حماس وحزب الله بين جزر الإخوان ومد الصواريخ.. "العين الإخبارية" تتعقب "علاقة الدم"
محطات عدة تراوحت بين المد والجزر، مرت بها حركة حماس وحزب الله؛ فتارة تشهد تقاربًا وأخرى فتورًا، متأرجحة ببندول الأوضاع الإقليمية.
تلك المحطات كانت تطورات الأوضاع في الشرق الأوسط الميزان الحساس لضبطها؛ والمتحكم الأول في الشكل الذي تبدو عليه، حسب المتغيرات الآنية.
ففيما شاب علاقات الكيانين فتور دام عدة سنوات، عقب أحداث ما يعرف بـ"الربيع العربي" في عام 2011، يبدو أن هناك حالة من الانسجام والوئام، شقت طريقها إلى حماس وحزب الله.
فما أبرز محطات حماس وحزب الله؟
آخر تلك المحطات، كان استقبال الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله، يوم الأحد، رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، ونائبه صالح العاروري والوفد القيادي للحركة، خلال زيارة يجريها هنية إلى لبنان، والتي كادت أن تشعل حربا جديدة في المنطقة.
فعقب وصول "هنية" إلى العاصمة اللبنانية بساعات، أعلن الجيش الإسرائيلي في 6 أبريل/نيسان الجاري، أنّ ما لا يقلّ عن 34 صاروخاً أطلقت من لبنان باتجاه الدولة العبرية، 25 منها اعترضتها دفاعاته الجوية و5 على الأقلّ سقطت في الأراضي الإسرائيلية، فيما ردت تل أبيب بقصف مدفعي لمنطقة القليلة بالجنوب اللبناني.
الزيارة التي في ظاهرها، "بحث جهوزية محور المقاومة، وتعاون أطرافه في مواجهة كل هذه الأحداث والتطورات"، اعتبرتها وسائل إعلام محلية لبنانية تأكيدًا من "حزب الله" على تبني الأمين العام للحزب، الصواريخ التي أطلقت من الجنوب، ودلالة واضحة على "احتضان" حماس ونشاطها من خلال لبنان، وكذلك تأمين الغطاء السياسي والأمني لمنع أي ملاحقة قضائية أو جنائية لحماس وعناصرها في لبنان، مع ارتفاع الأصوات المعارضة للقاء وتوابعه.
زيارة هنية وقادة حماس إلى لبنان لم تكن الأولى من نوعها، بل سبقها 3 لقاءات وزيارات كثيفة بين التنظيمين خلال العامين الماضيين.
وحدة الساحات
في 27 يونيو/حزيران 2022، أجرى رئيس المكتب السياسي لحركة حماس زيارة إلى بيروت، أعلن خلالها استراتيجية "وحدة الساحات"، بين الفصائل العسكرية المدعومة من إيران، وهى التصريحات التي لاقت استنكارا شعبيا، ورفضا لـ"تحويل لبنان إلى ساحة صراع ومنصة صواريخ لأحد"، وأن "يبقى اللبنانيون ضحية لحسابات محور الممانعة، وحروب بالوكالة على أرضهم".
سبق تلك الزيارة، أخرى أجريت في 27 يونيو/حزيران 2021، إلى مقر حزب الله، وتضمنت لقاء رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، ورئيس حكومة تصريف الأعمال السابق حسان دياب، فيما رفض قادة بحركة فتح وممثلو فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، لقاء هنية.
وفي مطلع سبتمبر/أيلول 2020، زار هنية لبنان، لأول مرة منذ 30 عاما حين كان مبعدا مع المئات من قادة وكوادر حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" إلى "مرج الزهور" في البقاع في العام 1993.
وكان يحيى السنوار رئيس حركة حماس -آنذاك- وصف في تصريحات لقناة "الميادين" اللبنانية المقربة من حزب الله، بثت في 21 مايو/أيار 2018، العلاقات مع الإيران بـ"القوية والدافئة"، ومع حزب الله بـ"الممتازة للغاية، والمتطورة بشكل رائع".
لم تقتصر زيارات وفد حماس إلى لبنان على هنية؛ بل إن أمين عام حزب الله، استقبل في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2017، نائب رئيس المكتب السياسي في حماس، صالح العاروري، في بيروت.
فتور العلاقات
ورغم هذا الزخم في العلاقات بين حركة حماس وحزب الله برعاية ودعم إيراني، فقد شاب تاريخ العلاقات بين الجانبين، فتور دام عدة سنوات، عقب أحداث ما يعرف بـ"الربيع العربي" في عام 2011، بعد أن وجهت الحركة انتقادات علنية للقيادة السورية على خلفية تعامل الأخيرة مع المعارضة في البلاد، تفاقمت بنقل مكتب الحركة السياسي من دمشق إلى غزة.
