"تشريع السلاح".. مناورة حزب الله في النزاع الحدودي بين لبنان وإسرائيل
صعّد أمين عام مليشيات "حزب الله" اللبناني حسن نصرالله تهديداته لإسرائيل، متخذاً من النزاع الحدودي البحري ذريعة لتشريع سلاحه.
وشبّه نصرالله ما تقوم به إسرائيل بحقل كاريش النفطي، بما جرى في الشريط الحدودي الذي كان محتلا من قبلها.
وفي تناقض واضح، أعلن نصرالله أنه لا يشارك بالتفاوض حول الحدود، وعلى الدولة أن تتحمل مسؤوليتها، وتأخذ موقفاً موحدا من الأمر، لأن ترسيم الحدود من مسؤوليتها، فيما أكد في المقابل أن "شكل الملف يُعتبر مرجعية داخل وخارج الحزب، لكل ما يرتبط بالغاز والنفط والثروة الموجودة في المياه وأيضًا في اليابسة..".
وأوضح -في استمرار للتناقض- أنّ "هذا الملف يُعنى بموضوع ترسيم الحدود البحرية والمنطقة الاقتصادية الخالصة، وأضفنا إليه كل ما يرتبط بالحدود، ومن حقنا التصرف في هذا الملف".
وفي محاولة لتشريع سلاحه كحامٍ للحدود متجاوزاً الجيش والقوى الشرعية والقرارات الرسمية، رأى نصرالله أن سلاح "حزب الله" هو من الخيارات الموجودة لدى الدولة والشعب اللبناني في هذه المواجهة حول الثروة النفطية، مشدداً على أنه لن يقف مكتوف الأيدي أمام ما أسماها نهب ثروات لبنان، وأن "كل الخيارات مفتوحة وموجودة على الطاولة".
ورد نصرالله على المطالبين بتحكيم دولي، وحلّ النزاعات عبر المؤسسات الدولية والأمم المتحدة قائلاً: "إسرائيل لا تعترف بقرارات دولية والمنطق الوحيد الذي تسير عليه هو منطق القوة والاستعلاء، وبالتجربة لا تستجيب لأي قرار دولي، وتستجيب فقط بالضغط".
كما استبق نصرالله الرفض اللبناني لمعادلة "الجيش والشعب والمقاومة" التي كانت تشرعها جميع البيانات الحكومية بمحاولة إعادة تثبيتها بذريعة الصراع الحدودي المائي، لافتاً إلى أن "لبنان يملك الحق والقوة أيضا، تحت عنوان الجيش والمقاومة".
وبعد أن صعّد تهديداته بقصف السفينة اليونانية التي تتجه إلى استخراج الغاز من حقل كاريش، وأنه بإمكانه فعل ذلك ومهما فعلت إسرائيل لن تستطيع حمايتها، طالب اللبنانيين الذين يدعون إلى توقيع المرسوم الذي يقضي بتثبيت خط الـ29 ألا يبنوا عليه توقعات غير صحيحة وذلك بناءً على التجربة".
وإذ أكد أن "حزب الله" لا يريد الحرب لكنه لا يخشاها، اعتبر أن ما ستخسره إسرائيل في أيّ حرب يهددون بها أكثر بكثير مما يمكن أن يخسره لبنان، وأيّ حماقة تقدم عليها إسرائيل ستكون تداعياتها ليس فقط استراتيجية بل وجودية".
أول رد إسرائيلي على نصر الله
وفي أول رد فعل على كلام نصرالله قالت الحكومة الإسرائيلية عبر وزير المالية أفيجدور ليبرمان، إن إسرائيل ستواصل العمل دون اعتبار للتهديدات، مضيفا: "لن يملي أحد علينا ما إذا كنا سنستخرج الغاز من مياه إسرائيل أم لا".
وأضاف ليبرمان عبر "تويتر" أن إسرائيل "دولة ذات سيادة، وستواصل اتخاذ القرارات وفقا لمصالحها فقط دون اعتبار للتهديدات".
وبدأت المفاوضات غير المباشرة بين لبنان وإسرائيل بوساطة أمريكية في 2020 في قاعدة لقوات حفظ السلام تابعة للأمم المتحدة في الناقورة بلبنان.
والمفاوضات بين لبنان وإسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية مجمدة منذ مايو/أيار 2021، بعد عقد 5 جلسات محادثات برعاية الأمم المتحدة ووساطة أمريكية، دون التوصل إلى اتفاق.
وهذه المفاوضات غير المباشرة كان من المفترض أن تقتصر على مساحة بحرية تقدر بنحو 860 كيلومترا مربعا، استنادا لخريطة تم إرسالها عام 2011 إلى الأمم المتحدة.
لكن لبنان اعتبر لاحقا أن تلك الخريطة استندت لتقديرات خاطئة، مطالبا بمساحة إضافية تبلغ 1430 كيلومترا مربعا وهو ما يعرف بالخط 29، الذي يشمل أجزاء من حقل "كاريش".
في المقابل، تعتبر إسرائيل أن حقل كاريش يقع ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة لها وليس في المنطقة المتنازع عليها.
ومع توقف المفاوضات أعلنت شركة "إنرجيان" ومقرها لندن في بيان الأحد الماضي وصول سفينة وحدة إنتاج وتخزين الغاز الطبيعي، إلى حقل كاريش، معلنة أنها تعتزم بدء تشغيلها في الربع الثالث من العام.