عودة الحريري.. هل من شيء يؤذي حزب الله أكثر من ذلك؟
ما يواجهه حزب الله ليس سوى الثمن الذي كان يجهل أنه سيدفعه.
بعد خطابيه "المُلتبسين"، لن يعود زعيم مليشيا حزب الله اللبنانية حسن نصر الله، على الأرجح بخطاب ثالث، ليكرر فيه اتهامه للرياض باحتجاز رئيس الوزراء المستقيل سعد الحريري، الذي ظهر، الأحد، بمنصة لبنانية، لتكذيب وفضح الوكيل الإيراني في بلاده.
مقابلة الحريري أعفت زعيم مليشيا حزب الله، على الأقل من الدور الذي اختاره مؤخرا كمحامٍ مدافع عن الحريري الابن، وهو الذي ما يزال متهما بالضلوع في اغتيال الأب، رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في 2005.
المفارقة أن الحريري أرجع استقالته التي أعلنها في الرياض لاختطاف حزب الله، وبتحريض إيراني، للبنان، ما شلّ حركة الدولة، وجعلها في تضاد مع محيطها العربي.
وأثار نصر الله سخرية المراقبين الذين أكدوا أن دوافع حملته الدعائية ضد السعودية، ليست حرصا منه على من وصفه بـ"رئيس وزرائنا"، بل حرصا على جماعته التي يدرك أنها ترزح اليوم، تحت التهديد الوجودي، أكثر من أي وقت مضى.
ولفهم طبيعة هذا التهديد، تجدر العودة إلى مقابلة الحريري مع قناة المستقبل، الأحد؛ إذ قال إنه تردد كثيرا في قرار الاستقالة بسبب المخاوف من عقوبات اقتصادية أمريكية وعربية.
وببداهة تستهدف هذه العقوبات، التي كانت محتملة وصارت راجحة، حزب الله، لكن آثارها ستمتد بالطبع إلى جهاز الدولة.
وتقول الصحفية والباحثة اللبنانية حنين غدار، إن حزب الله "أصبح مكشوفا الآن، من دون وجود حكومة ائتلافية تُضفي طابع الشرعية على أنشطته المحلية والإقليمية، ومن دون شريك سني مهم ليحل محل الحريري".
ويُدرك قادة حزب الله، طبقا لمقالة نشرتها غدار في موقع "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى"، أنهم "بحاجة إلى غطاء الحكومة؛ لمواجهة عقوبات دولية جديدة محتملة".
وترى غدار، أن ما يواجهه حزب الله ليس سوى الثمن الذي كان يجهل أنه سيدفعه، نظير تورطه في الحرب السورية، لإنقاذ نظام بشار الأسد، المتخندق معه في الحلف الإيراني.
فبعد سنوات من التباهي بأنه حائط الصد الأول، قبالة الاحتلال الإسرائيلي، وجد الحزب شعبيته تتآكل، وهو يدير ظهره لهضبة الجولان المغتصبة، ليقصف مدنيين، لأنهم ثاروا ضد دكتاتور يتلذذ بقتلهم.
هذا التدخل الذي يرى أكثرية اللبنانيين أنه ليس نتاج مصلحة وطنية بل "أوامر إيرانية"، انتهى إلى النتيجة التي كانوا يخشونها، وهي انتقال تداعيات حرب جارتهم إلى بلادهم.
ومن هنا يُفهم جزم الحريري، في مقابلته، بأنه لن يسمح "لأي شخص يقوم بحرب على لبنان لحسابات إقليمية".
وضمنيا، ربط الحريري بين قراره والصاروخ الباليستي، الذي أطلقه الحوثيون، "الوكيل" الإيراني الآخر، في اليمن، ناحية الرياض، بعد ساعات من إذاعة استقالته التي باغتت حزب الله.
لكن حزب الله، الذي أراد تصوير نفسه كقوة إقليمية، من خلال مساندته لعائلة الأسد، بالتزامن مع تدخل أقل حدة في العراق، بات يستنجد بالحريري، خصمه التقليدي، لإنقاذ سطوته المحلية.
وبعد أكثر من أسبوع من حملة دعائية، فإن أكثر ما يؤذي حزب الله، عودة الحريري إلى بلاده "خلال أيام"، حسبما أعلن الرجل رسميا.
فعودة الحريري، بوصفه زعيما لتيار المستقبل، تُجرد خصمه من ورقة "الفراغ السياسي والفوضى"، اللذين تقول غدار إنهما "لم يُسهما سوى في تقوية حزب الله، وإضعاف الدولة، منذ عام 2005، ولذلك لا يمكن التعويل عليهما بالفعل، لمواجهة الحزب اليوم".
aXA6IDMuMTQ3Ljg5LjUwIA== جزيرة ام اند امز