سياسة
أول لقاء بين الأزهر والفاتيكان بعد 7 سنوات من القطيعة
في لقاء هو الأول منذ سبع سنوات يجلس علماء الازهر الشريف والفاتيكان على طاولة حوار واحدة، لبحث مواجهة التطرف والعنف
في لقاء هو الأول منذ 7 سنوات يجلس علماء الأزهر الشريف والمجلس الباباوي على طاولة حوار واحدة، فقد أطلقت اليوم الأربعاء، اللجنة المشتركة بمركز الحوار بين الأديان ندوة بعنوان "دور الأزهر والفاتيكان في مواجهة ظواهر التعصب والتطرف والعنف"، على أن تصدر بيانها الختامي غدا، الخميس.ويشارك بالندوة التي تقام بمقر مشيخة الأزهر بالقاهرة، الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، الدكتور حمدي زقزوق، رئيس مركز الحوار بالأزهر، والدكتور محيي الدين عفيفي أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، والدكتور إبراهيم الهدهد رئيس جامعة الأزهر وعدد من خبراء مرصد الأزهر العالمي لمكافحة التطرف، والمجلس البابوي بالفاتيكان، الكاردينال جون لويس توران، رئيس المجلس البابوي لحوار الأديان، الدكتور روترد ويلانديت، مستشار مؤسسة "CRRM"، ومارتينو دييز مدير بمؤسسة OASIS لتطوير معايير المعلومات المنظمة، فضلا عن نخبة من الخبراء والمفكرين.
وأكد وكيل الأزهر الشريف الدكتور عباس شومان، أن جوهر رسالة الإسلام تحمل الخير والسلام للإنسانية جمعاء، وأن الأزهر الشريف يمثل القلعة العلمية العالمية للوسطية والاعتدال، ويبذل جهودًا حثيثة لينعم العالم بالأمن والسلام والعيش المشترك، لا سيما في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ البشرية".
وذكّر وكيل الأزهر الحضور ببعض الثوابت التي تمثل مرجعية للأزهر الشريف والتي تتمثل في أن الإسلام دين يحترم كل الديانات والرسالات، ويقدر ثقافة الشعوب والأمم المختلفة، بل إن إسلام المرء لا يصح إلا إذا آمن بالرسالات السماوية جميعًا.
وأضاف: ثاني هذه الثوابت أن اختلاف الدين لا يعطي الحق في ظلم الآخر أو التضييقَ عليه أو تحقيرَه أو التقليلَ من شأنه، والمسلم وغير المسلم في ذلك سواء، ولقد أرسى الإسلام علاقة خاصة بين المسلمين والمسيحيين بشكل خاص، وثالث الثوابت حرص الأزهر على التواصل مع غير المسلمين داخل مصر وخارجها، وتبادل الرؤى والأفكار معهم بما يحقق الأمن والسلام للبشرية كافة".
وتابع قائلا "لعل خير شاهد على ذلك تلك التجربة المصرية الفريدة المتمثلة في (بيت العائلة) التي أصبحت نموذجًا يحتذى في العالم أجمع لما حققته من إنجازات ونجاحات، وكذلك مركز حوار الأديان الذي تنتظم هذه الندوة الفكرية الراقية تحت مظلته، إضافة إلى جولات الإمام الأكبر شيخ الأزهر العالمية، ومنها زيارته التاريخية للفاتيكان ولقائه البابا فرانسيس".
وعن الثابت الرابع، قال شومان إنه يتمثل في رفض الأزهر لأي أقوال أو أفعال تصدر عن بعض الجهلاء أو أصحاب المصالح وتؤدي إلى تأجيج الفتن العرقية أوالطائفية أو المذهبية، بين أبناء الوطن الواحد، مؤكدا أن التعددية واختلاف الناس لغةً وفكرًا وثقافةً وعقيدةً، طبيعةٌ إنسانية ومبدأٌ مقرر في شريعة الإسلام.
وأشار وكيل الأزهر إلى أن هناك عوامل كثيرة لانتشار العنف والتطرف، فكرية وتعليمية واقتصادية واجتماعية وسياسية، أسهمت في خلق بيئة خصبة لجماعات التطرف والإرهاب التي يعاني العالم شرورها اليوم، يتقدمها الفهم السقيم لنصوص الأديان والرسالات، ثم تُرتكب كثير من جرائم العنف والتطرف باسم الأديان، وهو ما استغلته بعض الأبواق الإعلامية أسوأ استغلال، وشوَّه به بعض المنتفعين مسلمين وغير مسلمين صورة الإسلام على وجه التحديد، فقدموه للعالم بحسبانه دينا همجيًّا متعطشًا لسفك الدماء وقتل الأبرياء، متناسين ما يُرتكب من جرائم كراهية وعنصرية ضد المسلمين لمجرد الاسم أو المظهر، في حين أنَّهم أولى بتسليط الضوء عليهم على أنهم ضحايا.
