حصاد زيارة محمد بن زايد لفرنسا.. حفاوة استثنائية و12 اتفاقية
بـ12 اتفاقية، اختتم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، اليوم الثلاثاء، زيارة تاريخية إلى فرنسا، بعد استقبال وحفاوة بالغين.
تلك الزيارة شملت لقاءات لرئيس دولة الإمارات مع إليزابيث بورن، رئيسة الوزراء الفرنسية، وجيرالد لارشيه، رئيس مجلس الشيوخ (الغرفة العليا في البرلمان) ويائيل برون بيفي، رئيسة الجمعية الوطنية الفرنسية ( البرلمان)، بالإضافة إلى لقاءاته مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وشهدت الزيارة إطلاق مجلس الأعمال الإماراتي - الفرنسي والذي يهدف إلى فتح آفاق جديدة ورفع مستوى التعاون الثنائي في عدد من القطاعات ذات الاهتمام المشترك، بالإضافة إلى توقيع 12 اتفاقية ومذكرة تفاهم لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وتنمية آفاقها في مختلف المجالات، بينها اتفاقية بشأن شراكة إستراتيجية شاملة في مجال الطاقة.
الاتفاقيات التي عبرت عن تميز العلاقات بين البلدين، كانت أحد جوانب الاحتفاء بالشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إلا أنها لم تكن الوحيدة؛ فاللافتات الترحيبية عُدت أحد مظاهر احتفاء فرنسا بضيف البلاد الكبير، بالإضافة إلى استقباله في 4 قصور عريقة هي: الإنفاليد، الإليزيه، فرساي وقصر لوكسمبورج ، كما تم منحه "وسام جوقة الشرف " من طبقة الصليب الأكبر والذي يعد أعلى وسام وطني فرنسي.
فمنذ حلّ ضيف فرنسا الكبير، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ويتلقى احتفاء منقطع النظير من نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي لم يكتفِ باستقباله بمقر الرئاسة المعروف بـقصر "الإليزيه"، بل كان محل احتفاء آخر بـ 3 قصور عريقة، لهما دلالتهما في تكريم الضيوف الكبار.
وفي مستهل زيارته أمس الإثنين، استُقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في قصر الإنفاليد، الذي استعد بكامل حلته، وبمراسم استقبال رسمية لضيف فرنسا الكبير؛ فرافقت رئيس دولة الإمارات، مجموعة من الخيالة التابعة للحرس الجمهوري الفرنسي ودراجات نارية استعراضية، ثم عزف السلام الوطني لكلا البلدين. وزار الشيخ محمد بن زايد آل نهيان النصب التذكاري لنابليون بونابرت المقام في القصر.
بعد الإنفاليد، كان قصر الإليزيه على موعد مع وصول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، فعلى بساط أحمر ممتد إلى مدخله، استقبل الرئيس الفرنسي في قصر الرئاسة، ضيف بلاده الكبير.
ومنح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان "وسام جوقة الشرف" من طبقة الصليب الأكبر والذي يعد أعلى وسام وطني فرنسي، تقديرا لدوره في تعزيز علاقات الصداقة والتعاون بين دولة الإمارات وفرنسا على مختلف المستويات .
فيما منح الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الرئيس إيمانويل ماكرون "وسام زايد" وهو أعلى وسام مدني في دولة الإمارات يمنح للرؤساء والملوك الذين أسهموا بأدوار بارزة في خدمة علاقات البلدين وازدهارها.
وزار الشيخ محمد بن زايد آل نهيان " قصر لكسمبورغ " التاريخي - مقر مجلس الشيوخ الفرنسي، وقام بجولة في أروقة المجلس، شملت القاعة الرئيسية ومكتبة القصر وعددا من المرافق استمع خلالها إلى شرح حول تاريخ القصر والحياة النيابية في فرنسا.
وفي مساء اليوم الأول من الزيارة، استقبل الرئيس الفرنسي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في قصر فرساي العريق بباريس، والذي استعد لضيف فرنسا الكبير بمأدبة عشاء.
مظاهر الاحتفاء تلك ومأدبة العشاء، أعرب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عن شكره وتقديره لحفاوة الاستقبال التي لقيها خلال زيارته إلى فرنسا .
وفي اليوم الثاني من الزيارة ( اليوم الثلاثاء)، زار الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ، النصب التذكاري للجندي المجهول في ميدان "قوس النصر" في مدينة باريس .
