017 في القاهرة وتمكين الحكومة الفلسطينية من مهامها كاملة في القطاع.
المكتب الإعلامي الحكومي التابع لحماس في قطاع غزة، وبعد أن أصدر بيانا الثلاثاء عن نتائج ما وصفه جلسة المداولات الحكومية، في تقليد للبيان الذي يصدر كل ثلاثاء، عاود لإصدار بيان ثانٍ ينفي فيه ما وصفها بـ"الشائعات التي يتم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول إعادة تشكيل اللجنة الإدارية الحكومية أو أي أجسام لإدارة قطاع غزة".
ورغم أن البيان الثاني لم يقدم تفسيرات لمدلول الأول الذي صدر عن الاجتماع فيما سمي الأمانة العامة لمجلس الوزراء، فإنه هو الآخر أقر بجملة التغييرات الإدارية، مبينا "أن بعض المؤسسات الحكومية والوزارات تقوم بين الحين والآخر بإجراءات إدارية تأتي في السياق الطبيعي والضروري".
عامل توتر جديد
من جهته، حذر طلال أبو ظريفة، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية، أن أي تدوير أو تشكيلات إدارية في قطاع غزة لا يفتح الطريق أمام إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية.
وقال أبو ظريفة لـ"العين الإخبارية": "إن هذه الخطوة من المؤكد أنها ستكون محلا للخلافات والتجاذبات الإعلامية من جديد، وسيساهم ذلك في تأزيم الأمور وإغلاق أي نافذة أمل تفتح لاستعادة جهود الوحدة وإنهاء الانقسام بين الفلسطينيين".
ورأى أن المطلوب العودة لتنفيذ الاتفاقات رزمة واحدة وإعادة بناء كل المؤسسات الوطنية الفلسطينية على قاعدة الديمقراطية والانتخابات والتوافق الوطني، بعيدا عن الهيمنة وتثبيت الأمر الواقع الذي يعزز استمرار الانقسام.
ووفق التسريبات؛ فإن القيادي في حماس محمد عوض الذي تولى في السابق مسؤولية الأمانة العامة لمجلس الوزراء، هو الذي عين رئيسا للجنة الحكومية.
فيما تضمنت التغييرات استبدال وكيل وزارة الداخلية ومسؤول قوى الأمن الداخلي توفيق أبو نعيم وتعيين صلاح أبو شرخ الذي شغل الموقع نفسه قبل سنوات.
كما تضمنت عملية تدوير في ديوان الموظفين ووزارة المالية والاقتصاد وغيرها من الوزارات.
لا حل إلا بالمصالحة
أما الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل فاعتبر أن هذه اللجنة كسابقتها لن تستطيع خلق بدائل ذات بعد إيجابي في غزة مع استمرار الحصار والإجراءات التي تفرضها السلطة، مشيرا إلى أن مسيرات العودة بحجم التكلفة فيها فشلت حتى الآن في إحداث هذا التغيير المأمول.
وقال عوكل: "كل البدائل باستثناء المصالحة لن يكون لها أي أثر في وقف حالة التدهور وتحسين الحالة الاقتصادية بقطاع غزة".
ورأى أن جملة الإجراءات الأخيرة ربما تأتي في سياقين أيضا: الأول باعتبارها شكلا من أشكال التقشف عبر دمج بعض الوزارات، والثاني هو إيجاد مبرر لترفيعات جديدة للمناصب العليا.
واشتملت التغييرات على دمج العديد من الوزارات مثل الثقافة والسياحة وإلغاء وزارة الخارجية ونقل موظفيها لوزارات وهيئات أخرى.
مبادرة اشتية
وجاءت قرارات حماس في وقت أعلن فيه رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية أنه جاهز للذهاب مع الحكومة إلى غزة على قاعدة تنفيذ اتفاق أكتوبر/تشرين الأول من عام 2017.
وقال اشتية: "استراتيجيتنا تقوم على أساس سلطة واحدة وسلاح واحد ورجل أمن واحد، إن لم ترد حماس فهناك مبادرة قدمها الرئيس محمود عباس بالذهاب إلى انتخابات عامة".
وكانت آخر انتخابات عامة جرت في عام 2006 قبل أن تسيطر "حماس" على قطاع غزة بالقوة منتصف عام 2007؛ ما فجر الانقسام الفلسطيني المستمر حتى الآن.