أسرار فستان زفاف الملكة إليزابيث... أيقونة ملكية تحمل ملامح ما بعد الحرب

في ظل الأوضاع الاقتصادية المتقشفة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، حمل زفاف الأميرة إليزابيث إلى فيليب مونتباتن في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 1947، أجواء من الأمل والتجدد في بريطانيا.
واحتشد الآلاف في شوارع لندن لمتابعة مراسم الزفاف في دير وستمنستر، فيما حضر نحو 2000 مدعوّ الحدث من داخل المكان الذي يتمتع بمكانة تاريخية خاصة لدى العائلة المالكة.
وقد شكل هذا الزفاف مناسبة فارقة في التاريخ المعاصر للعائلة الملكية، وتجلى فيه حضور الأميرة بفستان ما زال محط اهتمام عشاق الموضة والملكية حتى يومنا هذا، لما يتضمنه من تفاصيل متقنة وصناعة دقيقة.
تفاصيل فستان زفاف الملكة إليزابيث
أسندت الأميرة إليزابيث مهمة تصميم الفستان إلى المصمم البريطاني نورمان هارتنيل، الذي قدّم لها 12 نموذجًا، وتم اختيار أحدها في منتصف آب/أغسطس، أي قبل أقل من ثلاثة أشهر من موعد الزفاف. وقد تم تنفيذ الفستان وسط استمرار تطبيق سياسات التقنين، ما دفع العائلة المالكة إلى تسديد ثمنه عبر كوبونات الملابس.
وفي موقف عاطفي، أرسل بعض المواطنين كوبوناتهم الخاصة دعمًا للأميرة، غير أن هذه المساهمات أُعيدت إليهم احترامًا للأنظمة الرسمية.
إلهام فني ومصادر راقية
استُلهم تصميم الفستان من لوحة "بريمافيرا" للفنان بوتيتشيلي، وتمت صناعته من ساتان الدوشيه الذي أُنتج في مدينة دنفرملاين باستخدام حرير مستورد من الصين.
أما الزخارف الفضية والذهبية التي زينت الفستان، فقد تولت شركة "وارنر وأولاده" حياكتها بدقة، بينما تضمن الفستان تطريزات تمثل رموزًا لمرحلة ما بعد الحرب، من بينها أزهار الياسمين وسنابل القمح، إلى جانب عناصر نباتية أخرى ذات طابع رمزي.
زُين الفستان بأكثر من 10,000 لؤلؤة صغيرة تم استيرادها من الولايات المتحدة الأميركية، وسددت رسوم الجمارك الخاصة بها وفق ما أورده المؤرخ هوغو فيكرز في كتابه "إليزابيث، الملكة الأم". أما الذيل، فكان مصنوعًا من التول الحريري وبلغ طوله نحو 13 قدمًا، وثُبّت عند الكتفين ليكمل التصميم هيئة الفستان الملكية.
ووضع هارتنيل زهرة برسيم ذات أربع أوراق على الجانب الأيسر من التنورة، لتضع الأميرة يدها فوقها خلال المراسم، في لمسة رمزية بقيت بعيدة عن الأنظار لكنها تعكس دقة التخطيط للعناصر الخفية في التصميم.
أناقة تحيط بالعروس ومرافقيها
لم تتوقف جمالية التصاميم عند فستان الملكة إليزابيث، بل امتدت إلى فساتين وصيفاتها، ومنهن الأميرة مارغريت، الأميرة ألكسندرا، مارغريت إلفينستون، باميلا مونتباتن، وديانا باوز ليون، حيث حافظ هارتنيل على الأسلوب الرقيق ذاته.
كما تولى تصميم ملابس سيدات العائلة المالكة الأخريات، من بينها طقم من البروكاد البرتقالي للملكة إليزابيث (التي أصبحت لاحقًا الملكة الأم)، وفستان من الشانيل الذهبي والأزرق للملكة ماري.
أما الحذاء، فكان صندلًا مصنوعًا من الساتان العاجي، صممه هارتنيل ونفذه إدوارد راين، وزُيّن بأبازيم فضية مرصعة باللآلئ الصغيرة ليكمل الطابع الراقي للفستان.
سرية التصميم والتقاليد الملكية
نظرًا للاهتمام الشعبي الكبير بتفاصيل الفستان، حرص هارتنيل على الحفاظ على خصوصية العمل، فقام بتبييض واجهة مشغله في شارع بروتون ستريت، وعلّق ستائر سميكة على نوافذه لضمان السرية التامة.
وفي التزامها بالتقاليد الملكية، ارتدت الأميرة إليزابيث تاج "Queen Mary's Fringe Tiara" المستعار، تماشيًا مع العرف القائم على ارتداء شيء قديم، شيء جديد، شيء مستعار، وشيء أزرق، لتضيف من خلال تلك التفاصيل طبقة رمزية جديدة إلى هذا الحدث الملكي البارز في الذاكرة البريطانية.
aXA6IDE4LjIyMC4yMDQuMTkyIA== جزيرة ام اند امز