"لغد أفضل".. أول منصة إلكترونية لمحاربة التحرش بالجزائر
الناشطة الحقوقية لينا شبوب أطلقت مبادرة "لغد أفضل" بالجزائر لمحاربة ثقافة الاغتصاب ومساعدة الناجين من الاعتداءات والتحرش الجنسي.
أطلقت ناشطة حقوقية جزائرية أول منصة إلكترونية من نوعها في البلاد، تعنى بمحاربة التحرش الجنسي بكل أنواعه ضد الأطفال والنساء.
"TBD Algria" والتي تعني "Tomorrow is a better Day- لغد أفضل" هو العنوان الذي اختارته الناشطة الحقوقية لينا شبوب لمنصتها الإلكترونية، التي تهدف لمحاربة ثقافة الاغتصاب ومساعدة الناجين من الاعتداءات والتحرشات الجنسية التي يتعرض لها الأطفال والنساء في المجتمع الجزائري.
وكشفت الشبكة الجزائرية للدفاع عن حقوق الطفل المعروفة باسم "ندى"، في أغسطس/آب، عن تعرض أكثر من 9 آلاف طفل لاعتداء جنسي سنوياً في الجزائر، ودعت إلى مراجعة عميقة لمنظومة حماية حقوق الطفل.
وتعتبر "لغد أفضل" أول مبادرة من نوعها في الجزائر تقرر محاربة التحرش الجنسي وثقافة الاغتصاب "المسكوت عنها" رغم تزايدها في السنوات الأخيرة بشكل مريب في المجتمع الجزائري، وتهدف لمساعدة المُعتدى عليهم نفسياً واجتماعياً وقضائياً.
ويسعى أصحاب المبادرة إلى "محاربة ثقافة محاسبة الضحية"، إذ ترى لينا أن "نظرة المجتمع للضحايا من خلال تفشي ثقافة لومهم ورفضهم"، من أبرز الأسباب التي تدفعهم إلى السكوت عن الجرائم المرتكبة في حقهم ويعيشون في جحيم دائم.
وكشفت المبادرة عن حالات تحرش واغتصاب جديدة حدثت مؤخراً ببعض مناطق الجزائر، وجندت الناشطة لينا شبوب جمعيات أهلية لمساعدة ضحايا الاعتداءات الجنسية، من بينها النقابة الجزائرية للنفسانيين، بهدف تقديم الدعم النفسي لهم، من خلال مختصين في علم النفس طوال أسبوع كامل لمعالجتهم من الآثار النفسية الناجمة عن التحرش أو الاغتصاب.
حماية الأطفال من التحرش
ودأبت مبادرة "لغد أفضل" على توعية العائلات بخطورة ترك أطفالهم بمفردهم أو مع الغرباء، وقدمت عدة نصائح لحمايتهم من الاعتداءات الجنسية والاغتصاب.
وتعتبر مبادرة أنه "لا توجد طريقة مضمونة لحماية الأطفال من الاعتداءات الجنسية"، إلا أنها أشارت إلى ما تعتبرها "خطوات يمكنها التقليل من هذا الخطر".
ومن بين تلك الخطوات التي تحرص المبادرة على نشرها في المجتمع الجزائري "ضرورة انخراط الآباء في حياة أطفالهم والتقرب منهم"، وتعتبر ذلك مهماً من الجانب النفسي للطفل حينما يشعر بالراحة النفسية مع والديه في حال تعرضه لأي مشكلة.
كما تدعو العائلات إلى إظهار اهتمامها بحياة أطفالها اليومية، والتعرف على أصدقائهم وكل الأشخاص في حياتهم، وتشجيعهم على التحدث وسماع مشاكلهم، لأن ذلك يمنحهم الشجاعة في الحديث عن أي شيء.
ومن خطوات الحماية أيضاً التي تناضل من أجلها مبادرة "لغد أفضل" "تعليم الأطفال حدود الآخرين على جسده"، و"كيف يتحدث عن جسده في سن مبكرة" أو ما يعرف بـ"الثقافة الجنسية" من خلال تعليمهم أسماء أعضاء جسمه، وترى في ذلك "قدرة على إخبار الوالدين بأي خطب ما".
