"التاريخ ووحدة القدر".. رهان أردوغان للمصالحة مع مصر
يواصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان محاولاته خطب ود مصر لاستعادة العلاقات، مستخدما كلمات متكررة عن "الجذور التاريخية ووحدة القدر".
ورغم الخطوات التي بدأها الطرفان مؤخرا "لاستكشاف العلاقات"، إلا أن القاهرة دائما ما تردد أن "الأقوال وحدها لا تكفي"، لاستعادة كامل الروابط بين البلدين.
وفي أحدث محاولات مغازلة مصر، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الثلاثاء، إن مصر ليست دولة عادية، ولدى أنقرة فرص للتعاون الجاد مع القاهرة في منطقة واسعة من شرق البحر الأبيض المتوسط إلى ليبيا.
وأضاف، في مقابلة تلفزيونية، إنه لا يمكن المقارنة بين العلاقات التركية المصرية والعلاقات المصرية اليونانية، فالعلاقة بين الشعبين التركي والمصري لا يمكن مقارنتها.
وتابع، أعرف الشعب المصري جيداً وأُكِن له المحبة، فالجانب الثقافي لروابطنا قوي جداً، لذلك نحن مصممون على بدء هذا المسار من جديد"، لافتا إلى أن هناك وحدة في القدر بين الشعبين المصري والتركي.
حديث أردوغان عن التاريخ المشترك ووحدة القدر ليس بجديد، ففي مايو/أيار الماضي، استخدم نفس الكلمات، حيث أكد أن بلاده تسعى لاستعادة الوحدة ذات الجذور التاريخية مع شعب مصر، قائلا: "موقفنا تجاه الشعب المصري إيجابي جدا، ونسعى لاستعادة الوحدة ذات الجذور التاريخية مع شعب مصر".
وكرره أيضا في مارس/آذار الماضي، حينما شدد على أن "الصداقة بين الشعبين المصري والتركي، أكبر من العلاقات بين الشعبين المصري واليوناني".
وتعقيبا على المساعي التركية، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري في وقت سابق، أن الاتصالات بين القاهرة وأنقرة استؤنفت، ولكن "الأقوال وحدها لا تكفي" لاستعادة كامل الروابط بين البلدين.
وقال الوزير الذي أوردت كلامه صحيفة "أخبار اليوم" الرسمية: "لو وجدنا أن هناك تغيراً في السياسة والمنهج والأهداف التركية لتتوافق مع السياسات المصرية ومع ما يعيد العلاقات الطبيعية لمصلحة المنطقة، من الممكن أن تكون هذه أرضية لاستعادة الأوضاع الطبيعية".
ورغم عقد جولة مفاوضات بين مصر وتركيا في القاهرة مايو/ آيار الماضي، قال عنها وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إنها تمت في "أجواء إيجابية"، ووصفتها الخارجية المصرية بـ"الاستكشافية"، إلا أن الأمور بين البلدين ظلت كما هي دون تغيير يذكر.
ويرى مراقبون أن استخدام أردوغان المتكرر في خطاباته عن مصر كلمات عن "التاريخ المشترك ووحدة القدر"، محاولة فاشلة لاستعادة العلاقات، خاصة أن القاهرة ترغب في رؤية أفعال على أرض الواقع، وتخلي أنقرة عن سياساتها العدائية التي أوصلت العلاقات بين البلدين لمفترق طرق.
وتقوم أنقرة منذ بضعة أشهر بحملة لاستئناف التواصل مع القاهرة، حيث طلبت في إطار مساعيها لتحسين العلاقات مع القاهرة، من وسائل الإعلام المصرية المعارضة العاملة ضمن أراضيها تخفيف حدة الانتقادات.
وأعلن اثنان من مقدمي البرامج المصريين المعروفين بانتقاداتهما الحادة للقاهرة وقف برنامجيهما بعد ذلك.
وأصبحت إسطنبول في السنوات الأخيرة "عاصمة" وسائل الإعلام العربية المنتقدة لحكوماتها، خصوصا تلك التي شهدت ثورات "الربيع العربي" مثل مصر وسوريا واليمن وليبيا.
وتشكّل العاصمة التركية موطنا لمكاتب ثلاث محطات تلفزيونية مصرية هي "الشرق" و"وطن" و"مكملين"، وهي محطات تابعة لجماعة الإخوان ومدعومة من أنقرة.
كما أن عددا من المعارضين المصريين المؤيدين للإخوان وجدوا ملاذا في تركيا، حيث انتقدوا علنا السلطة القائمة في القاهرة.
وكانت العلاقات بين البلدين تدهورت بشكل حاد في 2013 بعد عزل محمد مرسي من الرئاسة، وهو الذي كان ينتمي إلى جماعة الإخوان ويلقى دعم تركيا.
واختلفت القوتان الإقليميتان في السنوات الأخيرة حول العديد من القضايا لا سيما في ليبيا حيث دعمت أنقرة حكومة الوفاق السابقة بالأسلحة والمرتزقة، ما دفع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي للخروج موجها رسالة تحذيرية شديدة اللهجة ووضع "خطوطا حمراء" في سرت والجفرة لحماية أمن بلاده القومي، وهو ما دعمه الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر.
مراقبون يرون أن محاولة تركيا التقرب من مصر وطي صفحة القطيعة يأتي في ظل مساعي أنقرة إلى الخروج من عزلتها الدبلوماسية في شرق المتوسط، حيث أدى اكتشاف احتياطات كبيرة من الغاز الطبيعي في السنوات الأخيرة إلى تقاسم بين الدول الواقعة على البحر شعرت تركيا بأنها استبعدت منه.
aXA6IDE4LjIxNi41My43IA== جزيرة ام اند امز