منتدى «هيلي».. استقرار المنطقة مرهون بقوة الدولة الوطنية واستقلالية القرار السيادي

أكد مسؤولون عرب سابقون أن الاستقرار الإقليمي في الشرق الأوسط مرهون بقدرة الدولة الوطنية على حصر السلاح والقرار السيادي بيدها، وإرساء هندسة إقليمية شاملة متعددة المسارات تشمل الجوانب السياسية والأمنية والاقتصادية.
جاء ذلك في جلسة رئيسية بمنتدى "هيلي" الدولي حملت عنوان "التحولات الجيوسياسية في الشرق الأوسط"، أدارها سلطان النعيمي مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، بمشاركة بشر الخصاونة رئيس وزراء الأردن ووزير الدفاع الأسبق، وعبدالله حمدوك رئيس وزراء السودان الأسبق، وهوشيار زيباري وزير الخارجية العراقي الأسبق.
فمن جانبه، شدد الخصاونة على أن تعزيز منعة الدولة الوطنية هو حجر الرحى لأي هندسة إقليمية جديدة، مستعيدا تجربة الأردن التاريخية في حصر السلاح والقرار السيادي بيد الدولة، ورفض أي أدوار "ما دون الدولة" التي قد تهدد الاستقرار.
واعتبر أن ما بعد 7 أكتوبر شكل "انعطافة مؤقتة" كشفت اختبارات قاسية لأخلاقية النظام الدولي، معتبرا أن عدم التناسب في رد إسرائيل على الهجمات كان "امتحانا" لذلك.
ودعا الخصاونة إلى هندسة إقليمية شاملة متعددة المسارات تشمل السياسي والأمني والاقتصادي والتنموي والتكنولوجي، مشيرا إلى أن هذه الهندسة قد تشمل إسرائيل شريطة الالتزام بمسار واضح يقود إلى حل الدولتين.
وحذر في الوقت نفسه من سباق تسلح نووي محتمل في المنطقة، مؤكدا أن الاستثمارات الخليجية الضخمة في الولايات المتحدة لن تترجم أثرا دون استقرار إقليمي قابل للدوام.
وفيما يتعلق بالمحاصصة الطائفية، دعا الخصاونة إلى تدرج للخروج منها دون تغول للأغلبية، مع ضمانات مؤسسية تكفل المواطنة وحقوق الأقليات، حتى لا تتحول المحاصصة إلى عائق تنموي وشروخ اجتماعية.
الأزمة السودانية
وفي الملف الأفريقي، قال حمدوك إن الاضطراب الجيوسياسي وفصل قضايا الشرق الأوسط عن القارة السمراء غير ممكنين بسبب الترابط الأمني والجغرافي للبحر الأحمر، بما يشمل مصر والسودان وإريتريا وجيبوتي وصولا إلى الضفة الآسيوية.
ووضع حمدوك أزمة السودان في قلب هذا الاضطراب، واصفا إياها بأنها "أكبر كارثة إنسانية راهنة"، حيث اعتبرها تتقدم على الأزمة في غزة والحرب الروسية الأوكرانية.
وشدد على ضرورة وقف الحرب وتوفير ممرات إنسانية برقابة إقليمية ودولية، وإنهاء الحرب من خلال حوار سوداني سوداني شامل يستثني من "خربوا الحياة السياسية".
وطالب بالتنسيق الوثيق بين المبادرات العربية والإقليمية ومنظومات الاتحاد الأفريقي و"الإيغاد" والجامعة العربية، منتقدا غياب إطار أممي قياسي لإدارة النزاعات بعد أن كانت الأمم المتحدة مرجعية لإجراءات متعارف عليها.
كما شدد على أن الإفراط في محاكاة "النموذج الليبي" لن يكون مجديا للسودان، نظرا للتعقيد الإثني وتجربة قرون طويلة من إدارة التنوع، مضيفا أن غياب دستور دائم منذ الاستقلال ساهم في إطالة أمد عدم الاستقرار وإعادة تدوير الانقلابات.
الأوضاع في العراق
أما زيباري، فأكد أن ملفات الشرق الأوسط مترابطة ولا يمكن فصلها، مسترجعا أثر أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 في إعادة تشكيل السياسات العالمية، قبل أن تقلب أحداث 7 أكتوبر المعادلة.
وأشار إلى إعادة تموضع القوات الأمريكية في العراق وفق تفاهمات ثنائية، مع احتمال خفض الوجود وصولا إلى انسحاب لاحق، بينما يبقى النقاش مفتوحا حول ترتيبات إقليم كردستان.
كما حذر من أن المواجهة الإيرانية الإسرائيلية لم تغلق بعد، في ظل حراك أوروبي حول "آلية الزناد" وطرح سياسي لحل الدولتين قد يولد تفاعلات إضافية.
في الداخل العراقي، أكد زيباري أن الدستور التوافقي يشكل عقدا اجتماعيا صوت له أغلب العراقيين، وأن مراعاة التمثيل لا يجب أن تكون على حساب الكفاءة، مشيرا إلى توجهات إقليمية متزايدة لحصر السلاح بيد الدولة وبناء مؤسسات مدنية دستورية.
وتحت شعار "إعادة ضبط النظام العالمي: التجارة، التكنولوجيا، الحوكمة"، انطلقت صباح اليوم الإثنين، النسخة الثانية من منتدى هيلي، في العاصمة الإماراتية أبوظبي، بمشاركة دولية واسعة، وبتنظيم من مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بالتعاون مع أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية.
ويهدف المنتدى إلى إثراء النقاشات الاستراتيجية في دولة الإمارات، وتقديم إضافات علمية وبحثية، والإسهام في تحديد ملامح البيئة العالمية في ظل التحولات السريعة والعميقة التي تعيد تشكيل المشهد العالمي خلال المرحلة الحالية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTMxIA== جزيرة ام اند امز