كورونا يعيد صياغة أسعار الفائدة في مصر.. وداعا شهادات الـ15%
قرر بنكا مصر والأهلي إلغاء الشهادات السنوية مرتفعة العائد البالغ 15%
كشفت الخطوة المفاجئة لأكبر البنوك الحكومية في مصر "الأهلي المصري ومصر"، عما فعله تفشي فيروس كورونا في البلاد بالقطاع المصرفي، كما وضع تصورا لقرارات البنك المركزي المصري بشأن أسعار الفائدة بالسوق قبيل اجتماعه المزمع عقده الخميس المقبل.
وقال مصرفيون إن السوق المصري مؤهل ليكون أكثر توازنا مع إلغاء أكبر بنكين في البلاد "الأهلي المصري ومصر" شهادات الاستثمار مرتفعة العائد بعد نحو 6 أشهر من طرحها وجمع نحو 383 مليار جنيه (24.4 مليار دولار).
وأوضح الخبراء أن هذه الخطوة من شأنها مساعدة البنوك الأخرى على جذب ودائع أكبر من الأفراد، نظرا لأن الشهور الست الماضية شهدت سحوبات من البنوك من أجل شراء الشهادات مرتفعة العائد.
كان مصرفا الأهلي ومصر قد طرحا هذه الشهادات في السوق بالتنسيق مع البنك المركزي من أجل جمع جانب من السيولة، تفاديا لارتفاع التضخم وسط إجراءات مواجهة تداعيات فيروس كورونا المستجد.
إعادة ترتيب السوق المصرفي
من جهته، قال محمد عبد العال، عضو مجلس إدارة بنك قناة السويس، إن الهدف من إلغاء الشهادات مرتفعة العائد هو إعادة هيكلة الأوعية الادخارية نظرا لأن الفائدة الحقيقية عليها مرتفعة جدا، لا سيما في ضوء تراجع معدلات التضخم أسفل مستهدفات البنك المركزي حول 9% بهامش زيادة أو نقص 3%.
وبحسب أحدث بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فقد تراجع معدل التضخم السنوي خلال أغسطس/آب الماضي إلى 3.6%، مقابل 4.6% في يوليو/تموز الماضي، ويبلغ التراجع 6.7% عند المقارنة بأغسطس/آب 2019.
ويتم قياس معدل الفائدة الحقيقي بخصم معدل التضخم من معدل الفائدة، وهو ما يجعل الشهادات مرتفعة العائد تقدم أحد أعلى المعدلات بالأسواق الناشئة.
حققت أهدافها
وأوضح عبدالعال أن هذه الشهادات حققت الهدف منها بامتصاص السيولة أثناء بداية الموجة الأولى لجائحة فيروس كورونا للسيطرة على التضخم، وتوفير عائد للأسر المصرية في مواجهة تداعيات الجائحة.
وتابع: "الآن بات مطلوبا تشجيع الاستثمار من خلال خفض إقراض الشركات الكبيرة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، وفي الوقت ذاته خفض تكلفة التشغيل المالي للبنوك عبر تقليل تكلفة الودائع أي العائد المدفوع عليها".
ويتماشى إلغاء الشهادات مع الخفض الاستثنائي الذي أجراه البنك المركزي المصري لأسعار الفائدة بمقدار 300 نقطة أساس دفعة واحدة في مارس/آذار الماضي ضمن تدابير مواجهة فيروس كورونا، بهدف تقليل تكلفة التمويل بالشركات وتشجيعها على ضخ استثمارات جديدة لتقليل احتمالات الانكماش الاقتصادي.
وكان بنك الاستثمار العالمي كابيتال إيكونوميكس قد توقع في مذكرة بحثية مطلع هذا الأسبوع أن الانخفاض الملحوظ في مستويات التضخم إلى إلغاء الشهادات مرتفعة العائد، من أجل زيادة الإنفاق داخل السوق المصري.
تخفيف العبء على القطاع المصرفي
قال محمود مصطفى، مسئول ائتمان بأحد البنوك المصرية الحكومية، إن الشهادات مرتفعة العائد حققت مردودا جيدا للأسرة المصرية، ولكنها أدت إلى وجود فجوة بين الفائدة على إقراض الشركات التي تدور حول 11% وعائد الودائع والذي وصل إلى 15%.
وأشار إلى أن كثيرا من البنوك واجهت عمليات سحب للودائع بواسطة الأفراد من أجل شراء الشهادات من بنكي مصر والأهلي، ولكن الآن أصبحت عوائد الشهادات متقاربة داخل البنوك المصرية.
وبحسب البنك الأهلي، فإن الشهادة البلاتينية ذات أجل ثلاث سنوات تمنح أعلى عائد بمعدل 12.25% ربع سنوي و12% شهريا، فيما يبلغ أعلى عائد ادخاري ببنك مصر 12% أجل 3 سنوات أيضا.
العائد الحالي مناسب
واستبعد مصطفى تخفيض البنوك العائد على الشهادات الآن، طالما لم يقرر البنك المركزي خفضا لأسعار الفائدة خلال اجتماع لجنة السياسات النقدية المقرر انعقاده الخميس المقبل.
وأشار إلى أن هناك مطالب بطرح شهادات أخرى بديلة مرتفعة العائد تخصص لأصحاب المعاشات من أجل توفير مصدر دخل جيد، نظرا لانخفاض احتمالات الاستثمار في مجالات أخرى مثل البورصات والقطاع العقاري الذي قد يتوجه إليها بعض الأفراد الأخرين كأوعية استثمارية بديلة لشهادات الادخار.