رحلة تطور سماعات الرأس.. قصة شديدة الطرافة وأبل صاحبة البصمة الكبرى
يعيش العالم طفرة غير مسبوقة فيما يتعلق بتطوير المنتجات التقنية، بما في ذلك سماعات الرأس، إحدى أكثر الأدوات الإلكترونية استخداما.
هذا المنتج له تاريخ طويل من التطور، بداية من القرن الـ19، حتى ما أصبح التطور مذهلا من خلال سماعات أبل Apple AirPods Max، التي تمنحك تجربة اختبار الموسيقى بشكل غير مسبوق.
وقطعت سماعات الرأس السلكية واللاسلكية شوطًا طويلًا بشكل لا يصدق من مراحل التطوير، إلى أبعد مما نتصور، مرت خلالها بالعديد من الابتكارات المذهلة، وهو ما يكشف عنه هذا التقرير من موقع "تك رادار".
النسخة البدائية من حقبة 1880
لم تكن سماعات الرأس مصممة في الأصل للموسيقى، لقد تم تصميمها لمشغلي الهاتف الذين يحتاجون إلى توصيل المكالمات الهاتفية للجميع في أواخر القرن التاسع عشر.
والنموذج الأول من هذه السماعات، الذي تم الكشف عنه في ثمانينيات القرن التاسع عشر، لم يكن يشبه إلى حد كبير سماعات الرأس اليوم، بل كان أشبه بهاتف تم تقطيعه إلى نصفين وربطه برأسك، ويزن حوالي 5 كجم، أي ما يعادل 111 زوجًا من سماعات AirPods الآن.
وتم تصميم سماعات الرأس الأولى بواسطة عزرا جيليلاند، الذي كان صديقا لتوماس إديسون الذي صمم أيضًا لوحة مفاتيح الهاتف، ووضع القالب للعديد من النماذج التي ظهرت لاحقا من هذه السماعات، إذ لم تكن هذه سماعات للمتعة، بل كانت أدوات لمكان العمل.
تسعينيات القرن الـ19.. نظرة بدائية على "إير بودز"
إحدى الحقائق المثيرة التي يكشف عنها هذا التقرير، أن سماعات الرأس أو سماعات الأذن، دون شك لا تعتبر من الابتكارات الحديثة من مواليد الألفية الجديدة على سبيل المثال.
هذا الابتكار عرفه العالم منذ عام 1891، عندما حصل إرنست ميركادييه على براءة اختراع "الهاتف ثنائي السماعات" الخاص به واقترح استخدام أغطية مطاطية لجعلها أكثر راحة، والذي أخذ تطوير سماعات الرأس للمرحلة الأعلى.
كما هو الحال مع ابتكار سماعات مشغلي الهواتف الذي اخترعها عزرا جيليلاند، كان الهاتف ثنائي السماعات مخصصًا للاستخدام من قبل مشغلي الهاتف أيضا.
وشهد العقد نفسه اختراع Electrophone، وهو نموذج بدائي للغاية من فكرة تطبيق مشغل Spotify ما قبل الرقمي، حيث يمكنك ارتداء سماعات الرأس، والاتصال بلوحة المفاتيح والاستماع إلى العروض الحية من مسارح لندن.
1910 أول ظهور لسماعات رأس بشكلها المعهود
وفي عام 1910، ابتكر ناثانيال بالدوين أول سماعات رأس بتصميمها المميز المعروف حاليا، وباعها إلى البحرية الأمريكية لاستخدامها من قبل مشغلي الراديو.
وتميزت سماعات الرأس الخاصة بناثانيال بالدوين بجهاز استقبال جديد أكثر حساسية. والمفاجأة، أن بالدوين رفض تسجيل براءة اختراعه لأنه اعتقد أن اختراعه كان تافهًا.
لكنه حصل على براءة اختراع لتصميم سماعة الرأس، والذي لا يزال بإمكانك رؤيته في سماعات الرأس الموجودة فوق الأذن اليوم.
ظهور أول سماعات رأس "ستريو"
في عام 1958، ابتكر المخترع "جون كوس" أول سماعات رأس داعمة لطبيعة البث الإستريو، وهي سماعات الرأس Koss SP-3 الخاصة بـ"جون كوس"، والتي قدمت أيضا أول نموذج للـ "ميوزك بوكس"، حيث كانت نموذجا لأولى السماعات المصممة خصيصًا للاستماع إلى الموسيقى الشخصية.
والآن تعد Koss علامة تجارية صوتية ضخمة تصنع كل أنواع سماعات الرأس ومكبرات الصوت التي يمكن تصورها.
الستينيات وظهور أول سماعات رأس لاسلكية
في ستينيات القرن العشرين، تم إصدار أول سماعات رأس لاسلكية قبل عقود من استخدام تقنية البلوتوث.
في ستينيات القرن الماضي، عرضت العديد من الشركات المصنعة سماعات رأس راديو ذات حالة صلبة، مكنت المستخدمين من الاستماع إلى الراديو بخصوصية أكبر، وتطور تصميم سماعات الرأس حقًا خلال هذه الفترة، حيث كان جون كوس المبتكر نفسه صاحب أول سماعات ستريو، قد قلد فكرة سماعات بالدوين للبحرية، ولكن في الستينيات استعار تصميم سماعاته من نماذج سماعات كبائن قيادة الطائرات.
وأصبحت سماعات الرأس في هذه الحقبة ذات عصبات رأس أوسع وأكثر راحة وأغطية أذن قادرة على تقليل الضوضاء للمساعدة على سماع الموسيقى بشكل أكثر وضوحًا، وظهر ذلك في إعلان سماعات من نوع RCA ظهرت في أواخر ستينيات القرن الماضي واستمرت لما بعد عام 1972.