وأقيمت له المراسم العسكرية الرسمية لدى وصوله مقر الصرح وعزف السلام الوطني لكل من دولة الإمارات والجمهورية الفرنسية، ثم وضع إكليلاً من الزهور على نصب "الجندي المجهول" وكتب كلمة في كتاب الزوار قال فيها : "تحية تقدير لكل الأرواح التي ضحت في سبيل الدفاع عن أوطانها ".
اللقاء الرابع.. دلالات هامة
وخلال زيارته التاريخية لفرنسا، أجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان سلسلة مباحثات هامة لتعزيز علاقات البلدين على مختلف الأصعدة السياسية والبرلمانية والاقتصادية وغيرها.
أولى تلك المباحثات وأبرزها، جرت في قصر الإليزيه مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وتناولت بحث علاقات الصداقة التاريخية الراسخة، والفرص الواعدة لتطوير التعاون وتوسيع آفاقه في مختلف الجوانب.
وقال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إن علاقات الصداقة بين دولة الإمارات وفرنسا قويةٌ وراسخةٌ منذ عهد الأب المؤسس، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان .
وأشار إلى أن الطاقةَ بكل أنواعها تمثل أحد أهم مجالات التعاون بين البلدين، مؤكدًا حرص دولة الإمارات على دعم أمن الطاقة في العالم عامة وفي فرنسا الصديقة خاصة .
من جانبه أعرب الرئيس الفرنسي عن سعادته بزيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى بلاده، مثمناً اختياره فرنسا لتكون وجهة لأول زيارة دولة له بعد انتخابه رئيساً لدولة الإمارات، ووصف زيارة الدولة التي يقوم بها رئيس الإمارات إلى فرنسا بأنها "تاريخية".
وتعد هذه أول زيارة للشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى فرنسا بعد توليه رئاسة دولة الإمارات العربية المتحدة خلفا لأخيه الراحل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان في 14 مايو/أيار الماضي.
كما أنها الثانية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى باريس خلال 10 شهور بعد الزيارة التي أجراها في منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، والتقى خلالها الرئيس ماكرون.
واللقاء الذي جمعهما هو الرابع خلال الفترة نفسها، بعد لقائهما خلال زيارتين أجراهما ماكرون لدولة الإمارات إحداهما رسمية في 3 ديسمبر/كانون الأول الماضي، والأخرى في 15 مايو/أيار لتقديم التعازي في وفاة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان.
وحملت رحلة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى فرنسا مسمى "زيارة دولة" والتي تعد الأعلى مستوى بين أنواع الزيارات التي تتم بين قادة الدول ورؤساء الحكومات.
مباحثات هامة
والتقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ، جيرالد لارشيه رئيس مجلس الشيوخ في مقر المجلس في قصر لوكسمبورج، لبحث علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين في مختلف الجوانب خاصة المجال البرلماني
وأعرب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عن تطلعه إلى أن تمثل الزيارة دفعا قويا لتطوير علاقات التعاون المتميزة بين دولة الإمارات وفرنسا على مختلف الصعد خاصة شقها البرلماني بما يسهم في تعزيز التواصل والارتقاء بالتعاون الثنائي المشترك.
كما زار الشيخ محمد بن زايد آل نهيان اليوم الثلاثاء مقر الجمعية الوطنية الفرنسية "البرلمان الفرنسي"، وكان في استقباله يائيل برون بيفي رئيسة الجمعية الوطنية الفرنسية وعدد من النواب الذين رحبوا بزيارته إلى بلادهم.
وتناول الجانبان عددا من القضايا ذات الاهتمام المشترك وتبادلا وجهات النظر بشأنها.
والتقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إليزابيث بورن رئيسة الوزراء الفرنسية في مقر رئاسة الوزراء الفرنسية، لبحث مسارات التعاون والعمل المشترك بين البلدين في مختلف الجوانب في إطار الشراكة الإستراتيجية الشاملة التي تجمعهما.
12 اتفاقية
وشهدت الزيارة توقيع 12 اتفاقية ومذكرة تفاهم لتعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات إضافة إلى إطلاق مجلس أعمال مشترك.
وتضمنت الاتفاقيات والمذكرات التي وقعها الجانبان:
1 ــ خطاب نوايا بشأن منح الإذن لأفراد عائلات موظفي البعثات الدبلوماسية ووزارة الخارجية والتعاون الدولي لمزاولة العمل.
2 ــ إعلان مشترك للتعاون بين دولة الإمارات وفرنسا في مجال التعليم العالي.
3 ــ مذكرة تفاهم بين وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة ومجموعة أفنور للتعاون في مجال التقييس.
4 ــ مذكرة تفاهم بين مكتب المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي والحكومة الفرنسية في مجال العمل المناخي .
