إن حالة الارتباك داخل إيران، لا سيما فيما يتعلق بحرسها الثوري، وهو المنتج الرئيسي لثورة الخميني في سبعينيات القرن الماضي، تعكس الكثير عن مستقبل هذا البلد ككل.
بلد غارق في مستنقع انتظار الرد الإسرائيلي المخيف، وتهاوي مليشيات استثمرت بها طهران الغالي والنفيس لتكون قواعد عسكرية متقدمة لحماية النظام.
أولاً: مصير إسماعيل قاآني زعيم ما يسمى مليشيات فيلق القدس، وظهوره المريب برفقة مراقبين أكثر من كونهم حماية له أو مرافقين، يزيد شكوك تورطه أو مدير مكتبه بالعمالة لإسرائيل بحسب مستشارين إيرانيين كبار عملوا في إداراتي الرئيسين الإيرانيين السابقين محمود أحمدي نجاد وحسن روحاني.
ثانياً: خبر نية المرشد الإيراني علي خامنئي تسليم إسماعيل قاآني وساماً رفيعاً، للتغطية على الأخبار المتداولة حول مصير مثير لهذا الرجل، يبدو خبراً مضحكاً في ظل تكذيبه وانعدام حصوله، ولعل الصحفي المعروف نديم قطيش عبر عن ذلك بالقول في منشور له باللهجة العامية: "وسام قاآني تأخر شوي!؟ حدا يفيدنا".
ثالثاً: أما رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف الذي استفز عموم اللبنانيين مرة أخرى حين قال: خامنئي هو الركيزة الأساسية للشعب اللبناني، فإنه بدون شك يشير إلى تدمير الاقتصاد اللبناني وإغراق البلاد في الفوضى واعتماد لبنان على إيران كان نجاحًا باهراً بالفعل، إذا ما قيس بأن الهدف كان تحقيق الخراب الكامل، وهو أمر دعا رئيس حكومة لبنان نجيب ميقاتي للطلب من وزير خارجيته استدعاء القائم بأعمال إيران في بيروت للاحتجاج على تصريحات سابقة لقاليباف نفسه في فرنسا حول سيادة لبنان، ومؤشر جديد على التعاطي الرسمي اللبناني مع إيران في مرحلة ما بعد مقتل حسن نصر الله.
رابعاً: كما أن لجوء إيران ومليشياتها إلى محاولتي قتل بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي ودونالد ترامب الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الرئاسي الجمهوري الحالي أمر يعتبر ضرباً من الجنون بحسب مراقبين، وبالتالي هدية لنتنياهو على وجه الخصوص، إذ ستطلق هذه الحادثة يده في الوصول إلى مستويات ما كان يُظن أن الوصول إليها بهذه السهولة، وإن كانت غاية إيران إشغال إسرائيل بتدمير لبنان حتى تتأخر في ردها على طهران.
خامساً: وكذلك يحيى السنوار القتيل والمراهن على إيران ومحورها فيما سبق، قدم الـ7 من أكتوبر عام 2023 هدية للإسرائيلي، فُدمرت غزة بحثاً عنه، ويدمر لبنان الآن، وانتهى الأمر بالسنوار جثة عند الإسرائيلي وبحسن نصر الله أشلاء لا يعرف موعد دفنها حتى اللحظة، ويأتيك من يقول كخالد مشعل طبعاً: انتصرنا وخسائرنا تكتيكية.
سادساً: وأما حديث نعيم قاسم - الأمين العام بالوكالة الآن لحزب الله والهارب إلى طهران بحسب أخبار موثقة - عن وقف إطلاق النار والقبول بعودة المستوطنين إلى بيوتهم في الشمال، هو حديث يعتبر بمثابة الخيانة الكبرى لمشروع حسن نصر الله القتيل نفسه، والمتمحور حول المعركة الكبرى التي ستنهي إسرائيل على حد زعمه، وسؤال المراقب الساخر من عبثية إيران ومليشياتها يتركز حول الآتي: لماذا هذا التقاعس؟ لماذا هذا الجبن؟ لماذا لا يدخل حزب الله إلى الجليل ويكمل نحو القدس كما كانوا يزعمون من قبل؟
سابعاً وأخيراً: تكريم إسماعيل قاآني إن حصل، فهو مقدمة لإزاحته وإعادة هيكلة فيلق القدس تحت قيادة جديدة بعد فضائح الاختراقات الرهيبة، وللأمانة الإعلامية فقط، كانت قناة سكاي نيوز عربية المحطة الأولى التي طرحت موضوع التكريم، وقالت وقتها: "إن قاآني يتم التحقيق معه بسبب الاختراقات في فريقه، لا سيما مدير مكتبه، والتحقيق معه كان بسبب فشله لا بسبب تآمره المباشر"، وكلا الأمرين سواء، فالحرس الثوري يعيش أسوأ أيامه منذ تأسيسه الذي استنزف خزينة الدولة الإيرانية على مدى عقود.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة