بعد حديث عون عن "استراتيجية الدفاع".. أزمة سلاح حزب الله تعود للواجهة
الحديث يعود في لبنان عن سلاح مليشيا حزب الله بعد تصريحات الرئيس ميشال عون بشأن تغير في الاستراتيجية الدفاعية وسط المستجدات الإقليمية
على مدار سنوات، والحديث عن وضع استراتيجية دفاعية بلبنان وإيجاد حل لسلاح مليشيا حزب الله مطلب يتكرر بين الحين والآخر داخليا وخارجيا لكنه يتم تأجيله جراء الأزمات التي تمر بها البلاد التي يعتبرها البعض متعمدة حتى يبقى الوضع كما هو عليه.
وعاد ملف "الاستراتيجية الدفاعية" إلى الواجهة في لبنان مجددا بعد تأكيد رئيس الجمهورية ميشال عون، الإثنين، أن مقاييس الاستراتيجية تغيرت في رد على سؤال حول إمكانية الدعوة لبحثها قريبا.
وقال عون في تصريحات للصحفيين: "تغيّرت حاليا كل مقاييس الاستراتيجية الدفاعية التي يجب أن نضعها".. وسأل: "على ماذا سنرتكز اليوم؟ حتى مناطق النفوذ تتغير.. وأنا أول من وضع مشروعاً للاستراتيجية الدفاعية.. لكن ألا يزال صالحاً إلى اليوم؟ لقد وضعنا مشروعاً عسكرياً مطلقاً مبنياً على الدفاع بعيداً من السياسة، ولكن مع الأسف مختلف الفرقاء كانوا يتناولون هذا الموضوع انطلاقاً من خلفية سياسية".
واستدعى موقف الرئيس حديثا مستنكرا من قبل أطراف لبنانية عدة خاصة وأنه حليف لـ"حزب الله" الذي كان داعما أساسيا لوصوله إلى رئاسة الجمهورية بعد تعطيله جلسات الانتخاب نحو سنتين ونصف.
ورأت الأطراف في كلام عون تراجعا عن وعوده التي كان أطلقها عند انتخابه عام 2016، وأهمها البحث بهذه الاستراتيجية لحصر السلاح وقرار السلم والحرب في لبنان بيد الجيش والدولة اللبنانية، وليس بيد مليشيا "حزب الله"، وهو الأمر الذي لطالما طالب به المجتمع الدولي والأمم المتحدة.
لكن هذه الانتقادات أدت إلى إصدار بيان في وقت متأخر من يوم الثلاثاء من قبل رئاسة الجمهورية جددت فيه التأكيد على التزام عون بوعوده، لافتة إلى أن حديثه كان توصيفا للواقع المستجد في السنوات الأخيرة.
حديث مشابه للذي أدلى به عون كان قد صدر عن وزير الدفاع إلياس بوصعب، المحسوب أيضا على رئيس الجمهورية في شهر أبريل/نيسان الماضي، حين قال إن الاستراتيجية الدفاعية تبحث حين تزول الأخطار الإسرائيلية.
قبل أن يعود ويتراجع عن تصريحاته على وقع الانتقادات التي وجهت إليه، ويقول إن الجيش اللبناني يجب أن يكون الوحيد الذي يحمل السلاح عبر استراتيجية دفاعية بالتفاهم والحوار مع الجميع.
وفي رده على حديث عون الأخير رأى النائب في "القوات اللبنانية"، وهبي قاطيشا، في موقف رئيس الجمهورية نكوصا عن وعوده التي قدّمها للبنانيين عند انتخابه، ومنها البحث في الاستراتيجية الدفاعية، عازيا السبب إلى عدم قدرته على مواجهة مليشيا حزب الله.
وقال قاطيشا، في حديثه لـ "العين الإخبارية": "كلام الرئيس عون مؤسف، وإذا كان يقصد أن المقاييس أو المعايير تغيرت فهذا لا يعني عدم وضع استراتيجية دفاعية التي تعتبر إحدى أسس الدولة".
وفيما دعا إلى وضع الاستراتيجية بناء على هذه المقاييس، أشار في الوقت نفسه إلى أن الدول تعدّل في استراتيجيتها بشكل دوري بينما نحن لا استراتيجية لدينا حتى الآن.
كما حذّر من انعكاس هذا الأمر سلبا على لبنان أمام المجتمع الدولي والأمم المتحدة التي سبق أن طالبت بوضع الاستراتيجية، وقال: "لا يبدو أن الرئيس عون قادر على القيام بهذه الخطوة في ضوء تمسك مليشيا حزب الله بشعار الجيش والشعب والمقاومة".
