ما بعد هنية.. هل ينفرد «الصقور» بحماس؟
المعتدلون في حماس يتساقطون تباعا ليتركوا الساحة للجناح المتشدد أو ما يعرف بـ«الصقور» في معادلة جديدة لحركة يكبلها الانقسام.
وفي وقت سابق الخميس، شاركت حشود ضخمة في مراسم تشييع إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس، وسط دعوات بضرورة الانتقام، غداة اغتياله في إيران بغارة نسبت إلى إسرائيل.
ويرجح مراقبون أن يعزز اغتيال هنية في طهران جناح الصقور في الحركة الفلسطينية، وأن تعقبه عمليات ثأر ضد إسرائيل.
ويخشى سكان الأراضي المحتلة، التبعات المحتملة لمقتل القيادي الذي سبق له أن تولى رئاسة الوزراء في غزة.
ولا يزال الوضع متفجرا جدا بعد قرابة عشرة أشهر على اندلاع الحرب بين حماس وإسرائيل في قطاع غزة، والتصعيد بين الأخيرة وحزب الله في جنوب لبنان.
«الصقور» إلى الواجهة
الانشقاقات والصراعات بين الأجنحة داخل حماس أصبحت أكثر وضوحا خلال مفاوضات الهدنة مع إسرائيل على خلفية حرب غزة، خاصة بين الجناحين العسكري والسياسي.
وهذه الصراعات تعكس التنافس على السلطة داخل الحركة وتؤثر على قدرتها على تنفيذ عمليات موحدة وفعالة، فالعسكري يركز على المقاومة المسلحة، بينما السياسي يسعى للتفاوض والحلول الدبلوماسية.
وتتجلى الخلافات بين الجناحين في المصالح المتضاربة؛ فالجناح العسكري يفضل العمل المسلح، في حين أن الجناح السياسي يميل إلى التفاوض.
وباغتيال هنية الذي يعتبر "الصوت المعتدل" في حماس، يتوقع خبراء أن يقفز «الصقور» للواجهة، لكن ذلك لن يمنع استمرار ظهور التصدعات مع شخصيات تميل للاعتدال حتى من الصف الثاني بالحركة.
وهذا التباين يخلق تحديات في اتخاذ القرارات الموحدة ويؤثر على استراتيجية الحركة ويؤثر سلبًا على قدرتها على تنفيذ عمليات موحدة وفعالة.
كما أن التسريبات والمعلومات التي قد تنجم عن هذه الصراعات تزيد من تعقيد الوضع وتضعف من قدرة الحركة على الحفاظ على سرية تحركاتها.
من يخلف هنية؟
قبل اغتيال هنية، كانت حماس قد خسرت نائبه صالح العاروري الذي قتل في ضربة في ضاحية بيروت الجنوبي في 2 يناير/كانون الثاني الماضي، نسبت إلى إسرائيل.
واليوم يبرز اسمان مرشحان لخلافته، هما أبو موسى مرزوق وخليل الحية.
الأول مسؤول كبير في المكتب السياسي لحماس ويعتبر قريبا من مواقف هنية، وهو أكثر اعتدالا من الجناح المسلح للحركة، إذ يدعو إلى قبول إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967، وهو موقف لا يحظى بالإجماع داخلها.
وسبق أن أوقف في الولايات المتحدة، حيث كان يقيم في التسعينات، لاتهامه بتمويل الجناح المسلح لحماس، وانتقل بعدها إلى العيش في الأردن، فمصر ثم قطر.
كما سبق أن مثل حماس في عدة مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل.
خليل الحية
أما خليل الحية، فيعد بمثابة الرجل الثاني في المكتب السياسي لحركة حماس بغزة، وهو على معرفة جيدة بقائد جناحها العسكري يحيى السنوار.
في العام 2006، كان المسؤول عن الكتلة البرلمانية لحماس، إثر فوزها بالانتخابات التي سرعان ما تحولت إلى مواجهات مسلحة مع حركة فتح بقيادة الرئيس محمود عباس.
ويعد الحية مؤيدا كبيرا للكفاح المسلح، وفقد العديد من أفراد عائلته في الهجمات الإسرائيلية على القطاع العام 2007.
وعدا هذين الاسمين، يطرح بعض المراقبين أيضا اسم خالد مشعل الرئيس السابق للمكتب السياسي للحركة.
أي أثر على حماس؟
أكد مصدر في الحركة لوكالة فرانس برس أنها "ستتجاوز هذه الأزمة"، مضيفا أن إسرائيل "اغتالت قادة كبارا مثل مؤسس الحركة الشيخ أحمد ياسين"، لكن "الحركة تزداد قوة بعد اغتيال قادتها وأبنائها".
وتوقع مدير برنامج الشرق الأوسط في مجموعة الأزمات الدولية جوست هيلترمان، أن كوادر حماس سيكون بإمكانهم، عندما يجتمعون، الاختيار بين "العديد من الشخصيات المؤهلة للقيادة".
لكن الباحث في مركز دراسات المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية هوغ لوفات رأى أن هذا "الحدث مؤلم جدا للحركة (..) ويمكن أن يشجع أنصار الخط المتشدد".
وأوضح أن "هنية أطلق دينامية معتدلة داخل حماس ولو أن الأمر يبقى نسبيا".
أي تداعيات على إسرائيل؟
إذا كان إسرائيليون عبروا الأربعاء عن سرورهم لمقتل هنية على الشبكات الاجتماعية، فإن كثيرين يخشون أن يلي ذلك تصعيد عسكري.
فالمباحثات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة وعودة الرهائن باتت معرضة للفشل، كما أورد هوغ لوفات.
من جهته، اعتبر المحلل السياسي الفلسطيني مخيمر أبو سعدة أن الرد يمكن أن "يأتي من الضفة الغربية أو من جماعات تابعة لحماس في جنوب لبنان".
ولم يستبعد احتمال تنفيذ "هجوم انتحاري، أو إطلاق النار على جنود أو مستوطنين إسرائيليين".
أي تداعيات إقليمية؟
من جهتها، اعتبرت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس أن "عملية الاغتيال الإجرامية بحق القائد هنية وفي قلب العاصمة الإيرانية هي حدثٌ فارقٌ وخطير، ينقل المعركة إلى أبعادٍ جديدةٍ وسيكون له تداعياتٌ كبيرةٌ على المنطقة بأسرها".
وأوضحت الباحثة في مركز شاتمان هاوس لينا الخطيب "رغم أن أطراف النزاع ليس من مصلحتهم اندلاع حرب شاملة، إلا أن أي تصعيد يزيد من مخاطر أن يصبح الوضع غير قال للتحكم فيه".
وبينما لم تعلن إيران بعد كيف سترد على الهجوم الذي وقع على أراضيها، رأى معظم المحللين أنه ليس من مصلحتها الدخول في حرب شاملة ضد إسرائيل، مشيرين إلى أن الأخيرة استهدفت أيضا في الساعات الـ24 الأخيرة حزب الله.
وقال هيلترمان إن "إيران لن ترد ولن تعبئ حلفاءها إلا إذا كانت مصالحها الحيوية مهددة، وهو ما لا ينطبق على الوضع الحالي".
aXA6IDMuMTQ0LjYuMjkg جزيرة ام اند امز