اختطاف الطائرات.. خسائر وتداعيات تمتد لسنوات
الخسائر والتداعيات السلبية لعمليات خطف الطائرات حول العالم قد تمتد لشهور وربما سنوات بغض النظر عن النتيجة النهائية لعملية الاختطاف.
عادت حوادث اختطاف الطائرات إلى الواجهة، مع اختطاف طائرة الخطوط الجوية الإفريقية "الليبية" قبل أيام، وإجبارها على الهبوط في مطار فاليتا بمالطا.
ومع كل اختطاف؛ تمثل تداعيات الحادث أهم هاجس تواجهه الدول، بداية من القلق الذي يسيطر على الدول المالكة للطائرات المختطفة، وفي بعض الأحيان الدول المستقبلة لرحلات الطائرات، مروراً برفع درجة الطوارئ واتخاذ الإجراءات الاحترازية، نهاية بتأثر قطاعات عديدة اقتصادياً وخسارة السمعة الدولية للمطارات وشركات الطيران.
وتبقى الخسائر والتداعيات السلبية قائمة، وقد تمتد لشهور وربما سنوات، بغض النظر عن النتيجة النهائية لعمليات الاختطاف، وهو ما تجسد في الحوادث التي شهدتها دول العالم في النصف القرن الأخير، فهناك حوالي 15 حالة اختطاف طائرات وقعت منذ 1966 حتى 2016، كان آخرها حادث خطف الطائرة الليبية يوم الجمعة 23 ديسمبر/كانون الأول الجاري، ومن قبلها اختطاف الطائرة المصرية، في رحلتها من الإسكندرية إلى شرم الشيخ في مارس/آذار الماضي، والتي اضطرت لتحويل مسارها إلى مطار "لارنكا" في قبرص.
بوابة "العين" الإخبارية ترصد تداعيات عمليات اختطاف الطائرات من خلال عدد من الخبراء، إلى جانب أبرز حوادث الطائرات خلال نصف قرن..
كابتن طيار شادي النبهاوي، المتخصص في سلامة النقل الجوي، يقول: "جميع حوادث اختطاف الطائرات دائماً ما تترك انطباعات سلبية على أمن وسلامة الطيران في الدول التي تنطلق منها الرحلة، وتتبع ذلك طلبات من شركات الطيران العالمية المستخدمة للمطارات لإجراءات أمن وسلامة أعلى، وقد يصل الأمر لتعليق البعض رحلاتها إلى مطارات هذه الدول لتجنب أية مشاكل تؤثر عليها".
ويوضح أن هذا يمثل واحداً من أهم الخسائر التي تسبب أضراراً اقتصادية على الدول المتضررة، ويصبح الأمر أكثر خطورة إذا انتهى الاختطاف بأعمال عنف، مثلما حدث في الطائرة المصرية عام 1985 في رحلتها رقم "648"من أثينا إلى القاهرة، والتي هبطت اضطرارياً في مالطا، وانتهت بتدخل القوات المصرية الخاصة، وأسفر عن مقتل 60 من ركاب الطائرة.
واشار النبهاوي إلى أن الحادث ترك آثاراً وتداعيات سلبية ظلت لفترة طويلة، امتدت إلى شركة مصر للطيران ومطار أثينا، والذي أقلعت منه الطائرة، بخلاف التضرر الذي وقع على مالطا نفسها، بسبب دموية النهاية، حيث تعالت المطالب بتعزيز الإجراءات الأمنية، وطلب بعض الشركات بعمليات تفتيش وتدقيق خاصة تقوم بها لحماية طائراتها وركابها، وخسرت المطارات ملايين الدولارات بسبب تعليق رحلات طيران، ومن ثم خسرت المطارات رسوم الهبوط والإقلاع، والخدمات الأرضية.
ويرصد تقرير للمنظمة الدولية للطيران المدني "إيكاو" العديد من جوانب الخسائر التي تتسبب فيها حوادث اختطاف الطائرات، ومنها السمعة الدولية الخاصة بالمطارات وشركات الطيران، ويقع العبء الأكبر على منظمات وهيئات الطيران المدني، والتي غالباً ما يتم إصدار تحذيرات إليها، ويتم وضعها في قوائم المناطق الأقل أمناً والأكثر خطورة على حركة الطيران، بخلاف إبلاغ شركات الطيران بالحذر من استخدام هذه المطارات، ويصل الأمر إلى وقف التعامل مع المطارات التي تزداد فيها عمليات الاختطاف.
ويشير تقرير "إيكاو" إلى أنه ليست كل المطارات معتمدة من المنظمة، وتقع المسؤولية هنا على المشغلين لها، ولا مسؤولية في هذه المطارات على الإيكاو، خصوصاً أن قضية الأمن والسلامة تقع على رأس قائمة مهام واهتمامات المنظمة دون استثناءات، لضمان توفير عناصر الأمن والتفتيش قبل الإقلاع.