5 ـ خارطة طريق للتعاون بين مجلس توازن الاقتصادي لدولة الإمارات العربية المتحدة والإدارة العامة للتسليح في وزارة الدفاع الفرنسية.
6 ــ مذكرة تفاهم بين مركز محمد بن راشد للفضاء والمركز الوطني للدراسات الفضائية في فرنسا حول تعاونهما في استكشاف القمر..
7 ـ خطاب نوايا حول رصد الأرض بين مركز محمد بن راشد للفضاء والمركز الوطني الفرنسي للدراسات الفضائية .
8 ـ خطاب نوايا بشأن أنشطة رحلات الفضاء البشرية بين مركز محمد بن راشد للفضاء والمركز الوطني الفرنسي للدراسات الفضائية.
9ــ مذكرة تفاهم للتعاون بين معهد "باستير" ومركز أبوظبي للصحة العامة.
10 عقد تأسيس شركة "إن تي إنيرجيز" بين شركة تكنيب وشركة الإنشاءات البترولية الوطنية.
11- توقيع اتفاقية شراكة إستراتيجية شاملة في مجال الطاقة بين دولة الإمارات وفرنسا .
12 – توقيع اتفاقية شراكة إستراتيجية بين شركتي "أدنوك" و"توتال إنرجيز".
مجلس أعمال فرنسي إماراتي
وبحضور الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مأدبة عشاء رسمية أقيمت في قصر فرساي، أطلق مجلس الأعمال الفرنسي الإماراتي.وتتمثل أهداف المجلس في تعزيز التبادلات الاقتصادية، وإتاحة المجال للقطاع الخاص في كل من دولة الإمارات وفرنسا للتواصل مع صناع القرار من القطاع العام، وكذلك تحديد وتنفيذ مشاريع استثمارية مشتركة.
لقاء أبوي ورسائل فخر
ولم يشأ رئيس الإمارات أن يختتم زيارته إلى فرنسا، دون أن يلتقي عددا من طلبة دولة الإمارات الدارسين في الجامعات والمعاهد الفرنسية، في لقاء أبوي للاطمئنان على أحوالهم.وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على أهمية الدور الذي يضطلع به طلبة الإمارات الدارسين في الخارج كونهم سفراء لوطنهم وجسراً للتواصل ونقل الصورة الحضارية لبلدهم إلى الشعوب الأخرى، وإبراز ما يتحلى به شعب دولة الإمارات من قيم تسامح وتعايش وتواصل.
وأعرب عن سعادته واعتزازه بلقاء الطلبة والتعرف إليهم والاطمئنان على أحوالهم مؤكداً أن كل طلبة دولة الإمارات سواء خارج الوطن أو داخله هم محل اهتمام قيادة الدولة.
من جانبهم أعرب طلبة الإمارات عن سعادتهم واعتزازهم بلقاء الشيخ محمد بن زايد آل نهيان معاهدين إياه بأن يكونوا عند حسن ظن قيادة الدولة في تحصيلهم العلمي وصولا إلى أعلى الدرجات العلمية والأكاديمية لمواصلة مسيرة التقدم في الوطن.
كما التقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عددا من الأطباء الإماراتيين الذين شاركوا مع زملائهم الفرنسيين في الخطوط الأمامية في علاج المصابين خلال عملهم في المستشفيات والمراكز الطبية في فرنسا أثناء جائحة "كوفيد -19"،
بيان ختامي
وغادر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان باريس بعد زيارة دولة إلى فرنسا استمرت يومين، وجرت له مراسم وداع رسمية في "مطار أغلي" حيث عزف السلام الوطني لدولة الإمارات.
وصدر في ختام الزيارة بيان مشترك تضمن رؤية البلدين لتطوير الشراكة الإستراتيجية القائمة بينهما، وسبل مواجهة التحديات الدولية والإقليمية القائمة.
وأثنى الرئيسان على عمق الشراكة الإستراتيجية بين البلدين، مؤكدين الالتزام المشترك تجاه توسيع آفاق التعاون الثنائي في جميع المجالات والعمل معا في مواجهة التحديات العالمية والإقليمية.
وفيما يتعلق بالأزمة في أوكرانيا، شدد الرئيسان على الضرورة الملحّة لتكثيف الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى حل للأزمة.
وبشأن التعاون لمكافحة الإرهاب، أكدت دولة الإمارات وفرنسا بصفتهما عضوين مؤسسين في التحالف الأمني الدولي منذ عام 2017، التزامهما بمكافحة التطرف والجريمة العابرة للحدود، من خلال تبادل الخبرات ومواصلة تعزيز الجهود المشتركة مع بقية الدول الأعضاء.