56 اتصالا ولقاء وقمة.. حراك دبلوماسي وإنساني إماراتي من أجل غزة
حراكٌ دبلوماسي وإنساني تخطو به دولة الإمارات العربية المتحدة، على خط خفض التصعيد بالمنطقة، ودعم القضية الفلسطينية.
دعمٌ تؤكده الحقائق والوقائع والأرقام، وتوثقه ركائز دولة الإمارات منذ تأسيسها عام 1971.
إذ لا ينسى الإماراتيون والفلسطينيون والعالم أجمع الكلمات الخالدة للمؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حينما قال: "دعمنا للشعب الفلسطيني سيستمر حتى يحقق هذا الشعب طموحه في إقامة دولته المستقلة ".
كلمات تعكس نهج التزم به قادة الإمارات على الدوام، منذ المؤسس وحتى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، الذي يعد من أبرز قادة العالم الداعمين للقضية الفلسطينية.
وقبل يومين، أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، أن "الإمارات لن تدخر جهداً خلال الفترة المقبلة من أجل كل ما يدفع الأمور نحو السلام والاستقرار"، وحذر من مغبة "غياب أفق سياسي يقود إلى سلام عادل وشامل وآمن ومستدام".
ويُعد دعم القضية الفلسطينية، من ثوابت السياسة الخارجية للإمارات منذ تأسيسها مرورا بتوقيعها اتفاق سلام مع إسرائيل في 15 سبتمبر/أيلول 2020.
وقبيل تجدد التصعيد الأخير في قطاع غزة، يكاد لا يخلو أي خطاب سياسي لدولة الإمارات في أي محفل دولي أو إقليمي أو من خلال لقاءات ثنائية أو أية مباحثات مشتركة، من التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية للإمارات والأمة العربية والإسلامية، والتحذير من مغبة عدم التوصل لحل عادل لتلك القضية، والتأكيد على دعم مبادرات السلام العربية والتأكيد المستمر على حل الدولتين كأساس للسلام.
مواقف دبلوماسية تناغمت مع أخرى قوية، عبر بيانات متتالية تصدرها وزارة الخارجية الإماراتية، متى استدعت التطورات، تطالب فيها إسرائيل بالوقف الفوري للحملات المتكررة والمتصاعدة ضد الشعب الفلسطيني، وتدعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته واتخاذ إجراءات حازمة ومكثفة، تسهم في تهدئة الأوضاع على الأرض وإحياء عملية السلام.
دعم غزة.. ملحمة تاريخية
ومنذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، في السابع من الشهر الجاري، لا يكاد يمر يوم دون أن يجري الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات مباحثات واتصالات مع قادة دول العالم.
مباحثات تتناول جهود التهدئة، والدعوة للحفاظ على أرواح كل المدنيين وتوفير الحماية لهم، وفتح ممرات إنسانية لنقل المساعدات الطبية والإغاثية إلى قطاع غزة دون عوائق، إضافة إلى تضافر الجهود لإيجاد أفق للسلام الشامل في المنطقة.
وجنبا إلى جنب مع الجهود الدبلوماسية والسياسية، أعلنت دولة الإمارات عن تقديم مساعدات إنسانية عاجلة بقيمة تتجاوز 154 مليون درهم، فضلا عن إطلاق مبادرة "تراحم من أجل غزة" التي جمعت مئات الأطنان من المساعدات الإغاثية خلال 10 أيام من إطلاقها.
ملحمة سياسية وإنسانية تدونها الإمارات في مجلدات التاريخ بمداد دعم لا ينضب لسكان غزة وفلسطين.
56 اتصالا ولقاء وقمة
وبحسب إحصاء لـ"العين الإخبارية" فقد بحثت الإمارات سبل وقف التصعيد في غزة وحماية جميع المدنيين عبر 45 اتصالا ولقاء مع قادة ووزراء ومسؤولين أمميين ودوليين، حتى صباح اليوم الثلاثاء.
وفي إطار جهود دولة الإمارات المتواصلة وحرصها على العمل مع الأشقاء والأصدقاء لدعم جميع المساعي والمبادرات الدبلوماسية الهادفة إلى إرساء سلام عادل وشامل وآمن ومستدام ينهي حالة العنف في المنطقة ويعزز الأمن والاستقرار الإقليميين، شاركت في 6 قمم واجتماعات خليجية وإسلامية وعربية ودولية لنفس السبب.
كما شاركت في 4 اجتماعات بمجلس الأمن الدولي، واجتماع في الجمعية العامة للأمم المتحدة، بإجمالي 56 اتصالا ولقاء وقمة خلال 17 يوما، الأمر الذي يبرز الجهد القياسي التي تقوم به لوقف الحرب.
وأجرى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مباحثات بشأن الأوضاع في غزة مع نحو 20 من قادة ورؤساء حكومات ووزراء ومسؤولين أمميين، بينهم العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، ورؤساء أمريكا جو بايدن، ومصر عبدالفتاح السيسي، وتركيا رجب طيب أردوغان، وإسرائيل إسحاق هرتسوغ.