وأوضح شومان أن العالم اليوم أمام تحدياتٍ جِسام توجب على الجميع أن يُعلوا من ثقافة الحوار البنَّاء من أجل حماية الشباب وإبعاده عن الانضمام لتلك الحركات، وقال: إننا إذا أردنا سلامًا وأمنًا حقيقيين يسودان العالم، فعلى الذين يملكون القوة أن يمتلكوا الإرادة لإنقاذ العالم من الدمار والخراب والفقر والجهل والمرض، وأن يتحملوا مسؤولياتهم تجاه كل ذلك، وأن يتوقفوا عن فرض الوصاية على غيرهم بالقوة، وأن تتوقف كذلك سياسة الكيل بمكيالين.
كما أكد شومان أن الأزهر الشريف وشيخه فضيلة الإمام الأكبر الذي يجوب الدنيا شرقًا وغربًا، لا يألو جُهدًا من أجل إقناع السياسيين وصنّاع القرار العالمي بتبني ثقافة الحوار الجاد لنزع فتيل الأزمات وحل المشكلات العالقة والناشئة، بديلًا عن استخدام القوة المسلحة التي تؤجج الصراعات وتوسع ثقافة الكراهية وتغذي روح الانتقام، كما أنه يرحب دائمًا بالتعاون المثمر والتواصل البنَّاء مع أحرار العالم أفرادًا ومؤسسات في الشرق والغرب، وفي مقدمتها الفاتيكان، من أجل إرساء هذا المبدأ العظيم.
وقال "إننا في حاجة ملحّة إلى العمل الجاد لتصحيح صورة الأديان لدى الشباب، وتعزيز العلاقات فيما بيننا، ويمكننا أن ندعم هذا التوجه من خلال المؤسسات العلمية، ووسائل التواصل الاجتماعي، والتأليف المشترك باللغات المختلفة، بما يجيب عن تساؤلات الشباب، ويقترب من أفكارهم، ويعالج القضايا الجدلية المثارة بين أتباع الأديان، ويزيل اللبس والإبهام الذي يجول في خواطرهم من أثر الشبهات، من أجل بناء جسور متينة من التواصل والتفاهم المشترك دون أن يعني ذلك محاولة فرض فكر بعينه أو عقيدة بعينها، فمن شاء بعدُ فليؤمن ومن شاء فليكفر".
واستشهد توران في كلمته بقول الإمام علي بن أبي طالب (الناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق)، مؤكدًا أن الفطرة السليمة هي التقارب بين البشر، وأشار إلى أن شيخ الأزهر السابق محمد سيد طنطاوي، الذى كان له طبيعة طيبة، قائلا (قال لي إن كل المصريين أبناؤه).
وأضاف توران "نتناول اليوم من خلال العروض العلمية والمناقشات التي نتبعها مسألة ذات أهمية في الوقت الحاضر، وهى الغلو والتطرف والإرهاب، ما يمثل اعترافًا في عالمنا بدور الأزهر والفاتيكان".
وتابع قائلا "هناك متعصبون ومتطرفون بسبب فهم مغلوط للدين، قلوبهم مليئة بالكراهية تجاه هؤلاء الذين لا يشاركونهم رؤية الدين والمجتمع لأنهم يعتقدون أنهم وحدهم على صواب، ومن ثم على الآخرين اتباع آرائهم أو الخضوع لهم".
واعتبر أن التعصب والتطرف يؤديان للعنف المُبرر من وجهة نظر منفذيه باسم الدين، وقال "لذا على القادة الدينين والعلماء أن يوضحوا ذلك ويعلنوا رفضهم للعنف المُرتكب باسم الدين".
وأضاف "علينا كقادة دينيين وعلماء أن نكون ذوي مصداقية، شجعان وقادرين على النقد الذاتي والدفاع عن كرامة كل إنسان، ونعمل بكل طريقة من أجل غلبة القانون والمفاوضات والتسويات العادلة على العنف".
يذكر أن الأزهر الشريف جمّد علاقاته مع الفاتيكان منذ 7 سنوات بسبب تصريحات للبابا السابق بنديكت السادس عشر اعتبرت مسيئة للإسلام.
aXA6IDMuMTQ5LjI0LjE5MiA= جزيرة ام اند امز