رفض تهجير الفلسطينيين.. مواقف إماراتية تاريخية لدعم غزة
رفض إماراتي لخطط تهجير الفلسطينيين من غزة يتوج جهودها السياسية والدبلوماسية والإنسانية المتواصلة لدعم فلسطين عموماً وأهل غزة بشكل خاص.
موقف قوي يأتي في إطار التزام دولة الإمارات العربية المتحدة الراسخ بدعم قضية فلسطين، التي تعد أحد ثوابت سياستها الخارجية منذ تأسيسها وحتى اليوم.
وبالتزامن مع هذا الموقف السياسي القوي، تكثف دولة الإمارات دعمها الإنساني والإغاثي عبر عملية "الفارس الشهم 3" للتخفيف من معاناة أهل غزة جراء تداعيات الحرب الإسرائيلية التي بدأت على القطاع في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
رسالة قوية
عبر رسالة مشتركة إلى وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، حملت توقيع وزراء خارجية خمس دول عربية هي دولة الإمارات ومصر والسعودية وقطر والأردن، والأمين العام لمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً لفلسطين، عبر المسؤولون الستة عن مواقف دولهم، مؤكدين معارضتهم لخطط تهجير الفلسطينيين من غزة، وطالبوا بدلاً من ذلك بإشراك الفلسطينيين في عملية إعادة الإعمار، وعبروا عن تمسكهم بحل الدولتين، واستعدادهم لتقديم الدعم لإنجاحه، بحسب نسخة من الرسالة حصلت عليها «العين الإخبارية».
وأشار الوزراء إلى أن حل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي هو مفتاح السلام الإقليمي، وأن حل الدولتين هو الخيار الوحيد القابل للتطبيق لتحقيق سلام عادل وشامل.
وشددوا على ضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة على أساس حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، لتعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل في أمن وسلام.
وعبروا عن رفضهم القاطع لأي خطط لضم إسرائيل أراضي فلسطينية، مؤكدين أن ذلك سيجعل حل الدولتين غير قابل للتطبيق، وسيدفع المنطقة نحو مزيد من التوتر وعدم الاستقرار.
كما أكدوا أن ترحيل الفلسطينيين من أراضيهم يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وتهديداً للأمن الإقليمي.
وأشار الوزراء إلى دعمهم الكامل لرفض الفلسطينيين مغادرة أراضيهم، مشيرين إلى أن أي محاولات لتهجيرهم ستزيد من تعقيد مشكلة اللاجئين وتضيف تحديات جديدة، مما يعمق الأزمة ويفاقم النزاع.
يأتي هذا في إطار مساعٍ عربية حثيثة بمشاركة الإمارات، لإثناء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن اقتراحه المتكرر بنقل الفلسطينيين من غزة إلى مصر والأردن ودول أخرى في أثناء جهود إعادة الإعمار.
جاء البيان ممهوراً بتوقيع الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي، والأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية السعودي، وبدر عبدالعاطي وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج، وأيمن الصفدي نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين بالأردن، والشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري، وحسين الشيخ، الأمين العام للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، مستشار الرئيس الفلسطيني.
حراك دبلوماسي متواصل
موقف قوي جديد يأتي ضمن جهود إماراتية دبلوماسية وسياسية متواصلة تدفع نحو إيجاد أفق سياسي جاد لتحقيق السلام الشامل القائم على أساس حل الدولتين.
جهود تكثفت منذ الهجوم على غزة عبر أكثر من مسار وتواصلت حتى اليوم، من أبرزها:
مباحثات القيادة السياسية (جهود متواصلة للشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات):
منذ اندلاع حرب غزة، لا يكاد يمر يوم دون أن يجري الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، مباحثات واتصالات مع قادة ومسؤولي دول العالم لبحث جهود التهدئة والدعوة للحفاظ على أرواح المدنيين وتوفير الحماية لهم، وبحث سبل إيجاد أفق للسلام الشامل في المنطقة.
ضمن أحدث تلك الجهود، بحث الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في أبوظبي في 16 يناير/كانون الثاني الماضي الأوضاع في غزة.