في هذه الفترة، بدأ أيضا ظهور صفقات تطوير استخدام سماعات الرأس في مجال صناعة الموسيقى، فقد عقدت شركة "جون كوس"، صفقات مع فرق الموسيقى الشهيرة وقتها، مثل فرقة البيتلز.
حيث طرحت شركة "كوس" سماعات رأس تحمل اسم الفرقة الموسيقية، وكانت سماعات "البيتلزفون" أول سماعات رأس ذات علامة تجارية تحمل اسم كبير وتم بيعها بوفرة لشدة شعبية فرقة بيتزل، وهو الحال الآن بالنسبة لنماذج سماعات مثل beats by Dr dry الحاملة لاسم "دكتور دري" مؤدي الراب الشهير.
كان هناك تطور رئيسي آخر لسماعات الرأس، في الستينيات ظهر عبر سماعات HD414 من Sennheiser، التي تم إطلاقها في عام 1968، وكانت هذه أول سماعات رأس مفتوحة الظهر، تسمح بدخول الصوت الخارجي، وتوفر صوتًا أكثر اتساعًا، وتجعلها أكثر أمانًا للاستماع إليها أثناء التنقل - وهو الأمر الذي كان لا يزال نادرًا نسبيًا في منتجات الصوت الشخصية، كما قدمت هذه السماعات للصناعة فكرة الاهتمام بالإسفنج الداخلي لإراحة الأذن، والذي يعرف بوسادة الأذن في سماعات الرأس.
السبعينيات فجر "الووكمان" من سوني
بحلول سبعينيات القرن العشرين، أصبحت سماعات الرأس منتجات سوقية واسعة النطاق وعملت في سوقين رئيسيين، سوق المراهقين وسوق محترفي الموسيقى.
ثم جاءت شركة سوني وغيرت كل شيء، بإطلاقها لجهاز Walkman، الذي تم طرحه في عام 1979، مزودًا بسماعات رأس خفيفة للغاية مع عصبة رأس نحيفة مكنت المستخدمين من ارتدائها على رأسك أو وضعها حول رقبتك.
التسعينيات ومزيدًا من التطوير
نظرًا لأن التكنولوجيا الجديدة في التسعينيات قدمت أجهزة موسيقى محمولة عالية الجودة، بما يشمل مشغلات الأقراص المضغوطة المحمولة، وملفات DAT المحمولة، ولاحقًا Digital Compact Cassette وMiniDisc، فقد أصبحت سماعات الرأس المحمولة أفضل أيضًا.
في التسعينيات، أصبحت هذه السماعات وسام فخر لمرتديها، في هذه الحقبة كانت سماعات الرأس الكبيرة المغلقة علامة على أنك تأخذ موسيقاك على محمل الجد أكثر من سماعات الرأس ذات الأذنين الصغيرة.
حتى أن سماعات الرأس أصبحت مدمجة بقوة في مجال الموضة، وذهب تصميم سماعات الرأس إلى حدود أبعد شمل تغييرات على كافة نواحي السماعات نفسها، بما في ذلك عصبات الرأس، وعصبات العنق، وسماعات الأذن.
عام 2001 أبل تغير كل شيء
في عام 2001، أطلقت شركة أبل جهاز iPod وتغير مجال تطوير سماعات الرأس للأبد.
هذا الجهاز رغم أنه لم يكن أول مشغل موسيقى في الأسواق وقتها، لكنه أصبح رمزا كبديل رقمي رسمي لجهاز Walkman للموسيقى وجعل الموسيقى الرقمية سائدة أكثر من أي وقت.
بالتوازي مع ذلك، ظهرت سماعات الأذن الصغير التي تشمل على تطويرات تقنية غير مسبوقة من أبل مع جهاز " iPod"، حتى تطورت هذه السماعات لتصل لما هي عليه الآن بميزاتها الثورية التي نراها في إصدارات "إير بودز".
ظهور آيفون وتأثيره على تطوير السماعات
كان ظهور آيفون يعني وضع مشغل آي بود خاص في جيب كل مستخدم، في ذلك الوقت كانت تهيمن شركات مثل beats على سوق السماعات، قبل أن تستحوذ عليها شركة أبل.
في وقت أصبحت سماعات البلوتوث الضخمة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين هي النموذج السائد، حيث قادت علامات تجارية مثل Beats السوق، ولم تكن جودة الصوت متوفرة بعد بالنسبة لسوق عشاق الموسيقى، لكنها كانت تسير في الاتجاه الصحيح.
عام 2016 وظهور "إير بودز"
من جديد استمرت أبل في فرض حضورها كمطور أول لسماعات الرأس، بطرحها لأول نموذج لسماعات "إير بودز".
مع العلم أن AirPods لم تكن أول سماعات أذن لاسلكية، ولم تكن الأفضل أيضًا في هذا الوقت، لكنها حققت نجاحًا كبيرًا، وسيطرت على سوق سماعات الأذن بحلول عام 2020.
وكانت السماعات قيد التطوير لفترة طويلة، حيث تم تقديم أول براءة اختراع يمكن التعرف عليها لهذه السماعات في عام 2011، ويعود نجاحها جزئيًا إلى قيام شركة Apple بإلغاء مقبس سماعة الرأس في هاتف آيفون 7.
مما يجعل استخدام سماعات الرأس السلكية أمرًا أصبح من الماضي.
ربما لم يكن هذا القرار يحظى بشعبية كبيرة وانتُقد بشدة في ذلك الوقت، لكنه عزز مكانة سماعات الرأس اللاسلكية باعتبارها حاضر ومستقبل الصوت المحمول ووضع نموذجًا لصوت فائق الجودة.
aXA6IDMuMTQ2LjE3OC44MSA= جزيرة ام اند امز