حصاد زيارة محمد بن زايد للصين.. مباحثات واتفاقيات ورسائل
نتائج بارزة حققتها زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات للصين، تختزل رسائل تعاون مثمر تدفع 4 عقود من العلاقات والشراكة.
واليوم الجمعة، غادر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان العاصمة الصينية بكين، مختتما "زيارة دولة" استمرت يومين، أجرى خلالها مباحثات منفصلة مع الرئيس الصيني شي جين بينغ، ولي تشيانغ رئيس مجلس الدولة، وتشاو له جي رئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب.
وخلال الزيارة شهد زعيما البلدين توقيع 19 اتفاقية ومذكرة تفاهم لتعزيز التعاون بين البلدين في مجالات عدة.
رسائل سلام
أيضا شارك الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، خلال الزيارة، في الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي-الصيني، بحضور الرئيس شي جين بينغ، وعدد من قادة الدول العربية الشقيقة.
وألقى خلالها كلمة مهمة تضمنت رسائل للعالم أجمع تدعو إلى السلام والتعاون، وفي قلبها الاهتمام بالشأن الفلسطيني بشكل عام والوضع في غزة بشكل خاص.
وفي لفتة أبوية مهمة، حرص الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على لقاء عدد من طلبة دولة الإمارات في الجامعات والمعاهد الصينية للاطمئنان على أحوالهم وسير دراستهم.
أيضا في لفتة مهمة تعبر عن تقديره للعلاقات الثقافية والإنسانية بين دولة الإمارات والصين، قام الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في ختام زيارته، بزيارة النصب التذكاري في بكين الذي شيد تكريماً للصينيين ممن ضحوا بأرواحهم دفاعاً عن وطنهم عبر التاريخ، ووضع إكليلاً من الزهور على النصب.
وعبّر عن تقديره لنجاح الشعب الصيني في مواجهة التحديات وصولاً إلى النهضة التي يعيشها خلال المرحلة الحالية.
مباحثات واتفاقيات ولفتات شهدتها "زيارة الدولة" التي تعد الأعلى مستوى بين أنواع الزيارات التي تتم بين قادة الدول، وقوبل خلالها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بحفاوة بالغة وترحاب كبير، الأمر الذي يعكس تقدير الصين وقيادتها للإمارات والمكانة البارزة التي تحظى بها.
حصاد مثمر للزيارة سيسهم بشكل كبير في تعزيز ودفع علاقات "الشراكة الاستراتيجية الشاملة" التي تربط الإمارات بالصين.
حصادٌ يتزامن أيضا مع الذكرى الأربعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الإمارات والصين التي تحل العام الجاري، الأمر الذي يجعل لها رمزية تاريخية خاصة في مسار العلاقات الثنائية المتنامية.
«علاقات وطيدة»
حسين إبراهيم الحمادي، سفير دولة الإمارات لدى الصين، أكد أن العلاقات التي تجمع بين البلدين وطيدة ووثيقة، وبنيت على أسس قوية منذ تأسيسها في 1984.
وأضاف في تصريحات لوكالة وام أن العلاقات ارتقت تحت قيادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة والرئيس الصيني شي جين بينغ لتصل إلى الشراكة الاستراتيجية الشاملة في عام 2018 في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية والسياسية والدبلوماسية.
وقال السفير حسين إبراهيم الحمادي "نحن الآن في مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية"، معتبرا أن زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى الصين "ذات أهمية تاريخية كبيرة".
وأوضح أن أهمية الزيارة تنبع مما "تحمله من فرص وإمكانيات لتعزيز الروابط الاقتصادية المتقدمة باستمرار، ودعم المبادرات الاستراتيجية مثل الحزام والطريق، وتعزيز التعاون الثنائي في القطاعات الرئيسية مثل الطاقة المتجددة، وتطوير البنى التحتية".
مباحثات مهمة
أجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مباحثات مع عدد من المسؤولين الصينيين خلال الزيارة، تضمنت رسائل مهمة تبرز خصوصية العلاقات بين البلدين، وتوافق رؤى ليس فقط حول مسار تعزيزها بل أيضا بشأن تعزيز الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة والعالم.
وبحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس شي جين بينغ، مختلف أوجه العلاقات الثنائية والعمل المشترك من أجل تعزيزها وتوسيع آفاقها في ظل الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين الصديقين.
جاء ذلك خلال جلسة المباحثات التي عقدها الجانبان في قاعة الشعب الكبرى بالعاصمة بكين، حيث رحب الرئيس الصيني بالشيخ محمد بن زايد آل نهيان، مؤكداً عمق العلاقات التي تجمع بين البلدين والتوجه نحو تنميتها في مختلف المجالات.