بالإضافة إلى دعوة الآباء والأمهات إلى تخصيص أوقات لمساعدتهم والاهتمام بهم، وأن يكونوا مصدر ثقة وأمان لهم وعدم معاقبتهم في حال تعرضوا للاعتداء الجنسي، محذرة من أساليب الجناة في استعمال التهديد وسط حاجة الأطفال الضحايا للبوح بما تعرضوا له لأهاليهم.
وحتى تصل إلى أكبر عدد من أفراد المجتمع الجزائري، لجأت صاحبة المبادرة إلى مخاطبتهم بثلاث لغات وهي العربية والإنجليزية والفرنسية.
مفهوم واسع
ووفق المبادرة، فإن للاعتداء الجنسي مفهوم واسع، وترى فيه مصطلحاً واسعاً يشمل الاعتداء الجنسي اللفظي والجسدي غير المرغوب فيه.
وتعرف "TBD Algeria" الاعتداء الجنسي على أنه كل ما يشمل طلبات الخدمات الجنسية، والتحرش اللفظي ذا الطبيعة الجنسية بما فيه النكت التي بها إيحاءات جنسية، ولمسا غير مرغوب فيه، مناقشة العلاقات الجنسية من قصص وتخيلات سواء في العمل أو المدارس أو أي أماكن أخرى غير مناسبة.
وتقول صاحبة المبادرة إن "الاعتداء الجنسي يشير إلى الاتصال أو السلوك الجنسي، الذي يكون غالباً جسدياً، ويحدث دون موافقة الضحية".
آثار التحرش الجنسي
وقدمت مبادرة "لغد أفضل" الجزائرية جميع الآثار التي تظهر على ضحايا الاعتداءات الجنسية في إطار توعيتها للعائلات وتنبيههم في حال عدم قدرة الأطفال أو النساء على كشف ما تعرضوا له.
وأشارت إلى أن التحرش الجنسي يعرّض الناجين منه إلى مخاوف عاطفية وبدنية ونفسية، وحددت 7 تأثيرات عاطفية، وهي: الخوف والغضب والإذلال والعار والشعور بالذنب والخيانة والعجز وفقدان السيطرة.
كما أبرزت 9 آثار نفسية على الضحايا، وتتعلق بـ: القلق والتوتر، الاكتئاب، نوبات الذعر، اضطراب ما بعد الصدمة، صعوبة في التركيز، فقدان الدافع، تعاطي المخدرات، والتفكير في الانتحار.
أما الآثار الجسدية التي كشفت عنها المبادرة، فتتلخص في زيادة مستويات التوتر والصداع والإعياء واضطرابات النوم والأكل.
عقوبات غير كافية
وتعتبر لينا شيبوب أن العقوبات الواردة في القانون الجزائري غير كافية لردع الجناة والحد من ظاهرة الاعتداء الجنسي على الأطفال والنساء في المجتمع الجزائري.
وترى بأن الأمر يتطلب جهداً جماعياً يبدأ "بكسر التابوهات سواء من المجتمع أو من الضحايا"، وإشراك الأخصائيين النفسيين والقانونيين للحد من الآثار النفسية وضماناً لحقهم أمام القضاء.
وتنص المادة 341 مكرر من قانون العقوبات الجزائري الخاصة بالتحرش الجنسي على أنه: "يعد مرتكباً لجريمة التحرش الجنسي ويعاقب بالحبس من شهرين إلى خمس سنوات وبغرامة 50 ألف دينار جزائري (ما يعادل 640 دولارا)، إلى 100 ألف دينار جزائري (1280 دولار)، كل شخص يستغل سلطة وظيفته أو مهنته عن طريق إصدار أوامر للغير أو بالتهديد أو الإكراه أو بممارسة ضغوط عليه قصد إجباره على الاستجابة لرغباته الجنسية".
وفصل القانون طبيعة العقوبات، إذ أشار إلى أنه "إذا كانت الضحية قاصراً لم تتجاوز الـ16 سنة، تُرفع العقوبة لتصبح من 10 إلى 20 سنة، وإذا كان المجني من الأصول أو من فئة من له سلطة على الضحية أو كان موظفاً أو من رجال الدين ترفع العقوبة في هده الحالة إلى السجن المؤبد"، وإذا استعان الجاني بشخص أو أكثر تُرفع العقوبة كذلك إلى السجن المؤبد.
aXA6IDMuMTUuMTQ1LjUwIA==
جزيرة ام اند امز