«حزب الله» بعد مقتل نصر الله.. هل دخل مرحلة التدمير الذاتي؟
وجهت عملية قتل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله ضربة مدمرة للتنظيم، وألقت بظلال من الشكوك على مستقبل الحزب في المرحلة المقبلة.
ورغم العدد الكبير من قيادات الصف الثاني داخل حزب الله، لكن مقتل نصر الله في أعقاب غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت يشكل ضربة مدمرة للمنظمة - هي بلا شك الأسوأ في تاريخها، بحسب مجلة نيوزويك.
خلال مواجهته مع إسرائيل، تمكن الجيش الإسرائيلي من القضاء على شخصيات رئيسية وقيادات الحزب، بمن فيهم عباس الموسوي، وعماد مغنية، ومصطفى بدر الدين، وفؤاد شكر.
لكن الشيء الوحيد الذي سمح لحزب الله بتجاوز هذه العواصف والحفاظ على تماسكه الداخلي كان نصر الله نفسه. وليس من المبالغة أن نقول إنه كان العقل والحبل الشوكي والقلب النابض لحزب الله. وبدونه، هناك مصاعب في الطريقة التي سيفكر ويتحرك بها حزب الله قبل أن تضرب طائرة مقاتلة إسرائيلية مخبأ نصر الله في الضاحية، إحدى ضواحي بيروت.
امتد نفوذ نصر الله وشعبيته إلى ما هو أبعد من حدود لبنان. فقد كان اسمه يردد بين الشيعة من أفغانستان إلى اليمن. وكان نفوذه داخل النظام الإيراني عظيماً إلى الحد الذي جعله يتفوق حتى على نفوذ أقرب مستشاري آية الله علي خامنئي.
لسنوات عديدة، كان نصر الله، يعرف كيف يقرأ إسرائيل ــ حكومتها وجيشها ومجتمعها. وكان يعرف، أو على الأقل كان يعتقد أنه يعرف، نقاط ضعفها وحدودها، التي سعى إلى استغلالها من أجل البقاء وحتى الازدهار.
ولكنه فشل في إدراك أن إسرائيل اليوم مختلفة تمام الاختلاف عن أي حكومة تعامل معها من قبل، وفق المجلة، كما فشل في إدراك أن هذه الحكومة الإسرائيلية لا تشبه أي حكومة أخرى وفشل في إدراك أنه بغض النظر عمن يتولى السلطة في إسرائيل، فلن يقبل أي زعيم بإخلاء معظم شمال إسرائيل بسبب الهجمات الصاروخية التي تشنها الجماعة".
كان قرار نصر الله بمساعدة "حماس" بفتح جبهة ضد إسرائيل في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول مقامرة، وجاء بنتائج عكسية تماماً. فلم يكن لقراره أي تأثير يذكر على موقف حماس، التي تعاني الآن تدميرا عسكريا ـ فحسب بل إنه لم يجلب سوى الخراب لحزب الله، ويمكن القول بأن نصر الله أخطأ في حساباته هو أقل من الحقيقة بكثير، وقد ثبت أن خطأه كان مميتاً.
في مجتمع الأعمال، أو الحكومة، أو الجيش، من الصعب جدا إدارة مؤسسة تضم مئات الآلاف من الناس، ناهيك عن منظمة في حالة حرب دائمة أو تبحث عن المعركة التالية. ولكن نصر الله زاد من هذه الصعوبات باختياره الانقسام اللبناني على الاتحاد وبخلقه المزيد من الأعداء بدلاً من الأصدقاء.
كانت خطابه وتكتيكاته ورؤيته التي تتسم بالانقسام وعدم التنازل هي من جعلت من السهل على إسرائيل تجنيد جواسيس لبنانيين، وربما حتى داخل المجموعة. وحتى في أسوأ كوابيس نصر الله، ما كان ليرى منظمته تخترقها وكالات الاستخبارات الإسرائيلية بهذا القدر من العمق. ولكن هذا هو ما حدث على وجه التحديد.
تخيم الشكوك على مستقبل حزب الله إلى حد كبير. فاختيار هاشم صفي الدين، رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله، لخلافة نصر الله سيثبت أنه من المستحيل تقريباً أن يملأ مكان نصر الله، لكنه الخيار الأفضل بين كبار المسؤولين المتبقين داخل الحزب.
وسوف يرث صفي الدين منظمة في حرب نشطة لا يستطيع أعضاؤها الالتقاء أو التواصل من دون المخاطرة بالتعرض للتفجير بواسطة التكنولوجيا الإسرائيلية أو الضربات الجوية.
التدمير الذاتي
لقد ترأس عباس الموسوي حزب الله حتى قُتِل في هجوم بطائرة هليكوبتر أباتشي إسرائيلية في 16 فبراير/شباط 1992. وقاد نصر الله حزب الله حتى قُتِل بقنابل إسرائيلية في 27 سبتمبر/أيلول. وحزب الله في نسخته الجديدة سوف يكون أكثر تقلباً، على الأقل في الأمدين القريب والمتوسط، وذلك لأن القيادة قد تقلصت، والمال أصبح شحيحاً للغاية، والبيروقراطية قد دمرت. وعلاوة على ذلك، فإن مستقبل الرعاية الإيرانية ليس واضحاً على الإطلاق في حين يبدو أن إسرائيل قد تمكنت أخيراً على القضاء على العديد من قيادات حزب الله.
لن تنهار المنظمة على الفور لأنها لا تزال تمتلك مئات الآلاف من المسلحين والصواريخ، ولكن من أجل البقاء سوف تضطر إلى التكيف. وقد تتحول إلى كيان سياسي وتسلم أسلحتها للجيش اللبناني، وبهذا تكسب دعم كل اللبنانيين. أو قد تستمر في مسارها وتخاطر بمزيد من التدمير الذاتي.
وأياً كان قرار حزب الله فسوف يكون له عواقب طويلة الأمد ليس فقط على مستقبله بل وأيضاً على لبنان والمنطقة بأسرها.
aXA6IDMuMTQ0LjkwLjEwOCA= جزيرة ام اند امز