وأكد الجانبان، خلال المباحثات، أن الذكرى الأربعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الإمارات والصين التي تحل العام الجاري تمثل مناسبة للاعتزاز بالتطور الكبير الذي شهدته على مدى العقود الماضية، والحرص على مواصلة العمل المشترك من أجل مستقبل أكثر حيوية وتطوراً لهذه العلاقات.
وتبادل الطرفان وجهات النظر حول عدد من القضايا والمستجدات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وأهمية العمل على ترسيخ السلام والاستقرار في العالم وتسوية الصراعات من خلال الحوار والقنوات الدبلوماسية، مؤكدين أهمية العمل الجماعي الدولي في مواجهة التحديات العالمية المشتركة.
كما شدد الرئيسان على أهمية تعزيز التعاون والتنسيق ضمن أُطر العمل الدولي المشتركة التي تجمع البلدين، بما يعزز مصالحهما المتبادلة ويدعم السلام والتنمية والازدهار في العالم.
واستعرض الزعيمان تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، مؤكدين ضرورة العمل من أجل الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة وضمان الحماية للمدنيين فيه وتوفير المساعدات الإنسانية الكافية والآمنة والمستدامة لهم.
كما حثا على ضرورة منع توسع الصراع في المنطقة بما يهدد الأمن والاستقرار الإقليميين، وإيجاد أفق للسلام الدائم والشامل القائم على "حل الدولتين" وقرارات الشرعية الدولية، كونه السبيل لتحقيق مصلحة الجميع.
وأكد الجانبان، في هذا السياق، دعمهما لكل الجهود والتحركات الإقليمية والدولية الهادفة إلى تحقيق التهدئة في المنطقة، وتفادي المزيد من التوتر والصراع فيها.
وعلى صعيد العلاقات بين البلدين، أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أن العلاقات التنموية بين الإمارات والصين حققت نقلات نوعية كبيرة خلال السنوات الماضية.
ولفت إلى أن الصين تعد الشريك التجاري الأول عالمياً للإمارات، وأن هناك عملا مشتركا لمضاعفة حجم التجارة بينهما خلال السنوات المقبلة.
كما أكد أن الإمارات شريك استراتيجي في مبادرة "الحزام والطريق" منذ إعلانها، مضيفاً أن الإمارات تعدّ بوابة تجارية مهمة إلى منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط.
وأقام الرئيس شي جين بينغ مأدبة، تكريماً للشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وقبيل بدء المباحثات، جرت للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، لدى وصوله إلى قاعة الشعب الكبرى في بكين، مراسم استقبال رسمية، حيث عزف السلام الوطني للبلدين، واصطفت ثلة من حرس الشرف تحية له، إضافة إلى مجموعات من الأطفال يلوحون بأعلام البلدين ويرددون عبارات ترحيبية.
وفي لقاء منفصل، بحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مع لي تشيانغ رئيس مجلس الدولة الصيني، العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها.
ورحب تشيانغ بالشيخ محمد بن زايد آل نهيان، مؤكداً ما تمثله زيارته من أهمية كبيرة لحاضر العلاقات الثنائية ومستقبلها.
أيضا التقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، تشاو له جي رئيس اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، حيث بحث الجانبان العلاقات الثنائية وسبل تنميتها في المجالات الاقتصادية والتنموية والبرلمانية.
كما تطرق اللقاء إلى دور البرلمان في البلدين في تعزيز العلاقات الثنائية ودفعها إلى الأمام خاصة في المجال التنموي بما يصب في مصلحة شعبيهما الصديقين، إضافة إلى أهمية البرلمانات في دعم السلام والتفاهم المشترك على المستوى العالمي.
19 اتفاقية
في إطار الحرص المشترك على تعزيز الشراكة الإستراتيجية الشاملة التي تربط البلدين، شهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس الصيني شي جين بينغ، توقيع وتبادل عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين، شملت العديد من مجالات التعاون بين البلدين، وهي:
1. مذكرة تفاهم بشأن الصياغة المشتركة لخطة التعاون في بناء الحزام والطريق.
2. مذكرة تفاهم بشأن تأسيس اللجنة العليا للتعاون الاستثماري.
3. مذكرة تفاهم بشأن التعاون بين مجلس الإمارات للإعلام، والإدارة الوطنية للإذاعة والتليفزيون في الصين.
4. مذكرة تفاهم بين المكتب الوطني للإعلام، ومجموعة الصين للإعلام.
5. اتفاقية للتعاون حول الاستخدامات السلمية للطاقة النووية.
6. مذكرة تفاهم للتعاون بشأن الاعتراف بشهادات كفاءة البحارة.
