أموال الحمدين.. سلاح إسرائيل لإجهاض مسيرة العودة بغزة
تنظيم الحمدين يمنح أمواله المشبوهة لحركة حماس لتعميق الانقسام الفلسطيني وإجهاض مسيرة العودة في غزة والحصول على رضا إسرائيل وأمريكا
"نبي هدوء".. كلمتان لن ينساهما الفلسطينيون، بعدما قالهما السفير في وزارة الخارجية القطرية محمد العمادي للقيادي في حماس خليل الحية خلال زيارته لمسيرة العودة شرق غزة، ليكشف حقيقة دور "نظام الحمدين" وهدف الأموال القطرية المارة من البوابة الإسرائيلية.
- مسيرة العودة بغزة.. حصاد عام من الإنجازات والإخفاقات
- بالصور.. جيش الاحتلال يحشد قواته قرب غزة وعينه على "السبت"
ومع الذكرى السنوية الأولى لمسيرة العودة وكسر الحصار بغزة التي انطلقت في 30 مارس/آذار 2018، تبدو المساعي القطرية عبر أموالها حاضرة لتحقيق الرؤية الإسرائيلية في إجهاض المسيرة عن مسارها الوطني وتجذير الانقسام الفلسطيني.
أموال الحمدين المشبوهة
يقول راسم عبيدات الكاتب والمحلل السياسي "ندرك أهداف الحكومة الإسرائيلية من وراء الموافقة على إدخال الأموال القطرية"، مبينا أنها "لا تريد تعزيز الانقسام الفلسطيني فحسب، بل فصل غزة عن الضفة الغربية".
وأضاف عبيدات في حديثه لـ"العين الإخبارية": "لا أعتقد أن نتنياهو عندما يدخل الأموال القطرية ليس له أهداف، هو يدرك أن تفجر الأوضاع في غزة يؤثر على إسرائيل لذا يوافق على دخولها لتعميق الانقسام الفلسطيني".
ومنتصف الشهر الجاري، أقر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أن المال القطري ضروري لاستمرار الانقسام الفلسطيني لصالح تل أبيب، مشيرا إلى أنه جزء من استراتيجية أوسع للحفاظ على انقسام حماس والسلطة الفلسطينية.
ويرى عبيدات أن تنظيم الحمدين له أهداف من وراء إدخال أمواله، موضحا أن لدى قطر مشروعا مرتبطا بأجندات ليست فلسطينية.
وشدد على أن الأموال القطرية ليست بريئة لأنها تدخل بالتنسيق بين الدوحة وإسرائيل.
وفي 8 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، دخل العمادي إلى غزة بـ3 حقائب تحمل 15 مليون دولار عبر معبر بيت حانون/إيرز الإسرائيلي، ما رأته القناة الإسرائيلية الرسمية في حينه الثمن الذي توصل إليه الثلاثي "قطر وحماس وإسرائيل"؛ لشراء الهدوء في قطاع غزة".
وسمحت إسرائيل بإدخال الدفعة الثانية من المنحة القطرية في ديسمبر/كانون الأول 2018، مقابل ضبط الأمن على حدود قطاع غزة، وإنهاء مسيرات العودة، ولكنها عطلت الدفعة الثالثة من الأموال القطرية في ديسمبر/كانون الثاني الماضي على خلفية التصعيد الأمني على حدود القطاع.
ولاحقا وافق المجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابينت) خلال جلسة خاصة على تحويل الأموال وفق شروط جديدة لتوزيع المنحة، أهمها منع "حماس" وصول الفلسطينيين إلى السياج الأمني ووقف مسيرات العودة.
وأمام الحرج الذي أثارته الشروط الإسرائيلية الجديدة أعلنت حماس رفضها تلقي الدفعة الثالثة من المنحة القطرية لموظفيها، ووافقت على تحويلها لمساعدات مباشرة للأسر الفقيرة ومشاريع عمل مؤقتة عبر الأمم المتحدة.