وكانت آخر جلسات الحوار المرتبطة بالاستراتيجية الدفاعية قد عقدت عام 2014 في عهد رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان، وطلب حينها من كل حزب لبناني أن يقدم رؤيته لها، وهو ما قام به رئيس الجمهورية ميشال عون آنذاك عندما كان رئيسا لـ "التيار الوطني الحر"، لكن من دون التوصل إلى نتيجة خاصة وأن حزب الله غاب عن الجلسات.
كذلك تطرقت كتلة "المستقبل" النيابية في اجتماعها الأسبوعي الثلاثاء، إلى موضوع الاستراتيجية الدفاعية، مؤكدة أنه يجب أن تكون بندا دائما على جدول أعمال الحوار الوطني.
وأشارت إلى تخصيص جلسات في مؤتمرات الحوار ناقشت المشاريع المقدمة من القيادات المشاركة، بينها مشروع تقدم به عون باسم التيار الوطني الحر وآخر تقدم به الرئيس السابق ميشال سليمان.
وأضافت الكتلة في بيانها: "لقد رحب أصدقاء لبنان بالتوجهات التي سبق الإعلان عنها بشأن تجديد الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية والتي شكلت في حينه عاملا من عوامل نجاح مؤتمر روما الخاص بدعم الجيش اللبناني".
وأكدت على أنه "سيكون من المفيد للمصلحة الوطنية في هذا السبيل، توجيه رسائل إيجابية لشركاء وأصدقاء لبنان، تؤكد التزام دور لبنان في تعزيز المؤسسات الشرعية وحماية خطوط الدعم المقررة للجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية".
وفي الإطار نفسه، أكد النائب في تيار "المستقبل"، محمد الحجار، في تصريحات صحفية، أن سحب الاستراتيجية الدفاعية عن جدول أعمال الحوار يتطلب مؤتمرا للحوار الوطني.
كذلك، أبدى النائب سمير الجسر استغرابه من حديث عون، قائلا في برنامج إذاعي: "طرحت الاستراتجية الدفاعية منذ أيام الرئيس ميشال سليمان، واليوم تفاجأت صراحة بحديث الرئيس عون حولها وخصوصا أن أمين عام حزب الله حسن نصرالله أعلن منذ فترة استعداده لبحث الاستراتجية الدفاعية.
وتساءل: "فلماذا اليوم يقول الرئيس عون إنها لم تعد موجودة؟"، معتبرا أن "هذا الحديث يحتاج إلى التدقيق به والتمعن والبحث عن أسبابه".
وفي بيانها التوضيحي، قالت رئاسة الجمهورية اللبنانية، إن تصريح الرئيس عون أعطى أبعادا وتفسيرات خاطئة حول موضوع الاستراتيجية الدفاعية، مؤكدة أنه ملتزم بالمواقف التي سبق أن أعلنها من حول الأمر وضرورة البحث فيها في مناخ توافقي".
وأضافت أن حديثه "كان توصيفا للواقع الذي استجد بعد 10 سنوات على طرح هذا الموضوع خلال جلسات مؤتمر الحوار الوطني، لا سيما التطورات العسكرية التي شهدها الحوار اللبناني خلال الأعوام الماضية.
وأشارت إلى أن هذه الأبعاد "تفرض مقاربة جديدة لموضوع الاستراتيجية الدفاعية تأخذ في الاعتبار هذه التطورات، خصوصا بعد دخول دول كبرى وتنظيمات إرهابية في الحروب التي شهدتها دول عدة مجاورة للبنان، ما أحدث تغييرات في الأهداف والاستراتيجيات لا بد من أخذها في الاعتبار".
وحزب الله اللبناني مدرج على القائمة الأمريكية لـ"المنظمات الإرهابية" وهو التنظيم الوحيد الذي لم يسلم سلاحه مع انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية عام 1990.
وفي عام 2013، وضع الاتحاد الأوروبي الجناح العسكري للمليشيا على لائحته لـ"المنظمات الإرهابية".
كما أمرت السلطات الأرجنتينية بتجميد أصول مليشيا حزب الله وصنفتها جماعة إرهابية، لتصبح أول دولة بأمريكا اللاتينية تحذو حذو واشنطن في تصنيف حزب الله بأكمله منظمة إرهابية وليس ذراعه العسكرية فقط.
وكذلك أدرجت باراجواي مليشيا حزب الله اللبنانية وحركة حماس وتنظيمي القاعدة وداعش، على قائمتها للتنظيمات الإرهابية.