وتركزت تلك المباحثات حول جهود وقف التصعيد على المدى القصير، وسبل حل الأزمة بشكل مستدام عبر الوصول إلى سلام شامل وعادل يفضي إلى حل الدولتين.
أحدث تلك المباحثات جرت خلال لقاء جمع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وعاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة، في أبوظبي، أمس الإثنين.
وتطرق اللقاء إلى التطورات الخطيرة في المنطقة والأوضاع الإنسانية المتفاقمة التي يشهدها قطاع غزة وضرورة الدفع نحو مسار السلام لتحقيق الاستقرار والتنمية لشعوب المنطقة.
وشارك الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في الـ 21 من الشهر الجاري، في أعمال " قمة القاهرة للسلام" التي افتتحها الرئيس المصري بمشاركة قادة عدد من الدول العربية والأجنبية ورؤساء حكوماتها، وأنطونيو غوتيريش أمين عام الأمم المتحدة.
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في تغريدة له بمناسبة انعقاد "قمة القاهرة للسلام " أن "الإمارات تعمل مع أشقائها وأصدقائها على الوقف الفوري لإطلاق النار، وتوفير الحماية للمدنيين، وضمان ممرات إنسانية آمنة لدعم قطاع غزة، وتفادي توسع الصراع ما يهدد الاستقرار والأمن الإقليميين، وإيجاد أفق للسلام الشامل."
وشدد على أن دولة الإمارات لن تدخر جهداً خلال الفترة المقبلة من أجل كل ما يدفع الأمور نحو السلام والاستقرار بالتعاون مع أشقائها وأصدقائها في المنطقة والعالم.
وتأتي مشاركته في تلك القمة غداة مشاركته في قمة مجلس التعاون الخليجي ورابطة دول "آسيان" التي انعقدت بالعاصمة السعودية الرياض، الجمعة الماضية، وشارك فيها قادة ورؤساء وفود 16 دولة (دول مجلس التعاون الخليجي الست+ 10 دول من جنوب شرق آسيا يمثلون رابطة الآسيان).
ورسم رئيس دولة الإمارات في كلمته بمناسبة القمة، خارطة السلام في فلسطين والشرق الأوسط، محذرا من تداعيات اتساع دائرة الحرب على الأمن الإقليمي.
على الصعيد الدبلوماسي، أجرى الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية الإماراتي 25 اتصالا ولقاء مع نظرائه حول دول العالم وعدد من المسؤولين، بينهم نظراؤه في الولايات المتحدة أنتوني بلينكن، وتركيا هاكان فيدان، وإيران حسين أمير عبد اللهيان، وإسرائيل إيلي كوهين.
ومنذ يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، يتعرض قطاع غزة لقصف إسرائيلي عنيف متواصل، في أعقاب هجوم مباغت وغير مسبوق لحركة حماس على مستوطنات ومدن إسرائيلية في غلاف القطاع.
وتسبب القصف الإسرائيلي في تدمير واسع النطاق في غزة، فيما تجاوزت حصيلة القتلى الـ5 آلاف شخص، فضلا عن نزوح أكثر من مليون شخص من منازلهم.
حراك في مجلس الأمن
وواكب تلك الجهود حراك إماراتي في مجلس الأمن الدولي عبر 4 اجتماعات.
وفي أحدث تلك الاجتماعات، أكدت نورة الكعبي، وزيرة الدولة الإماراتية، في اجتماع مجلس الأمن بشأن مساهمات الآليات الإقليمية في السلام والأمن، يوم 20 أكتوبر، على أن تأييد المجلس لجهود الوساطة الإقليمية والثنائية، يمكن أن يتقدم بشكل كبير باتجاه تحقيق السلام.
ودعت إلى ضرورة أن يتحدث المجلس بصوت واحد حول الأزمة الكارثية التي تتكشف في غزة.
واستبق هذا الاجتماع، مشاركة السفيرة لانا نسيبة، المندوبة الدائمة للإمارات في الأمم المتحدة في 3 جلسات بشأن الحالة في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية دعت خلالها إلى وقف إطلاق النار لأغراض إنسانية.
وأيدت الإمارات في المجلس مشروعي قرار قدمتهما روسيا يوم 16 أكتوبر، والبرازيل 18 من الشهر نفسه، يدعوان إلى هدنة إنسانية والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
ورغم تعثر مجلس الأمن في التوافق بشأن مشروع القرارين اللذين عارضتهما أمريكا، إلا أن الإمارات سجلت خلال الجلستين موقفا قويا داعما للسلام والإنسانية والقضية الفلسطينية.
ووضعت الدولة من خلال كلمتها التي ألقتها السفيرة لانا زكي نسيبة، خارطة طريق لحل الأزمة الإنسانية الناتجة عن الحرب التي يشهدها القطاع، وتحقيق سلام مستدام على المدى الطويل عبر حل الدولتين يعيشان جنب إلى جنب.
ودعت الإمارات في هذا الصدد، أولا إلى حماية جميع المدنيين، وثانيا إلى الإفراج غير المشروط عن جميع الرهائن، إضافة إلى توفير المساعدات الإنسانية بشكل عاجل وآمن.
