«منتدى هيلي» يختتم أعماله بتوصيات تعزز التعاون الدولي والتفاهم المشترك

اختتم مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بالتعاون مع أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية فعاليات منتدى هيلي السنوي بنسخته الثانية الذي استمر على مدار يومين، تحت شعار "إعادة ضبط النظام الدولي: التجارة والتكنولوجيا والحوكمة".
وجمع المنتدى نخبة من القادة والخبراء والدبلوماسيين من مختلف أنحاء العالم، ليؤكد الدور المحوري لدولة الإمارات في صياغة مقاربات عملية لمواجهة التحديات العالمية المتسارعة.
وتضمنت أجندة اليوم الثاني والأخير من المنتدى، جلسة رئيسية إلى جانب عدة جلسات متزامنة تناولت المحور الثالث من المحاور الأساسية وهو "محور الجيوتكنولوجية" حيث ناقش المشاركون تأثيرات التقنيات التحويلية مثل الذكاء الاصطناعي، والحوسبة الكمية، والروبوتات، على موازين القوة العالمية والأمن الوطني والتنافسية الاقتصادية، فضلاً عن انعكاساتها على العلاقات الدولية. وأكدت النقاشات أن التطور التكنولوجي، رغم ما يحمله من فرص، يفرض التزامات مشتركة لضمان توظيفه في خدمة التنمية والاستقرار العالمي.
وخلال أعمال المنتدى، أكدت لانا نسيبة، وزيرة دولة في حكومة دولة الإمارات، أهمية تبني الدول نهجا مرنا يمكّنها من صون سيادتها في ظل نظام دولي يشهد تحولات متسارعة
وأكدت أن الدبلوماسية تبقى الركيزة الأساسية لإحلال السلام الإقليمي، حيث قالت: "السلام لا يتحقق بالعدوان، ولا يدوم نظام يقوم على المواجهة أو الإقصاء".
كما أوضحت أن مستقبل فلسطين سيبقى حجر الزاوية لأي سلام مستدام في الشرق الأوسط، مجددة رفض دولة الإمارات القاطع لأي محاولات لضم الأراضي الفلسطينية، ومؤكدة أن هذا الأمر يمثل "خطاً أحمر" بالنسبة للإمارات.
وحذرت نسيبة كذلك من التحديات التي تفرضها الجهات الفاعلة غير الحكومية والداعمين الخارجيين لها، معتبرة أن ذلك يفاقم حالة عدم الاستقرار في المنطقة. وفي المقابل، شددت على رؤية الإمارات الداعية إلى "ميثاق إقليمي يحقق لشعوب المنطقة مكاسب حقيقية تفوق بكثير العوائد المحدودة للصراعات بالوكالة".
فيما أشار الدكتور سلطان النعيمي، مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية إلى أهمية المنتدى قائلاً: "يعكس الزخم الكبير، الذي شهده منتدى هيلي بنسخته الثانية، قيمتَي التواصل والحوار، اللتين يسعى المنتدى إلى ترسيخهما، كما يُبرز المكانة التي تحظى بها دولة الإمارات بدبلوماسيتها الفعَّالة، التي تجلت في حضور نخبة من الوزراء وصناع القرار والمفكرين لمناقشة أبرز القضايا الملحَّة التي تواجهها منطقتنا والعالم.
وسيواصل المنتدى، بالتعاون مع أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية، ترسيخ موقعه بصفته منصة دولية رائدة للحوار والتواصل في أرض يشهد لها التاريخ بهذا التواصل منذ آلاف السنين"، بحسب النعيمي.
وبدوره، صرّح نيكولاي ملادينوف، المدير العام لأكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية، قائلاً: "أكدت مناقشات منتدى هيلي 2025 أن التكنولوجيا لم تعد شأناً تقنياً بحتاً، بل تحولت إلى عنصر رئيسي يسهم في إعادة تشكيل موازين القوة والعلاقات الدولية".
وأضاف أن هذه الحوارات حول الذكاء الاصطناعي والابتكار أبرزت الحاجة الملحّة إلى تعاون عالمي يضمن الاستخدام المسؤول لهذه التقنيات، بما يخدم جهود السلام والتنمية ويعكس الدور المتنامي لدولة الإمارات كقوة دبلوماسية تسهم في صياغة المستقبل الدولي."
وخلال مشاركته في أعمال المنتدى، أكد الدكتور نارايانابا جاناردان، مدير إدارة البحوث والتحليل في أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية على ضرورة تطوير أطر قانونية للحفاظ على القيم الإنسانية في ظل التقدم التكنولوجي الذي يشهده العالم اليوم.
وقال إن "التقنيات التكنولوجية الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والخوارزميات تطرح تحديات غير مسبوقة على القوانين الدولية الإنسانية. فمع إعادة تعريف مفهوم الحرب والسلام في العصر الرقمي، يصبح من الضروري تطوير أطر قانونية وأخلاقية جديدة تضمن الاستخدام المسؤول للتكنولوجيا وتحافظ على القيم الإنسانية الأساسية".
واختتم المنتدى أجندته بالتأكيد على أن التقدم التكنولوجي، بما يحمله من فرص وتحديات، يتطلب تعاوناً دولياً وشراكات عابرة للحدود لضمان توظيفه بما يخدم الاستقرار والازدهار العالمي. وقد جدد "منتدى هيلي" التزامه بمواصلة توفير منصة استراتيجية للحوار وتبادل الرؤى، تسهم في صياغة مقاربات عملية لمواجهة التحولات المتسارعة وبناء مستقبل أكثر توازناً وشمولية للمجتمع الدولي.