الإمارات في مجلس الأمن.. دعم لا يتوقف لفلسطين والأقصى
تحرك إماراتي جديد في مجلس الأمن الدولي، لكنه ليس الأول من نوعه دعما للقضية الفلسطينية ورفضا لاقتحام الشرطة الإسرائيلية المسجد الأقصى.
جهود إماراتية متواصلة على مختلف الأصعدة السياسية والإنسانية والدبلوماسية لدعم القضية الفلسطينية، حيث شهدت تحركا نشطا على وجه خاص بمجلس الأمن الدولي.
ودعت دولة الإمارات العربية المتحدة بالشراكة مع الصين، الأربعاء، إلى عقد اجتماع مغلق في مجلس الأمن الدولي لمناقشة التطورات الأخيرة المقلقة في الأراضي الفلسطينية، وتحديداً اقتحام المسجد الأقصى المبارك.
إدانة شديدة اللهجة
تحرك جاء عقب إصدار بيان شديد اللهجة، أدانت فيه دولة الإمارات العربية المتحدة بشدة اقتحام قوات الشرطة الإسرائيلية المسجد الأقصى المبارك والاعتداء على المصلين واعتقال عدد منهم.
وزارة الخارجية والتعاون الدولي الإماراتية، جددت في بيان لها التأكيد على موقف الدولة الثابت بضرورة توفير الحماية الكاملة للمسجد الأقصى، ووقف الانتهاكات الخطيرة والاستفزازية فيه، كما أكدت عدم تحصن المصلين بالمسجد أو العبث بالأسلحة والمفرقعات داخل دور العبادة.
وشددت الوزارة على أهمية احترام دور المملكة الأردنية الهاشمية في رعاية المقدسات والأوقاف بموجب القانون الدولي والوضع التاريخي القائم، وعدم المساس بسلطة صلاحيات إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى.
ودعت الإمارات السلطات الإسرائيلية إلى وقف التصعيد وعدم اتخاذ خطوات تفاقم التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة، مؤكدة رفض دولة الإمارات العربية المتحدة لكافة الممارسات المخالفة لقرارات الشرعية الدولية والتي تهدد بالمزيد من التصعيد.
الخارجية الإماراتية تمسكت أيضا بأهمية دعم كافة الجهود الإقليمية والدولية المبذولة لدفع عملية السلام في الشرق الأوسط قدماً، وكذلك وضع حد للممارسات غير الشرعية التي تهدد الوصول إلى حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وكانت الشرطة الإسرائيلية اقتحمت المسجد الأقصى، فجر الأربعاء، واعتدت على المصلين بالضرب، الأمر الذي أدى إلى جرح العشرات واعتقال 440 على الأقل، وذلك لإفساح المجال أمام اقتحامات المستوطنين تزامنا مع عيد الفصح اليهودي الذي يبدأ مساء الأربعاء ويستمر لمدة أسبوع.
حراك متواصل
التحرك الإماراتي لدعم القضية الفلسطينية داخل مجلس الأمن الدولي يعد الثاني من نوعه خلال شهر واحد، والخامس خلال العام الجاري.
تحركات متتالية توجه من خلالها دولة الإمارات العربية المتحدة رسالة مهمة تؤكد أن دعمها الأبدي للقضية الفلسطينية، وتوقيعها اتفاق سلام مع إسرائيل في 15 سبتمبر/أيلول 2020 لم ولن يكون على حساب القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وإنما توظفها دولة الإمارات العربية المتحدة دائما لدعم حقوقه.
ففي الوقت الذي كانت تمضي فيه دولة الإمارات العربية المتحدة قدما لتعزيز العلاقات مع إسرائيل لصالح تنمية وازدهار البلدين والمنطقة، تحركت في مجلس الأمن الدولي باعتبارها عضوا غير دائم به وتمكنت أكثر من مرة من الانتصار للقضية الفلسطينية.
ولعل أبرز تلك الانتصارات ما حدث في 21 فبراير/شباط الماضي عندما تمكنت من اقتناص نصر حيوي للقضية الفلسطينية من داخل مجلس الأمن الدولي باعتماده بياناً رئاسياً يعارض الإجراءات أحادية الجانب التي تعرقل عملية السلام في الأراضي الفلسطينية، ويؤكد التزامه بحل الدولتين.
كانت دولة الإمارات العربية المتحدة، بصفتها عضواً منتخباً في مجلس الأمن، قد يسّرت هذا القرار المهم بدعم من جميع أعضاء المجلس.
جهود وتصريحات إماراتية واضحة تكللت بإصدار أول قرار من مجلس الأمن الدولي بشأن ملف الاستيطان منذ أكثر من ست سنوات، ودعوة إماراتية قوية تؤكد أهمية التزام المجتمع الدولي برؤية فلسطين مستقلة تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل في سلام، ورفض أي إجراءات إسرائيلية تعوق حل الدولتين.
قبل أن تعود الإمارات مجددا في المجلس ذاته يوم 22 مارس/آذار الماضي وتوجه رسائل قوية لدعم القضية الفلسطينية وضعت من خلالها خارطة طريق لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على المدى القصير والطويل، من خلال رؤية واضحة شاملة تحمل كل طرف مسؤولية سياساته وأفعاله بشفافية مطلقة، وتدعو إلى خلق بيئة تتيح إعادة إطلاق عملية سلام جدية وذات مصداقية.