كما دعت إلى احترام القانون الدولي الإنساني، ووقف الهجمات العشوائية، ورفض الدعوة لنزوح أكثر من مليون فلسطيني عن أراضيهم، وأخيرا الاتفاق على أفق سياسي واضح لحل القضية الفلسطينية يستند إلى حل الدولتين.
وإضافة إلى جلسات مجلس الأمن، أكدت دولة الإمارات خلال المناقشة العامة للجنة الثانية حول فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة 16 أكتوبر، على أهمية: الوقف الفوري للأعمال العدائية وتوفير الحماية للمدنيين، وتدارك الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، ودعم الشعب الفلسطيني في الحصول على حقوقه غير القابلة للتصرف.
تراحم من أجل غزة.. إنجازات إنسانية
وعلى الصعيد الإنساني تتواصل جهود الإمارات لدعم أهل غزة، والتي أطلقها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذي أمر في الأيام الأولى للحرب بتقديم مساعدات عاجلة إلى الأشقاء الفلسطينيين بمبلغ 20 مليون دولار( نحو 74 مليون درهم إماراتي).
دعم يأتي من خلال وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" التي تحرص على توفير التعليم، والرعاية الصحية، والخدمات الاجتماعية للاجئين الفلسطينيين، حيث يتم تمويل الوكالة بالكامل تقريباً من خلال مساهمات الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة.
وفي دعم إضافي للفلسطينيين، وجّه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، بتقديم مساعدات عاجلة، بمبلغ 50 مليون درهم، عن طريق مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، وذلك في ظل الظروف الإنسانية الصعبة التي يمر بها قطاع غزة.
كذلك، وجهت قرينة حاكم الشارقة الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيسة مؤسسة "القلب الكبير" بتقديم مساعدات إغاثية بمبلغ 30 مليون درهم للفلسطينيين، وذلك نظراً للظروف الإنسانية الصعبة التي يمر بها الأهالي في فلسطين وبشكل خاص في قطاع غزة الذي يشهد حالة إنسانية غير مسبوقة.
وفي 15 أكتوبر، تم إطلاق مبادرة «تراحم من أجل غزة» تحت إشراف هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، التي تتواصل حتى اليوم.
ومنذ انطلاقها تسجل المبادرة إنجازات إنسانية متتالية سواء في عدد المتطوعين أو عدد الحزم الإغاثية التي تم إعدادها.
وأعلن الهلال الأحمر الإماراتي مساء الإثنين إنه تم إعداد 10 آلاف طرد من المساعدات الإغاثية للفلسطينيين في غزة بمشاركة أكثر من 6 آلاف متطوع.
جاء ذلك غداة الإعلان عن مشاركة 10100 متطوع في إعداد 25000 حزمة إغاثية على مدار يومي الجمعة والسبت من خلال فعاليات نظمت في أبوظبي ودبي والشارقة، وجمعت أكثر من 550 طنا من المواد الإغاثية.
وبالتعاون مع برنامج الغذاء العالمي، أرست دولة الإمارات 120 طنا من المساعدات إلى مدينة العريش المصرية، تشمل الاحتياجات الغذائية وتلك الخاصة بالأطفال والأمهات، تمهيدًا لإدخالها إلى قطاع غزة.
وتتواصل المشاركة الفاعلة للمواطنين والمقيمين في دولة الإمارات ضمن حملة "تراحم من أجل غزة" والتي تجسد القيم الراسخة للمجتمع الإماراتي وتضامنه الإنساني مع المتضررين من الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ودعمه للجهود الرسمية في هذا الصدد.
وتشرف على الحملة وزارة الخارجية بالتعاون مع هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، وبرنامج الغذاء العالمي، وبالتنسيق مع وزارة تنمية المجتمع وبمشاركة 20 مؤسسة خيرية وإنسانية، بالإضافة لمنصات التطوع الوطنية.
وتهدف مبادرة "تراحم من أجل غزة" إلى التضامن مع الأطفال الفلسطينيين والأسر المتأثرة من الحرب الدائرة، ورفع المعاناة عن الفئات الأكثر ضعفاً خاصة الأطفال الذين يشكلون نحو نصف سكان القطاع "ما يزيد عن مليون طفل" من خلال توفير الاحتياجات الأساسية لهم ولأمهاتهم، إضافة إلى المستلزمات الصحية ومواد النظافة العامة.
وقبيل انطلاق المبادرة، أرسلت دولة الإمارات، في 13 أكتوبر الجاري، طائرة تحمل على متنها مساعدات طبية عاجلة إلى مدينة العريش، ليتم إدخالها إلى قطاع غزة عبر معبر رفح.
ثم أرسلت طائرة ثانية في 20 أكتوبر، تحمل مساعدات بحمولة 68 طناً من المساعدات الغذائية والإغاثية المتنوعة .
دعم يتواصل في إطار مواقف الإمارات الأخوية ونهجها الأصيل تجاه دعم الأشقاء في مختلف الظروف ومد يد العون لهم والذي يعد من ثوابت دولة الإمارات.