هدوء لمصلحة إسرائيل
ويرى الدكتور نائل موسى، أستاذ الاقتصاد السياسي، أن مصلحة إسرائيل في بقاء غزة هادئة لأن انفجارها سيؤثر على إسرائيل، ولذلك وافقت على إدخال الأموال القطرية، منبها إلى أن الهدف الثاني للموافقة هو تشجيع نتنياهو الانقسام الفلسطيني، بل هو سبب في استمراره وتعميقه، بالتالي يوافق على تقديم الأموال لتعميق الانقسام وإبعاد انفجار غزة عن وجه إسرائيل.
وقال موسى لـ"العين الإخبارية": إن قطر تقدم الأموال للحصول على رضا أمريكا وإسرائيل، وربما تعتقد أن قيامها بهذا الدور سيعزز موقفها أمريكيا ودوليا وإسرائيليا خصوصا في ظل المقاطعة التي تتعرض لها.
وشدد على أن الأموال القطرية وغيرها لا تحل مشكلة غزة الاقتصادية، مؤكدا أن الذي يحل جزء من المشكلة إنهاء الانقسام الفلسطيني.
مساعدات مالية مُسيّسة
ويؤكد محمود الزق، أمين سر هيئة العمل الوطني في قطاع غزة، أن أي مساعدات لا تمر عبر الشرعية الفلسطينية المتمثلة في السلطة الوطنية هي مساعدات مسيسة ومشبوهة ولا تصب في صالح شعبنا.
وقال الزق لـ"العين الإخبارية": التمويل المُسيّس سواء من قطر أو إيران أسهم في تعزيز الانقسام طوال الفترة الماضية، مشيرا إلى عدم وجود ارتياح فلسطيني واسع من الدور الذي يلعبه العمادي، الساعي لتمرير الشروط الإسرائيلية.
وانطلقت مسيرة العودة عبر مظاهرات في 5 مناطق شرق قطاع غزة في 30 مارس/آذار 2018، وتخللها قمع إسرائيلي تسبب بمقتل نحو 197 فلسطينيا إلى جانب إصابة نحو 30 ألفا آخرين.
تكريس الانقسام الفلسطيني
وأكدت دراسة فلسطينية أن الأموال التي تقدمها الحكومة القطرية لحماس في غزة لا تتعدى مجرد كونها أداة لتنفيذ المخطط الإسرائيلي بتكريس الانقسام وقطع الطريق على تحقيق الوحدة الوطنية.
ولفتت الدراسة التي صدرت، في 23 مارس/آذار الجاري عن المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية "مسارات" للباحث محمود البربار، إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستغل الصراع بين السلطة الفلسطينية وحماس لتكريس الانفصال بين الضفة والقطاع.
وقال الباحث في دراسته "ستظل (إسرائيل) تمارس هذا الدور الذي يعزز فصل القطاع عن الضفة، وإبقاء حالة الانقسام في ظل عدم الوصول إلى أي اتفاق حقيقي لإتمام المصالحة بين حركتي فتح وحماس، من أجل تمرير جميع مخططاتها، عبر تهويد القدس والاستيطان، ومواصلة سياساتها الاستعمارية الاحتلالية العنصرية تجاه الشعب الفلسطيني".
وأضاف "يعكس ما حدث في شهر يناير/كانون الثاني الماضي بشأن ما بات يعرف باسم (المنحة القطرية) في قطاع غزة من رفض إسرائيلي تبعه موافقة على دخول المنحة، سياسة (العصا) و(الجزرة) التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية بشأن القطاع، بينما يعكس رفض حركة حماس استلام هذه المنحة، بالطريقة السابقة، ثم قبولها بآلية توزيع جديدة، رغبتها في الرد أيضا بسياسة موازية تجمع (التشدد والانفتاح)، ولكن كل هذا لا يلغي الاتفاق الضمني بين الأطراف الثلاثة: إسرائيل، وقطر، وحماس، وما له من دلالات وتداعيات سياسية، تشكل تطورا سياسيا غير مسبوق".
aXA6IDMuMTQ1Ljk1LjIzMyA= جزيرة ام اند امز