بعد 9 سنوات من العزلة.. حمدوك يصلي بـ"كاودا" لأجل السلام
الزيارة المرتقبة لحمدوك إلى كاودا تعد الأولى من نوعها لمسؤول حكومي منذ اندلاع الحرب في المنطقة عام 2011
يتوجه رئيس الوزراء السوداني الدكتور عبدالله حمدوك، غدا الخميس، إلى منطقة كاودا بولاية جنوب كردفان، معقل الحركة الشعبية المسلحة بقيادة الجنرال عبدالعزيز الحلو، وذلك ضمن مساعٍ لتحقيق السلام في البلاد.
وتمثل زيارة حمدوك المرتقبة إلى كاودا الأولى من نوعها لمسؤول حكومي منذ اندلاع الحرب في المنطقة عام 2011 الماضي، والسيطرة عليها بواسطة الحركة الشعبية "شمال" ما جعلها في عزلة تامة نتيجة للعدائيات مع نظام الإخوان البائد.
وظل الرئيس المعزول عمر البشير خلال سنوات حكمه يتوعد بأنه سيصلي صلاة الجمعة بكاودا بعد طرد الحركة الشعبية المسلحة منها، لكنه فشل حتى رحل من السلطة بثورة شعبية 11 أبريل/نيسان الماضي.
وبحسب وزير الإعلام السوداني، فيصل محمد صالح، فإن عددا من الوزراء والمسؤولين الحكوميين سيرافقون حمدوك في زيارته التاريخية لكاودا، وهي تأتي تلبية لدعوة رسمية من رئيس الحركة الشعبية قطاع الشمال عبدالعزيز الحلو.
وقال صالح في تصريحات صحفية: "نحن نذهب إلى كاودا كرسل سلام وقد انتهى العهد الذي كان يتم فيه التعامل مع حركات الكفاح المسلح كأعداء".
وأشار إلى أن وفود حركات الكفاح المسلح التي وصلت للخرطوم خلال الفترة الماضية أجرت لقاءات مع مسؤولين وقادة أحزاب وقوى سياسية، منبها إلى أنه سيتم تقديم دعوة رسمية إلى القائد عبدالعزيز الحلو لزيارة الخرطوم.
وقال إن زيارة حمدوك إلى كاودا ستسهم في كسر الحاجز النفسي والسياسي والأمني، وتعكس توفر الإرادة لتحقيق السلام في السودان، فضلاً عن أنها ستوفر فرصة للاطمئنان على المواطنين في هذه المنطقة.
وأضاف وزير الإعلام السوداني: "نعول كثيراً على هذه الزيارة التاريخية، ونعتقد أنها ستفتح الآفاق أمام عملية السلام وتسهيل مفاوضات جوبا".
وتعثرت المحادثات بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية قيادة عبدالعزيز الحلو، نتيجة مطالبة الأخيرة بعلمانية الدولة أو تقرير المصير لمنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق اللتين يمثل غالبية سكانهما مسيحيين.
وتمسكت الخرطوم بطرح هذه القضية في مؤتمر دستوري للبت فيها، الأمر الذي دفع الوساطة الجنوبية لتأجيل المفاوضات لأسبوعين.
وظلت كاودا معزولة تماماً طوال 9 سنوات بسبب الحرب الضارية، ووصلها مدير برنامج الغذاء العالمي لأول مرة بعد نجاح الثورة الشعبية وتشكيل حكومة انتقالية والتي سمحت له بهذه الزيارة التاريخية.
وظلت كاودا عصية على الرئيس المعزول عمر البشير؛ إذ ظل يردد في أكثر من مناسبة أنه سيصلي بمسجدها، إلا أنه فشل في تحقيق ذلك إلى أن أسقطته ثورة ديسمبر/كانون الأول.
وكانت تهديدات "البشير" باجتياح كاودا تثير سخرية وتنمر الأوساط السودانية، لا سيما وأن منسوبي الحركة الشعبية كانوا يسخرون من ذلك بافتراش الأرض وبجانبهم "أبريق للوضوء" في كل يوم جمعة وينشرون صورها على وسائل التواصل الاجتماعي كنوع من التجهيز للرئيس لأداء صلاة الجمعة.
ويقول السكرتير الصحفي لرئيس الوزراء البراق النذير الوراق: "زيارة كاودا ليس الهدف منها إقامة صلاة الجمعة في كاودا، هذا هدف قصيري النفس وفاقدي البصيرة، بينما تهدف لتقديم خطوة بارعة نحو تحقيق السلام في كل ربوع السودان".
وأضاف: "من أجل ذلك يحمل من ينوون زيارة كاودا فقط أغصاناً خضراء وأيادي بيضاء من غير سوء وسلمية عنيدة نجحت في إسقاط النظام وتستخدم من أجل إفشاء السلام".
وتابع: "تحقيق السلام هو ما يتيح لكل صاحب ديانة الصلاة في اطمئنان وتحت سطوة السلام، وليس الصلاة تحت لعلعة الرصاص وبقوة السلاح".
واعتبر الصحفي والمحلل السياسي أحمد حمدان العريق زيارة حمدوك إلى كاودا تاريخية، ويتوقع أن تناقش نقاط الخلاف التفاوضية بشفافية ووضوح خاصة علمانية الدولة وتقرير المصير لمنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، لذلك فهي ستحدد مصير السودان أما أن يبقى موحدا وإما يفقد جزءا عزيزا مجدداً.
وقال العريق لـ"العين الإخبارية": "منطقتا جنوب كردفان والنيل الأزرق ذواتا خصوصية لكون غالبية سكانها غير مسلمين وذوي أصول أفريقية، لذلك وضعت الحركة الشعبية بقيادة الحلو شرط علمانية الدولة أو تقرير المصير ومسألة الهوية ضمن أجندتها التفاوضية مما عرقل المحادثات".
وأضاف: "الزيارة ستضع النقاط فوق الحروف وسيصل الطرفان إلى نقطة مشتركة وستنعكس نتائجها عند استئناف المفاوضات في العاصمة جوبا".
ويشار إلى أن كلمة "كاودا" مشتقة من كلمة "كودي" بالعاميّة التي تعني الشلال المتدفّق من الجبال.
وكانت الحركة الشعبية-شمال قد طلبت من الوساطة تعليق التفاوض مع الحكومة الانتقالية في السودان لمدة أسبوعين بغرض التشاور.
وكان فريق الوساطة بين الفرقاء السودانيين، أعلن تعليق جولة التفاوض بين الحكومة السودانية من جانب، والحركة الشعبية-شمال والجبهة الثورية من جانب آخر، لمدة شهر، من أجل مزيد من المشاورات.
وأقر فريق الوساطة إجراءات لبناء الثقة بين الطرفين، من بينها إطلاق سراح أسرى الحرب وإسقاط الأحكام الغيابية والحظر الذي فرضه نظام الرئيس المعزول عمر البشير على بعض قادة الفصائل المسلحة، وفتح الممرات الإنسانية لإغاثة المتأثرين من الحرب.
ونصت الإجراءات أيضاً على تأجيل تشكيل المجلس التشريعي وتعيين حكام الولايات، لحين التوصل إلى اتفاق حول السلام في مناطق الحروب، ليتسنى لقادة التمرد المسلح المشاركة في السلطة الانتقالية.
aXA6IDMuMTM2LjIzNi4xNzgg
جزيرة ام اند امز