7. اتفاقية تعاون في مجال العلوم والتكنولوجيا.
8. مذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال الصناعات والتكنولوجيا.
9. مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الملكية الفكرية.
10. مذكرة تفاهم في مجال تنمية قطاع السياحة.
11. مذكرة تفاهم لإنشاء مجموعة عمل الاستثمار والتعاون الاقتصادي.
12. مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون الاستثماري في مجال التنمية الخضراء.
13. مذكرة تفاهم للتعاون في مجال التسامح والتعايش.
14. بروتوكول بين وزارة التغير المناخي والبيئة في الإمارات والإدارة العامة للجمارك في الصين، بشأن متطلبات الحجر الصحي والشروط الصحية "للأحياء المائية ذات الأصل الحيواني الصالحة للاستهلاك الأدمي"، المصدرة من دولة الإمارات العربية المتحدة إلى جمهورية الصين الشعبية.
15. مذكرة تفاهم للتعاون الصحي.
16. مذكرة تفاهم بشأن التعاون في القطاع الثقافي بين وزارة الثقافة بدولة الإمارات، ووزارة الثقافة والسياحة في الصين.
17. مذكرة تفاهم في مجال التعليم العالي.
18. مذكرة تفاهم للتعاون في مجال تعليم اللغة الصينية.
19. مذكرة تفاهم للتعاون في مجال الإحصاء.
رسائل مهمة للعالم
وشهدت الزيارة مشاركة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي -الصيني، بحضور الرئيس الصيني وعدد من قادة الدول العربية الشقيقة.
وتضمنت كلمته أمام الاجتماع رسائل هامة للعالم أجمع تدعو للتعاون لمواجهة التحديات، وسبل تحقيق الأمن والسلام والاستقرار والازدهار.
وأكد خلال كلمته حرص دولة الإمارات على التعاون مع أشقائها في الدول العربية، بهدف دعم وتعزيز مسيرة التعاون العربي - الصيني، بما يخدم تطلعات الجانبين.
وبين أن الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي الصيني يأتي في وقت يحتاج فيه العالم إلى التكاتف والتضامن لمواجهة التحديات المشتركة.
وشدد رئيس دولة الإمارات على أن دولة الإمارات تؤمن بأن تضافر الجهود والتعاون والعمل الدولي المشترك هو السبيل الأفضل للارتقاء بدولنا وتلبية طموحات شعوبنا وضمان مستقبل مزدهر للأجيال القادمة.
ولفت الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إلى أن منطقة الشرق الأوسط تشهد توترات متصاعدة نتيجة لاستمرار الحرب في غزة وما تسببه من أوضاع إنسانية صعبة لسكانه، الأمر الذي يزيد من أهمية العمل العربي – الصيني المشترك، بجانب الجهود الدولية، من أجل الوقف الفوري لإطلاق النار في القطاع وتوفير الحماية لسكانه وتأمين تدفق المساعدات الإنسانية إليه.
إضافة إلى أهمية إيجاد أفق للسلام العادل والشامل في المنطقة استناداً إلى حل الدولتين.
لفتة أبوية
في لفتة أبوية، التقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عدداً من طلبة دولة الإمارات الدارسين في الجامعات والمعاهد الصينية، حيث اطمأن على أحوالهم وسير دراستهم.
ودعا الطلبة إلى المثابرة وبذل أقصى جهد في تحصيل العلوم حتى يعودوا إلى الوطن بحصيلة من المعارف والخبرات التي ينفعون بها أنفسهم وبلادهم كونهم وغيرهم من شباب الإمارات ثروة الوطن الحقيقية التي يراهن عليها لتحقيق طموحاته التنموية.
وأكد أن الإمارات حريصة على الاستفادة من تجارب التنمية المتميزة في العالم ومنها التجربة الصينية.
كما حث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الطلبة على أن تقديم صورة طيبة لبلادهم في الصين ويجسدوا أخلاقها وقيمها ومبادئها في سلوكياتهم وتصرفاتهم.
وأشار إلى أنهم سيمثلون بعد عودتهم إلى البلاد جسراً ثقافياً بين الشعبين الإماراتي والصيني، ما سيعزز من العلاقات الثنائية، خاصة أن الثقافة عنصر مهم من عناصر هذه العلاقات.
من جانبهم، أعرب الطلبة عن سعادتهم بلقاء الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وعبروا عن شكرهم له لما يبديه من رعاية وتشجيع لهم ولشباب الوطن في الداخل والخارج، مشيرين إلى أن هذا اللقاء يمثل دفعة معنوية كبيرة لهم في دراستهم للعمل بجد واجتهاد.