الظلم الجديد الذي ينهش في القضية هذه المرة يأتي بالحكم على داعميها وحملت راياتها من أهل الخليج العربي
وكأن الاتهامات موضة لها موسم تزدهر فيه وتنتشر، حتى يكاد المرء يدهش من هول ما يرى ويسمع، وكأن المواقف أمزجة تعتمد على العواطف المبنية على الكلمات والحملات الدعائية، وكأن الدول تشرع مبادئها على الشعارات من أجل تدعيم موقف أو قضية، هذا ما يتبادر حين تزن القضية الفلسطينية في ميزان الحكم والتمحيص، فهي القضية التي ظلمها الغرب والشرق، المحتل وأهل البلاد، العرب والعجم.
لكن الظلم الجديد الذي ينهش في القضية هذه المرة يأتي بالحكم على داعميها وحملة راياتها من أهل الخليج العربي الذين لم يدخروا جهداً البتة في تسخير الدعم السياسي، والمواقف الراسخة، فالمال والرجال والسلاح والعتاد والإعلام، وكل ما وقع تحت أيديهم لأجل فلسطين.
الظلم الجديد الذي ينهش في القضية هذه المرة يأتي بالحكم على داعميها وحملة راياتها من أهل الخليج العربي الذين لم يدخروا جهداً ألبتة في تسخير الدعم السياسي، والمواقف الراسخة، فالمال والرجال والسلاح والعتاد والإعلام، وكل ما وقع تحت أيديهم لأجل فلسطين
ولكيلا يبدو الحديث منحازاً لندعم السالف من القول ببعض الحقائق التي لا تحتمل التأويل والتهويل، قدمت دول الخليج في العلن والخفاء المليارات، سهلت المفاوضات وأسهمت في الوساطات ودعمت في كل المحافل من خلال العمل الدبلوماسي الحكومي أو من خلال الجمعيات الإنسانية والمؤسسات الخيرية، ولم يكن هذا الدعم جديداً؛ حيث بدأ عندما قطعت المملكة العربية السعودية إمداداتها النفطية عن فرنسا وإنجلترا خلال العدوان الثلاثي 1956، وفي أعقاب الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973 تم وقف الصادرات إلى الولايات المتحدة، فيما واصلت دول الخليج إنفاق جزء من دخلها القومي دعماً للقضية الفلسطينية حتى وصل بعضها إلى اقتطاع بعض رواتب مواطنيها دعماً للنضال الفلسطيني.
ولا يزال الدعم مستمراً إلى يومنا هذا، حيث تطالب دول الخليج بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية في كل محفل، فيما تواصل تقديم كافة أشكال الدعم المادي والمعنوي للقضية
لا يمكن لعاقل ولا لغير العاقل -وهم كثر هذه الأيام- إلا أن يتواضع أمام هذه الحقائق التي تشهد أن لا دولة في العالم أعطت فلسطين ووقفت إلى جانبها كما فعلت دول الخليج العربية، التي مرت على أيام جعلت من القضية أولوية تجاوزت رزقها ورزق أبنائها، منطلقة من المبدأ الذي صاغه زايد العرب "البترول العربي ليس أغلى من الدم العربي"، ولتستمر هذه النخوة إلى يومنا هذا وإلى أن تقوم دولة فلسطين وعاصمتها القدس.
أما أولئك الذين يتبجحون في القنوات المدفوعة ويرتزقون بآرائهم البغيضة وتزويرهم المستمر، فلا يمكن لحصيف متعقل أن يقبل فكرهم وهو يدرك منطلقاتهم الحزبية والطائفية والمادية التي تحكمهم، يقول جون آدامز الرئيس الثاني للولايات المتحدة: الحقائق أشياء عنيدة، ومهما كانت أمنياتنا أو رغباتنا أو ما تمليه علينا عواطفنا فهي لا تستطيع تغيير حالة الحقائق والبراهين".
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة