«حمدي أحمد».. فنان السينما والمسرح الذي ترك بصمة خالدة
تحل اليوم ذكرى رحيل الفنان المصري حمدي أحمد، والذي غادر عالمنا عن عمر يناهز 82 عامًا بعد صراع طويل مع المرض، وذلك بعد مسيرة حافلة بالإنجازات التي لا تُنسى.
رغم مرور السنوات على رحيله، يظل حمدي أحمد علامة مضيئة في تاريخ الفن العربي. لقد جمع بين التميز في الأداء الفني والوعي السياسي والاجتماعي، ليترك إرثًا خالدًا يستحق أن يُخلد في ذاكرة الأجيال القادمة.
السيرة الذاتية للفنان حمدي أحمد
وُلد حمدي أحمد في 9 نوفمبر/ تشرين الثاني 1933 بمحافظة سوهاج في صعيد مصر، ليبدأ مسيرة طويلة في عالم الفن والسياسة. بدأ دراسته في كلية التجارة، ثم قرر التوجه إلى عالم الفنون فدخل المعهد العالي للفنون المسرحية وتخرج منه عام 1961. في نفس العام، انضم إلى فرقة مسرح التليفزيون وشارك في العديد من الأعمال المسرحية التي كانت بداية مشواره في السينما والتليفزيون.
لكن حياته لم تكن محصورة في الفن فقط، ففي سن الـ 16 كان حمدي أحمد أصغر سجين سياسي حينما اعتقلته قوات الاحتلال البريطاني لمصر عام 1949 بسبب مشاركته في مظاهرات احتجاجية ضد الاحتلال، وهو اللقب الذي كان يعتز به.
بداية التألق المسرحي والسينمائي لحمدي أحمد
انضم حمدي أحمد إلى فرقة التلفزيون المسرحية، وكان ظهوره الأول من خلال مسرحية "شيء في صدري"، التي أخرجها نور الدمرداش. بعدها، قدم العديد من الأعمال المسرحية التي أظهرت موهبته الفائقة، مثل مسرحيات "الأرض"، "الشوارع الخلفية"، و"أدهم الشرقاوي"، التي رسخت مكانته كأحد أبرز الفنانين في مجال المسرح.
أما في السينما، فقد ترك حمدي أحمد بصمة واضحة في العديد من الأفلام التي أصبحت علامات بارزة في تاريخ الفن العربي. وكان فيلم "القاهرة 30" نقطة تحول هامة في مسيرته الفنية، حيث نال جائزة من جامعة الدول العربية. كما تألق في أفلام أخرى مثل "أبناء الصمت"، "الأرض"، و"العصفور"، ليؤكد تميز أداءه السينمائي.
موقف جدلي في "ريا وسكينة"
لم تخلُ حياة حمدي أحمد الفنية من المواقف الجدلية، وكان من أبرزها انسحابه من مسرحية "ريا وسكينة". حيث كان من المقرر أن يؤدي دور "الشاويش عبد العال"، ولكن نشب خلاف بينه وبين الفنانة شادية أثناء عرض المسرحية في الكويت. بعد أن استقبل الجمهور شادية بعاصفة من التصفيق، رد حمدي أحمد بعبارة ساخرة أثارت استياءها، ليطلب بعدها استبعاده من العمل واستبداله بالفنان أحمد بدير الذي حقق نجاحًا كبيرًا في الدور. ليصبح هذا الموقف أحد المحطات الفارقة في مسيرة حمدي أحمد.
"القاهرة 30" وموقف طريف مع سعاد حسني
أثناء تصوير فيلم "القاهرة 30"، الذي يعد علامة فارقة في مسيرته الفنية، روى حمدي أحمد موقفًا طريفًا جمعه بالفنانة سعاد حسني. كان المشهد يتضمن قبلة بينهما، وهو ما جعله يشعر بتوتر شديد كونه كان حديث العهد بالتمثيل وكان أيضًا مرتبطًا. في محاولة لتخفيف حدة الموقف، قرر المخرج صلاح أبو سيف تأجيل حضور خطيبته إلى موقع التصوير، لكن هذا المشهد ظل محفورًا في ذاكرته كأحد المواقف المميزة في حياته الفنية.
مسيرة فنية حافلة وإنجازات متعددة
شارك حمدي أحمد في أكثر من 35 مسرحية و25 فيلمًا سينمائيًا و89 مسلسلًا تلفزيونيًا، بالإضافة إلى آلاف الساعات الإذاعية. من أبرز أفلامه "صرخة نملة"، "سوق المتعة"، "عرق البلح"، و"الليل". كما تألق في الدراما التلفزيونية من خلال أعمال مثل "جمهورية زفتى"، "إمام الدعاة"، "بوابة المتولي"، "الوسية"، و"اللص والكلاب".
حضور قوي في الحياة السياسية والصحفية
إلى جانب نشاطه الفني، كان لحمدي أحمد حضور قوي في الحياة السياسية، حيث انتُخب عضوًا بمجلس الشعب عام 1979 عن دائرة بولاق، كما شغل منصب مدير المسرح الكوميدي عام 1985. وكان له دور بارز في المجال الصحفي من خلال مقالاته السياسية التي تناولت قضايا وطنية وإنسانية في صحف مثل "الشعب"، "الأهالي"، "الأحرار"، و"الأسبوع".
نهاية مؤلمة وحزن كبير
في سنواته الأخيرة، عانى حمدي أحمد من مشكلات صحية عديدة، منها الفشل الكلوي والنوبات القلبية، وتوفي في 8 يناير/كانون الثاني 2016 إثر أزمة صحية مفاجئة. وقد شُيّع جثمانه من مسجد الحصري بمدينة 6 أكتوبر وسط حضور كبير من زملائه ومحبيه.