في رحلة، مررنا بها على ثلاث مدن صينية في إقليم شينجيانج، هي أورموتشي، التاي، وكاشقر، أتيح لنا الاقتراب أكثر من قضية الإيغور، التي ازداد الحديث عنها خلال السنوات الأخيرة.
والإيغور من المسلمين، الذين يشكلون نسبة كبيرة في الإقليم الصيني، إضافة إلى الأعراق الأخرى، التي تعيش جنبا إلى جنب في المنطقة الأكبر شمال غربي البلاد.
وقد تتبادر إلى الذهن أسئلة كثيرة حين تزور الإيغور، أبرزها: ما الذي يحدث في أرضهم؟ وما السبب في التركيز عليهم في هذا التوقيت بالذات؟
الإيغور إحدى القوميات، التي تشكل نسيج المجتمع الصيني، إضافة إلى 56 قومية أخرى، ويتمتعون بحرية الاعتقاد، واللغة والثقافة، ويُنتظر منهم أن يُسهموا في نهضة بلادهم ويشاركوا في التنمية كحال جميع المواطنين الآخرين.
وقد سعت الحكومية الصينية في تنفيذ سياسة الإصلاح والانفتاح في الإقليم، الذي عانى الفقر والجهل، حتى حققت تغييرات واضحة به في البنية التحتية والتنمية الحديثة وإعادة تأهيل المدن، وقدمت الحكومة له دعما ماليا بلغ في عام 2012 أكثر من 225 مليار يوان، ليتضاعف إلى نحو 492 مليارًا في عام 2022، بحسب الإحصاءات الحكومية، وتم انتشال أكثر من 3 ملايين مواطن من الفقر، حسب خطة انتهت في العام المنصرم، وتم تعديل 4 آلاف قرية، وبناء المدينة القديمة مرة أخرى في ولاية "كاشقر" على نفقة الحكومة بعد أن تعرضت لزلزال مدمر.
ولعل كلمة السر في التركيز على شينجيانج في هذا التوقيت تكمن في مبادرة "الحزام والطريق"، التي لم تتوقف محاولات إفشالها منذ إعلانها عام 2013، حيث يتمركز الميناء البري الرئيس في الإقليم بالاتجاه نحو آسيا الوسطى وأوروبا، فليس غريبًا أن يتعرض إذًا لمحاولات التلاعب السياسي ومحاولات تسييس قضايا سكانه، الذين ليس لهم همٌ سوى التنمية الاقتصادية، والاجتماعية، ومكافحة الفقر والجهل.
لا خلاف على أنه لا يمكن قبول الدعوات الانفصالية في أي دولة في العالم، وكَيْلُ بعض الدول بمكيالين تجاه القضايا في الصين يدعو للاستغراب، حيث لا تتسامح تلك الدول -بل تتعامل بقسوة بالغة- مع أي حركة انفصالية لديها، لذا فإن تعزيز اللحمة الوطنية ومساعدة المسلمين في الصين على الانخراط في الحراك الثقافي والاقتصادي في بلادهم خير عون لهم من أجل مستقبل أفضل بعيدا عن شعارات أثبتت فشلها في جميع دول العالم، فمشاريع التنمية تُنفذ بشكل متسارع ضمن طريق "الحرير" في إقليم شينجيانج، والمستقبل يحمل في طياته الكثير لشعب الإيغور المحب للصين والمنتمي لبلاده والمسهم في نهضتها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة