فرقاء ليبيا بجنيف.. هل تقبل المليشيات بالتفكيك وتركيا بالطرد؟
توقعات بصعوبة نجاح مباحثات (5 + 5) حول ليبيا، والتي انطلقت الإثنين في جنيف، خاصة في غربي ليبيا التي تحتلها المليشيات وتحكمها تركيا
توقع خبراء صعوبة ترجمة نتائج مباحثات (5 + 5) الأمنية والعسكرية على أرض الواقع، وخاصة في غربي ليبيا التي تحتلها المليشيات المسلحة وتحكمها الإرادة التركية.
وانطلقت، صباح اليوم الإثنين في جنيف، مباحثات الشق الأمني والعسكري في مسارات الأمم المتحدة لحل الأزمة بحضور وفد رفيع المستوى من الجيش الليبي، ومن الجانب الآخر عدد من ممثلي حكومة السراج، لمناقشة البنود الأمنية والعسكرية التي أقرها مؤتمر برلين وإعلان القاهرة وفي مقدمتها خروج القوات التركية من ليبيا وتفكيك المليشيات ونزع سلاحها.
وأكد الخبراء أن، الأطراف التي تمثل غربي ليبيا في الاجتماعات العسكرية لا تملك إرادتها، ولا تستطيع فرض تصورها أو ما تتوصل إليه الاجتماعات على الأرض.
كما تساءلوا: كيف ستسمح المليشيات المسلحة بتطبيق نتائج المباحثات التي تناقش تفكيكها؟ وكيف تخرج تركيا من المنطقة الغربية دون أن تعمل على صياغة حالة عسكرية وسياسية وأمنية تضمن لها الاتفاقات التي وقعتها مع رئيس حكومة الوفاق غير الدستورية؟.
واشترط الخبراء لإنجاح تلك المباحثات، التي وصفوها بـ"الهامة"، وجود إرادة دولية جادة مستندة إلى "قوة مسلحة" تستطيع أن تفرض تلك النتائج على المليشيات المسلحة، وأن تكون حاملة "لواء العقوبات" لتحذير تركيا من محاولة عرقلة ما تتوصل إليه المفاوضات.
وانطلقت صباح اليوم الجولة الرابعة من محادثات اللجنة العسكرية المشتركة الليبية (5+5) في مقر الأمم المتحدة بجنيف، بعد أسبوعين على اجتماعها بمصر، وسط آمال بأن تمهد للتوصل لوقف دائم لإطلاق النار.
وبدأ الاجتماع بعزف النشيد الوطني الليبي تلته كلمات افتتاحية لكل من المبعوثة الأممية ورئيسي الوفدين.
وبحسب بيان للبعثة الأممية فإن ما يميز هذه الجولة هو انطلاقها باجتماع مباشر بين وفدي طرفي النزاع في ليبيا.
وتستمر مباحثات هذه الجولة حتى 24 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وتأمل بعثة الأمم المتحد في توصل الوفدين إلى حلحلة كافة القضايا العالقة بغية الوصول إلى وقف كامل لإطلاق النار.
تفكيك المليشيات وإخراج المرتزقة
يقول عبد المنعم اليسير، رئيس لجنة الأمن القومي في المؤتمر الوطني العام الليبي (المنتهية ولايته)، لـ"العين الإخبارية"، إن مباحثات (5 + 5) مكملة لاجتماعات الغردقة التي عقدت قبل أسبوعين.
وربط إيجاد حل للأزمة الليبية بتفعيل نتائج المباحثات على أرض الواقع والعمل على جمع السلاح وتفكيك الميليشيات المسلحة، وإيجاد حل لإخراج كل القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا فورًا.
وقال اليسير، إن المليشيات التي تفرض نفسها على المنطقة الغربية، يجب أن تواجه بقوة مسلحة مدعومة دوليًا تفرض النتائج عليها.
وأشار إلى أن المجتمع الدولي أضاع فرصة على ليبيا وهي السماح للجيش الليبي بأن يتولى هذه المهمة، وأن يضبط الأمن والسلامة.
وطالب اليسير، المجتمع الدولي بإجبار الأتراك على المغادرة الفورية، وإلا لن يكون هناك نية حقيقة لحل الأزمة الليبية.
صياغة إعلان دستوري
وأكد أن الأطراف، التي تسيطر على المنطقة الغربية، ليس لديها النية لإحداث الاستقرار الذي يمكن الدولة ومؤسساتها الأمنية والعسكرية، لأنه يتعارض مع برنامج الإخوان الذي يهدف إلى خلق دولة خلافة جديدة.
من جانبه، يتفق مختار الجدال الأكاديمي الليبي وعضو المجلس الانتقالي المنتهية ولايته، مع الرأي السابق، ويشدد، في حديث لـ"العين الإخبارية"، على ضرورة الاتفاق على قاعدة دستورية أو إعادة صياغة الإعلان الدستوري.
كما أكد ضرورة رفض الدستور الذي يمهد إلى دولة إسلامية يقودها المفتي، مشيرًا إلى أن الدستور الذي صيغ من قبل لجنة الستين ينص على إحالة مشاريع القوانين والقرارات إلى المفتي، في كل مناحي الحياة.
المشكلة في ليبيا.. أمنية
ويرى الباحث السياسي محمد الأسمر، لأن حجر الزاوية في الأزمة الليبية، هو المسار العسكري الأمني الممثل في لجنة (5+5) والذي يؤثر على كل المسارات الأخرى.
ويوضح أن المشكلة في ليبيا أساسًا أمنية، وهو ما دفع الجيش الليبي إلى شن حملة في 4 إبريل/ نيسان العام الماضي، للقضاء على المليشيات المتواجدة في طرابلس والتي وأدت الانتخابات التشريعية والتنفيذية في ديسمبر/ كانون الأول 2017 ثم ديسمبر/ كانون الأول 2018.
وأكد الأسمر أن اجتماعات جنيف تأتي كنتائج لاجتماعات الغردقة والتي عقدت قبل أسبوعين، وتم الاتفاق فيها على بعض البنود، تحققت على أرض الواقع، مثل الإفراج عمن تم القبض عليهم بالهوية، وفتح المجال الجوي.
وأشار إلى أن أهمية (5+5) تكمن في إطار الزخم
المتسارع للاجتماعات حول المسارين خاصة السياسي والعسكري، مؤكدًا أن الاجتماعات الحالية تعد الأسهل بسبب وجود هيئة تنفيذية مشكلة من اجتماع الغردقة، كما أنها لن تواجه أي عراقيل أو انسحابات.
لا توجد إرادة دولية
واستبعد الكاتب والباحث السياسي عبدالحكيم فنوش، استطاعة ممثلي السراج في (5+5) فرض نتائج ما تتوصل إليه هذه الاجتماعات في المنطقة الغربية المحتلة من المليشيات والخاضعة بشكل أساسي لإرادة الأتراك.
وأكد عبد الحكيم فنوش، أن هذه الأطراف لا تملك إرادتها في أن تفرض تصورها خارج إرادة الأتراك، ولا نرى أي إرادة تركية لرفع يدها عن ليبيا وعقد صفقة مع الجيش الليبي.
كما أشار إلى غياب إرادة دولية حقيقية من شأنها أن تفرض على الأتراك ضرورة التعامل مع المنطقة الغربية المحتلة من ليبيا بشكل مغاير.
وحذر الفنوش من إخلاء منطقتي سرت والجفرة، من قوات الجيش الليبي، في ظل وجود الهيمنة التركية وتحشيد المرتزقة ونقل الأسلحة المستمر إلى المنطقة الغربية.
وأكد أنه لا يمكن أن تخرج تركيا من المنطقة الغربية دون أن تعمل على صياغة حالة عسكرية وسياسية وأمنية تضمن لها الاتفاقات التي وقعتها مع السراج.
اجتماعات الغردقة
وكانت مصادر عسكرية، قالت في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن محادثات (5+5)، ستتركز على المداولات السابقة والتوصيات التي خرج بها اجتماع الغردقة الذي عقد في الفترة من 28 إلى 30 سبتمبر/ أيلول الماضي.
وأوضحت المصادر، أن لقاء جنيف، سيناقش وضع خطة مشتركة لتفكيك المليشيات المسلحة وإبقاء منطقتي سرت والجفرة منزوعة السلاح ومساحة آمنة، إضافة إلى وضع خطة لإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية الموجودة في ليبيا.
وأوصى اجتماع الغردقة على "الإسراع بعقد اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 بلقاءات مباشرة، والإفراج الفوري عن كل من هو محتجز من دون أي شروط أو قيود، واتخاذ التدابير العاجلة لتبادل المحتجزين بسبب العمليات العسكرية، وذلك قبل نهاية أكتوبر/ تشرين الأول.
واتفق الطرفان أيضا على "إيقاف حملات التصعيد الإعلامي وخطاب الكراهية واستبداله بخطاب التسامح والتصالح ونبذ العنف والإرهاب، والإسراع في فتح خطوط المواصلات الجوية والبرية بما يضمن حرية التنقل للمواطنين بين كافة المدن الليبية".
وكانت الأطراف الليبية، اجتمعت في مدينة مونترو على مدى أيام 7 و8 و9 من سبتمبر/أيلول الماضي، بهدف استئناف الحوار السياسي والدفع في اتجاه تلك المرحلة التمهيدية للحل الشامل.
وأوصت الاجتماعات بتشكيل السلطة التنفيذية من مجلس رئاسي مكون من رئيس ونائبين ومن حكومة وحدة وطنية مستقلة عن المجلس الرئاسي.