القسوة في الصغر تحرم طفلك الجامعة في الكبر
التربية القاسية تخلق تشوهاً نفسياً داخل الأطفال يؤثر على تحصيلهم العلمي.
تربية الأطفال عملية مرهقة، ويشغل بال كثير من الآباء سؤال هل القسوة مطلوبة للتربية أم أن الرأفة هي الحل؟
هذا السؤال كان محور دراسة جديدة خلصت إلى أن استخدام الحزم الشديد لدرجة تجعل معاملتك لأطفالك تتسم بالقسوة مثل الصراخ والضرب والدفع بقوة واستخدام التهديدات اللفظية والجسدية ربما تؤثر سلباً على قدرة الأطفال على النجاح في الثانوية العامة والجامعة. إلى جانب ما أظهرته دراسات سابقة أن ضرب الأطفال قد يؤدي إلى أن يصبحوا أكثر عدوانية ويعانون من المشاكل الصحية العقلية مثل الاكتئاب والقلق مما قد يؤدي إلى صعوبات في التعلم.
روشيل هنتجز، المتخصصة في علم النفس في جامعة بيتسبرج الأمريكية، ورئيسة فريق الدراسة، ترى أن دراستها هي وزملائها تُعد أول دراسة تستكشف كيف يمكن أن تؤثر التربية القاسية على التحصيل العلمي للطفل على المدى الطويل، استناداً على كيفية تأثير هذه التربية على علاقاتهم بأقرانهم وسلوكهم الجنسي ومعدل انحرافهم.
وتتبعت الدراسة، بحسب ما ذكرته شبكة "سي إن إن" الأمريكية، أكثر من 1500 طالب في مقاطعة كبيرة في ولاية ماريلاند الأمريكية خلال فترة امتدت 9 سنوات، من الصف السابع وحتى 3 سنوات بعد الفترة التي كان متوقعاً أن يتخرج فيها الطلاب في الثانوية العامة.
ومنح الباحثون الطلاب استبياناً وسألوهم إذا كان أهاليهم صرخوا فيهم وضربوهم ودفعوهم بقوة أو قاموا بكل هذه الأمور وذلك لفهم حجم الاعتداء الجسدي أو اللفظي الذين تعرضوا له، كما سألوهم عن علاقاتهم بأقرانهم ونشاطهم الجنسي وانحرافهم مثل سرقة السلع من المتاجر.
وخرجت النتائج لتكشف عن أن الأطفال الذين قالوا في الصف السابع إنهم تعرضوا للتربية القاسية كانوا أكثر ميلاً للقول في الصف التاسع إن أقرانهم أكثر أهمية لهم من اتباع قواعد والديهم أو القيام بواجباتهم المنزلية.
ووجدت الدراسة أن التربية القاسية في الصف السابع كانت مرتبطة ارتباطاً مباشراً بالتحصيل العلمي، وكان الأطفال أكثر ميلاً لترك التعليم الثانوي أو الجامعة.
وقالت هنتجز، إن الإنسان عندما يكون في هذه البيئة القاسية منعدمة الاستقرار فإنه يبحث عن المكافآت الفورية بدلاً من التركيز على النتائج طويلة الأجل، مشيرة إلى وجود استجابة تطورية للتربية القاسية لفظياً وجسدياً.
كما أوضحت أن التربية الأكثر قسوة تؤدي إلى أن يكون الأطفال أقل تعلقاً بوالديهم ويعتمدون اعتماداً مفرطاً على أقرانهم. مؤكدة أن القضاء على أي شكل من أشكال العدوان اللفظي أو الجسدي أو تقليله سيسمح للأطفال بالنمو في بيئة أكثر دعماً، مما قد يقلل فيما بعد من اعتمادهم المفرط على أقرانهم وفرص مشاركتهم في سلوكيات محفوفة بالمخاطر.