وتبادل الطرفان -آنذاك- انتقادات في العلن؛ فأعضاء بالمجلس التشريعي الفلسطيني ينتمون لحماس، أكدوا أنه ليس للدعم العسكري الذي يقدمه حزب الله إلى الرئيس السوري أي علاقة بالمقاومة، وأن الحزب سيخسر مصداقيته في العالم العربي.
فيما اتهم حزب الله في المقابل الحركة الفلسطينية، بخيانة قضية المقاومة ضد إسرائيل، والتقرب كثيرا من الإخوان في مصر، بعد وصول الجماعة للحكم وتوطيد حماس لعلاقتها مع القاهرة.
لكن بحلول النصف الأول من العام 2017 عادت العلاقات بشكل تدريجي، عقب التغييرات التي شهدتها القيادة السياسية لـ"حماس"، بانتخاب يحيى السنوار مؤسس الجناح العسكري للحركة، في فبراير/شباط 2017، رئيسا للحركة السياسية في غزة، ثم بانتخاب إسماعيل هنية رئيساً جديداً للمكتب السياسي في مايو/أيار 2017، بعد استبعاد القيادي خالد مشعل.
ووفقا لمراقبين، فقد ساهمت هذه التغييرات في إعادة إحياء وتجديد روابط الحركة مع إيران، ما انعكس أثره على علاقاتها مع حزب الله، بتجدّد الاجتماعات بين مسؤولين من التنظيمَين.
وقال المراقبون إن قرار حماس بتوسيع حضورها في لبنان يخدم الهدف الذي أطلقته قيادات عدة في محور الممانعة وهو "توحيد الجبهات والساحات"، ليكون لبنان إلى جانب غزة والضفة الغربية.
ماذا تعني تلك العلاقات؟
الكاتب السياسي اللبناني، صهيب جوهر، قال إن وصول هنية إلى بيروت، ولقاءه الأمين العام لحزب الله، في هذا التوقيت الدقيق، وعلى وقع تقاربات وتقاطعات ومصالحات، يأتيان في إطار تفعيل غرفة العمليات المشتركة بين "الحرس الثوري الإيراني وحزب الله وحماس وحركة الجهاد".
وقال جوهر، إن أهداف الزيارة، تتضمن: "التحضير لزيارة هنية ووفد حماس للرئيس السوري بشار الأسد والتي من المفترض أن تكون عقب عيد الفطر".
من جانبه، قال مدير المنتدى الإقليمي للاستشارات والدراسات العميد الركن اللبناني خالد حمادة، في حديث لـ"العين الإخبارية" إن "التعاون تاريخيا بين التنظيمين الفلسطيني واللبناني يمر عبر توزيع المهام والأدوار الذي تفرضه طهران"، مشيرًا إلى أن "ما يجمعهما هو التبعية المطلقة للأخيرة سواء على صعيد التمويل، أو الإدارة والقيادة".
دور داخلي
وأوضح العميد حمادة، أن ما جرى في جنوب لبنان يعد تأييدًا وتأكيدًا للتنسيق والانسجام بين المكونين، مشيرًا إلى أنه رغم محاولات حزب الله النأي بنفسه عن العملية، يتدخل في بعض الأحيان في مهام الجيش اللبناني، ويعيق مهام قوات الأمم المتحدة بجنوب لبنان.
والخميس، أطلق 34 صاروخاً على الأقل من جنوب لبنان باتجاه إسرائيل، التي أسقطت غالبيتها، واتهمت فصائل فلسطينية بالوقوف خلفها مرجحة أن تكون حركة حماس أو الجهاد الإسلامي، واستبعدت في الوقت ذاته أي دور لحزب الله.
وأوضح الخبير اللبناني، أن إيران تريد الدخول إلى الساحة اللبنانية عبر حركة حماس وحزب الله، حتى يأخذ هذا المكون الفلسطيني دوره في الجنوب اللبناني، ويتفرغ لمناوشة إسرائيل نيابة عن طهران.
وأشار إلى أن "طهران ستحتفظ بحركة حماس كذراع فلسطينية تقاتل إسرائيل، وهو ما لا تريده تل أبيب التي تسعى حكوماتها دائما إلى الحفاظ على الاستنفار الدائم لشد العصب الإسرائيلي".
ورأى مدير المنتدى الإقليمي للاستشارات والدراسات، أن "حزب الله ربما سيتفرغ لدور داخلي سياسي في لبنان مع الاحتفاظ بسلاحه".
الخبير اللبناني، قال إن "حزب الله وحركة حماس متفقان على مصادرة القرار الفلسطيني، وإنهاء أي دور لما كان يسمى بحركة التحرير الفلسطينية، أو ما تبقى من فصائل تتبع السلطة الفلسطينية في مواجهة إسرائيل".
aXA6IDE4LjIxNi40Mi4xMjIg جزيرة ام اند امز