ورحب الزعيمان بإعلان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مؤكدين ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية الكافية إلى القطاع ومواصلة المساعي الحثيثة لتنفيذ "حل الدولتين" كونه السبيل لتحقيق الاستقرار والسلام الدائم والشامل في المنطقة.
حراك دبلوماسي متواصل (مباحثات الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، وجهود دبلوماسيي الإمارات وبيانات وزارة الخارجية):
قبل أسبوعين، أصدر الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي، بياناً أعلن فيه ترحيب الإمارات بإعلان الاتفاق على وقف إطلاق النار في غزة، وأكد أن بلاده ثابتة في التزامها بتعزيز السلام والعدالة، وضمان حقوق الشعب الفلسطيني.
أيضاً شاركت الإمارات مطلع الشهر الجاري في اجتماع على مستوى وزراء الخارجية عُقد في القاهرة بدعوة من مصر، شاركت فيه أيضاً الأردن والسعودية وقطر، إضافة إلى أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عن دولة فلسطين وأمين عام جامعة الدول العربية.
وشدد الاجتماع على أهمية تضافر جهود المجتمع الدولي لتنفيذ خطة شاملة لإعادة إعمار قطاع غزة في أسرع وقت ممكن، لضمان بقاء الفلسطينيين في أرضهم وتحسين ظروفهم المعيشية، ومعالجة آثار النزوح الداخلي.
وعبر الوزراء عن دعمهم الكامل لصمود الشعب الفلسطيني وتمسكه بحقوقه المشروعة وفقاً للقانون الدولي، مع رفض أي إجراءات تمس هذه الحقوق، سواء من خلال الأنشطة الاستيطانية، أو الطرد، أو هدم المنازل، أو ضم الأراضي، أو التهجير القسري، لما يمثله ذلك من تهديد للاستقرار الإقليمي وتقويض لفرص السلام والتعايش.
تحركات في المحافل والمنظمات الدولية (مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان ومحكمة العدل الدولية ومختلف المؤتمرات والمحافل الدولية):
على صعيد جهودها المتواصلة في المحافل الأممية، كانت لدولة الإمارات جهود بارزة لدعم القضية الفلسطينية، من أبرزها:
رحبت الإمارات باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة في 18 سبتمبر/أيلول 2024 قراراً بالأغلبية يطالب بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية خلال عام.
قدمت الإمارات مشروع قرار بأهلية دولة فلسطين لنيل العضوية الكاملة في الأمم المتحدة خلال جلسة استثنائية طارئة للجمعية العامة، وذلك بصفتها رئيسة المجموعة العربية لشهر مايو/أيار 2024.
وحاز القرار على تصويت الجمعية العامة بغالبية كبيرة لصالح قبول منح دولة فلسطين العضوية الكاملة، في خطوة تاريخية على طريق السلام وتحقيق حل الدولتين.
رحبت دولة الإمارات في 20 يوليو/تموز الماضي بما صدر عن محكمة العدل الدولية من رأي استشاري يعتبر سياسة الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية انتهاكاً للقانون الدولي.
رحبت دولة الإمارات في 29 مارس/آذار الماضي بما أصدرته محكمة العدل الدولية من إجراءات مؤقتة إضافية، في إطار نظر قضية منع الإبادة الجماعية التي رفعتها جمهورية جنوب أفريقيا، التي تطالب إسرائيل بضرورة السماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وفتح المزيد من نقاط العبور لنقل المواد الغذائية والإمدادات الطبية.
يأتي ذلك ضمن جهود إماراتية متواصلة لدعم فلسطين على مختلف الأصعدة السياسية والإنسانية، تكللت بنجاح دولة الإمارات في آخر أيام عضويتها بمجلس الأمن الدولي في ختام عام 2023 بتحقيق اختراق تاريخي عبر اعتماد المجلس قراراً إماراتياً حمل رقم 2720 يدعو إلى "اتخاذ خطوات جوهرية وملموسة لزيادة تدفق المساعدات الإنسانية التي يحتاج إليها الفلسطينيون بشدة في غزة، وحماية موظفي الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني على الأرض".
ملحمة إنسانية
دعم دبلوماسي واكبه دعم إنساني لا ينقطع، حيث تتدفق المساعدات الإماراتية على قطاع غزة.