وسبق أن أدانت دولة الإمارات العربية المتحدة من داخل مجلس الأمن الدولي في 5 يناير/كانون الثاني الماضي بشدة اقتحام وزيرٍ إسرائيلي باحة المسجد الأقصى المبارك بحماية من القوات الإسرائيلية، باعتبار أن مثل هذه التصرفات الاستفزازية تدل على عدم الالتزام بالوضع التاريخي والقانوني القائم في الأماكن المقدسة في القدس، فضلاً عن كونها تزعزع استقرار الوضع الهش في الأراضي الفلسطينية.
حينها حذرت من أنها إجراءات تمثل تطوراً خطيراً يُبعد المنطقة عن طريق السلام وتؤدي إلى تعميق الاتجاهات السلبية للصراع، وتهدد بتصاعد الاحتقان والمواجهة، وتغذي التطرف والكراهية في المنطقة.
ليس هذا فحسب؛ بل إن الإمارات أكدت الموقف الثابت بضرورة توفير الحماية الكاملة للمسجد الأقصى، ووقف أي انتهاكات من شأنها المساس بمشاعر ملايين المؤمنين في مختلف أنحاء العالم، نظراً لما يحظى به المسجد الأقصى من مكانة مقدسة.
وشددت على أهمية إعادة تفعيل الجهود الإقليمية والدولية للدفع قدماً بعملية السلام في الشرق الأوسط، لضمان تحقيق حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، لتعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل، في سلامٍ وأمن واعترافٍ متبادل.
وفي 20 يناير/كانون الثاني الماضي أيضا، أصدرت الإمارات بيانا من داخل مجلس الأمن الدولي أدانت فيه أي انتهاكات أو اجراءات استفزازية لتغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم في مدينة القدس، وكذلك الاقتحامات المتكررة لباحة المسجد الأقصى المبارك.
مواقف تنبع أهميتها ليس من قوتها فحسب، بل من كونها صادرة من دولة عربية بينها وبين إسرائيل معاهدة سلام، وتواصل سعيها لتعزيز العلاقات معها تحت مظلة السلام والازدهار، لذا فإن أي موقف يصدر منها سيتعامل معه العالم أجمع بثقة واحترام، وسيكون له تأثيره القوي.
دعم إنساني متواصل
مواقف سياسية متتالية تخللها موقف إنساني مهم، عبر توجيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، في 16 مارس/آذار الماضي بتقديم 3 ملايين دولار لدعم إعادة إعمار بلدة حوارة الفلسطينية.
تأتي هذه المبادرة بعد نحو 3 شهور من تسلم قطاع غزة أكبر قافلة مساعدات طبية، تضم أدوية ومستلزمات طبية ضرورية، بتبرع سخي من دولة الإمارات العربية المتحدة.
ووصلت القافلة، التي تضم أكثر من 85 طنا من الأدوية والمستلزمات الطبية بتكلفة 10 ملايين دولار عبر شاحنات ضخمة، من خلال معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر.
وجاء إرسال القافلة الطبية لغزة بعد نحو شهر من قيام دولة الإمارات العربية المتحدة بتوقيع اتفاقية تعاون مع منظمة الصحة العالمية، لدعم مستشفى المقاصد الذي يعد أكبر مستشفى أهلي خيري تعليمي في القدس الشرقية بـ25 مليون دولار، تنفيذاً لتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
مواقف تأتي جميعها ضمن جهود دولة الإمارات العربية المتحدة المستمرة لدعم قدرات المؤسسات الصحية الفلسطينية وتلبية متطلبات الشعب الفلسطيني في المجالات الإنسانية والمعيشية والصحية والاجتماعية والتعليمية وغيرها.
وخلال الفترة من 2010 حتى مطلع عام 2021، بلغ إجمالي المساعدات الإماراتية لفلسطين، 1.14 مليار دولار أمريكي، منها 254 مليون دولار لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى "الأونروا"، حسب وكالة الأنباء الإماراتية "وام".
وتعد دولة الإمارات من أكبر الجهات المانحة للأونروا لتمويل مختلف القطاعات في الأراضي الفلسطينية، لتؤكد مواقف إنسانية ودبلوماسية وسياسية متتالية.
أيضا تؤكد دولة الإمارات من خلال تلك المواقف أن السلام الشامل والدائم والعادل هو السبيل الوحيد لحل أزمات المنطقة، وأنه لن يستطيع أي من الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني حسم الصراع لصالحه مهما طال الوقت، وسيكون الخاسر دائما هم الأبرياء من النساء والأطفال والمدنيين الذين لا ذنب لهم.
كما تأتي تلك المواقف ترجمة لرؤية دولة الإمارات ورسالتها التي عبرت عنها عمليا منذ توقيع اتفاقية السلام التاريخية وتحملت في سبيل إيمانها برؤيتها الكثير من حملات الإساءات والافتراءات، وهي أن نشر السلام ودعم القضية الفلسطينية مساران يتكاملان ولا يتقاطعان.
ومنذ خطوتها الشجاعة والجريئة بشأن توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل قبل أكثر من عامين، تؤكد دولة الإمارات العربية المتحدة مرارا وتكرارا أن تلك المعاهدة لن تكون على حساب القضية الفلسطينية، وإنما تدعمها لتحقيق أمنيات الشعب الفلسطيني والعالم العربي والإسلامي في إقامة دولة فلسطينية، انطلاقا من رؤيتها حول إمكانية نجاح لغة الحوار والتفاوض في تحقيق ما لم تحققه عقود الجفاء والمقاطعة.
aXA6IDE4LjIyMi4yMC4yNTAg جزيرة ام اند امز