الدكتور شكري منصور، الخبير السابق في "الإيكاو"، قال في رد على بوابة "العين" الإخبارية، إن مناطق النزاعات العسكرية غالباً ما تفتقد لعناصر الأمن والسلامة، وربما يكون هذا أحد أسباب ما حدث في طائرة الخطوط الجوية الإفريقية "الليبية"، لكن يبقى الضرر الاقتصادي على الشركة ووجهات الإقلاع والهبوط محل قلق، وهو ما يتطلب حملات علاقات عامة من الجهات التي يقع عليها الضرر.
في تقرير لموقع "افيشن ويك" تم رصد 15 واقعة اختطاف لطائرات، منها قيام مجموعة إثيوبية باختطاف رحلة الخطوط الجوية الإثيوبية رقم "961" عام 1966، والتي تحطمت بجزر كومروز بجنوب إفريقيا نتيحة نفاد الوقود، وأسفرت عن مقتل 122 من أصل 172 مسافراً ومقتل جميع أفراد طاقم الرحلة.
واختطاف رحلة خطوط "العال" الجوية الإسرائيلية عام 1968، في عملية للمقاومة الفلسطينية وتم تغيير مسار الرحلة التي كانت متجهة من لندن إلى الجزائر، واختطاف 4 طائرات في يوم واحد عام 1970 على أيدي "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، حيث تم تحويل طائرتين إلى حقل داوسون بصحراء الأردن، وتم تحرير 310 ركاب.
ورصد التقرير اختطاف رحلة الخطوط الجوية الفرنسية رقم "139"على يد عناصر من "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" ومن "الخلايا الثورية" في ألمانيا في عام 1976 في رحلة من أثينا إلى باريس وحولوا مسار الرحلة إلى بنغازي في ليبيا. بخلاف اختطاف رحلة خطوط "لوفتهانزا" رقم "181" عام 1977، من إسبانيا إلى ألمانيا، من جانب أفراد من "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، وهبطت في روما بإيطاليا بسبب عدم توافر وقود كافٍ.
ومن حوادث الاختطاف الدموية، اختطاف رحلة الخطوط الجوية الماليزية رقم "653" عام 1977، والتي ما زالت لغزاً حتى الآن، فبعد إقلاعها من مطار بينانج الماليزي باتجاه العاصمة كوالالمبور، أبلغ الطيار عن وجود مختطف مجهول الهوية على متن الرحلة، وانقطع الاتصال معها حتى تحطمت في كامبونج لادانج ومقتل 100 راكب، منهم أفراد طاقم الرحلة.
ومن نفس الحوادث أيضاً اختطاف رحلة الخطوط المصرية رقم "648" عام 1985 بقيام 3 عناصر من "منظمة أبونضال" الفلسطينية بالاختطاف الرحلة من أثينا إلى القاهرة، وقام ضابط أمن مصري على متن الرحلة بإطلاق النار على أحد الخاطفين وقتله، ليتلقى الضابط عشرات الرصاصات بالمقابل، وهبطت الطائرة في مالطا دون موافقة سلطاتها، وجرى قتل راكبين أمريكيين وتدخل القوات المصرية وتتبادل إطلاق النار مع الخاطفين، وهو ما أسفر عن مقتل 60 من أصل 92 مسافراً.
ورصد التقرير حوادث أخرى، منها رحلة خطوط توا، الطائرة رقم "847" عام 1985 والتي استمر اختطافها أسبوعين قبل أن تستقر الطائرة في الجزائر، ورحلة بان آم رقم "73" عام 1986، على يد منظمة أبونضال الفلسطينية، خلال الاستعداد للإقلاع من فرانكفورت بألمانيا إلى كراتشي الباكستانية، وانتهت بمقتل 20 مسافراً كانوا على متن الرحلة.
ورحلة الخطوط الجوية العراقية رقم "163" عام 1986على أيدي عناصر تابعين لـ"حزب الله" في رحلة من بغداد إلى العاصمة الأردنية عمّان. بخلاف اختطاف المصري سيف الدين مصطفى طائرة مصر للطيران المتجهة من الإسكندرية للقاهرة خلال العام الجاري، وانتهت الأزمة بتدخل القوات القبرصية وتم إخلاء سبيل الرهائن دون خسائر.
كابتن طيار أشرف منير، مدير العمليات السابق في خطوط "إير سيناء"، يبين أن حوادث اختطاف الطائرات تترك ظلالاً قاتمة على قطاعات الطيران، وهو ما يفرض وقتها تجديدا شاملا لنظم الأمن والسلامة والمراقبة الأرضية، وهو ما يعني وجود شهور طويلة للعمل على علاج التداعيات.
شوقي فيصل الناغي، عضو الاتحاد الدولي للسياحة، يشير إلى أن قطاع السياحة هي أكثر الأطراف حساسية في حوادث اختطاف الطائرات، وهي التي تحمل العبء الرئيسي.
وبحسبه، تبقى الإجراءات الأمنية بالمطارات والمناطق السياحية هي معيار استعادة القطاع السياحي لقوته، ويصبح الأمر أكثر خطورة في حالات تفجير الطائرات، وهو ما تعاني منه مصر في حادث الطائرة الروسية، وماليزيا من 3 كوارث طيران متتالية، منها طائرة لم يتم التوصل لأية معلومات عنها حتى الآن، وتحتاج لشهور وقد تصل إلى أعوام لعلاجها.