ومنذ مطلع عام 2025، تكثف دولة الإمارات دعمها الإنساني والإغاثي عبر عملية "الفارس الشهم 3" للتخفيف من معاناة أهل غزة جراء الحرب الإسرائيلية التي بدأت على القطاع منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ومع بدء سريان وقف إطلاق النار في غزة في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، ضاعفت دولة الإمارات جهودها الإنسانية منذ بداية الهدنة، حيث كثفت عمليات الإغاثة الإنسانية لدعم الشعب الفلسطيني في مواجهة الظروف الإنسانية الصعبة التي يمر بها القطاع.
وغداة بدء سريان الهدنة، أبحرت سفينة المساعدات الإماراتية السادسة، تحمل على متنها هدية الشيخة فاطمة بنت مبارك "أم الإمارات"، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، متجهة إلى مدينة العريش المصرية تمهيداً لإدخالها إلى قطاع غزة، وذلك ضمن عملية "الفارس الشهم 3" لدعم الشعب الفلسطيني الشقيق في قطاع غزة.
وتحمل السفينة على متنها 5800 طن من المواد الإنسانية، ومواد غذائية ومواد إيوائية ومستلزمات طبية.
تتزامن هذه المساعدات مع انطلاق المرحلة الأكبر من عملية الفارس الشهم 3 في غزة تنفيذاً لتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حيث كثفت عملية الفارس الشهم جهودها لتلبية الاحتياجات العاجلة للأشقاء مع إعلان الهدنة.
وقبل أيام، عبرت 5 قوافل محملة بمساعدات إنسانية إماراتية متنوعة إلى قطاع غزة عبر معبر رفح المصري.
وتتألف القوافل من 100 شاحنة تحمل على متنها أكثر من 1442 طناً من المساعدات الإنسانية التي تشمل المواد الغذائية، وطرود الإغاثة، وخيم الإيواء، والاحتياجات الضرورية الأخرى.
وأقامت دولة الإمارات في إطار عملية "الفارس الشهم 3" العديد من المبادرات تضمنت إنشاء مستشفيين ميدانيين، الأول داخل قطاع غزة، والثاني مستشفى عائم قبالة ساحل مدينة العريش، إضافة إلى إقامة 5 مخابز أوتوماتيكية، كما تم توفير الطحين لعدد 9 مخابز قائمة ودعم 37 مطبخاً شعبياً في غزة، إضافة إلى إنشاء 6 محطات تحلية تنتج مليوني غالون مياه يومياً يجري ضخها إلى قطاع غزة ويستفيد منها أكثر من 600 ألف نسمة.
كما نُفذ 53 إسقاطاً جوياً ناجحاً للمساعدات الإنسانية على المناطق المعزولة والتي لا تصل إليها المساعدات في قطاع غزة، حيث بلغ إجمالي المساعدات التي تم إسقاطها 3700 طن من المساعدات الإغاثية والإنسانية وذلك ضمن عملية طيور الخير الإنسانية، وتم دعم القطاع الطبي بأكثر من 700 طن من المعدات الطبية والأدوية والمستهلكات الطبية وعدد 15 سيارة إسعاف، وكذلك دعم مصلحة مياه الساحل بـ8 صهاريج للماء و4 صهاريج للصرف الصحي.
يأتي إرسال المساعدات الإغاثية بحراً وبراً وجواً تجسيداً لالتزام دولة الإمارات التاريخي والراسخ بدعم الشعب الفلسطيني، حيث لا تتوانى عن تقديم كافة أشكال الدعم الإنساني إلى الأشقاء الفلسطينيين.
ورسمت دولة الإمارات عبر تلك المبادرات ملحمة إغاثية إنسانية، قادها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، وجعلت البلاد في صدارة دول العالم الداعمة لأهل غزة بشكل خاص والعمل الإنساني بشكل عام، في مسار توثقه الحقائق على أرض الواقع وتؤكده لغة الأرقام.
أحدث تلك الأرقام صدرت مؤخراً من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، وكشفت عن تصدر الإمارات قائمة الدول الأكثر دعماً لسكان غزة منذ بداية الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2024، بقيمة بلغت 828 مليون دولار، وبنسبة 42% من مجمل المساعدات المقدمة للقطاع.