الأفراح تزيح "غمامة كورونا" في المغرب.. أهلا بالحياة الطبيعية
في إحدى قاعات الأفراح بمدينة سلا في ضواحي العاصمة المغربية الرباط، بدا المشهد كخلية نحل نشيطة بين مُوظفين مُنهكين في ترتيب ما تبقى من حفلة زفاف الأمس، وآخرين يستقبلون زبائن جُددا، زفافهم على الأبواب.
تعطش للفرح
مونية رمسيس، واحدة من مُنظمي حفلات الأعراس في المغرب، كشفت لـ"العين الإخبارية" عن وجود حيوية كبيرة بعد التخفيف من الإجراءات الاحترازية التي فرضتها جائحة كورونا.
"تلقينا سيلاً من الاتصالات، وأغلب قاعاتنا محجوزة الآن لأسابيع"، تقول مونية، مُشددة على أن القرار الحُكومي الأخير القاضي بالسماح بإقامة الحفلات والأعراس تفاعل معه المواطنون بإيجابية كبيرة.
ولفتت إلى أنه وحتى قبل إعطاء السلطات الضوء الأخضر للحفلات والأعراس، كانت تتلقى اتصالات من أشخاص يُريدون الحجز قبلياً، ويُصرون على أن يكونوا الأوائل في لائحة الانتظار.
وعللت المتحدثة هذا الإقبال الكبير على حجز قاعات الأفراح، مرده إلى مسألتين اثنتين، الأولى تتعلق بطول المُدة التي فُرض فيها المنع على الحفلات والتجمعات بسبب كورونا، والتي تجاوزت عاماً والنصف العام.
والثانية، وهي مُرتبطة أساساً بالأولى، تقول رمسيس، إن طول فترة الحجر والتشدد خلفا تعطشاً لدى المغاربة للحفلات والأفراح.
وكشفت أن بعض الزبائن لا ينوون إقامة أي حفل زفاف أو عقيقة أو ما شابه، بل يحجزون القاعة فقط لإقامة سهرة عائلية أو أمسية يجتمع فيها الأهل والأحباب للرقص والفرح والسعادة.
معاناة الحجر
وغير بعيد من مُنظمة حفلات الأعراس، وقفت إحدى الزبونات تقيس فُستاناً تنوي ارتداءه في حفلة قريبة. علقت بسخُرية: "طول فترة الحجر والجُلوس في المنزل جعل وزني يزيد كثيراً حتى صارت كُل الفساتين التقليدية ضيقة عليّ".
الزبونة التي تُدعى كريمة قالت لـ"العين الإخبارية" وهي غارقة في الضحك: "لكثرة اشتياقنا للأعراس والحفلات، وددت لو أنني أحضر كُل يوم عُرساً، حتى لو أكن أعرف أصحابه".
وزادت: "نسينا طريقة الرقص الشعبي المغربي، كما نسينا طعم ومذاق الدجاج واللحم الذي يُعد في الأعراس".
قطاعات مرتبطة
المُتخصصة في الشؤون الاقتصادية فاطمة الزهراء بنجلول شددت، لـ"العين الإخبارية"، على أن استئناف الأفراح والأعراس، ليس لديه وجه فائدة واحد، مُتمثل في اشتياق المغاربة للفرحة والغناء والرقص. بل يُخفي وراءه أهمية كبيرة جداً تتمثل في إعادة الحياة لقطاع ترتبط به الكثير من المهن الأخرى.
بنجلول، أوضحت أن قطاع تموين وتنظيم الحفلات يرتبط بمهن أخرى كالغناء والطبخ ومُصوري الحفلات، ناهيك عن الخياطين وغيرهم ممن يحتاجهم المرء لإقامة حفل زفاف، تقليداً كان أم عصرياً.
ومن شأن هذه الخُطوة أن تبث الروح في شرايين هذه القطاعات، وتُعوضها الخسائر التي مُنيت بها خلال فترة الجائحة وما ارتبط بها.
مناعة تدريجية
وحتى الآن، نجحت المملكة المغربية في منح أكثر من 18 مليوناً ونصف المليون من جُرعات اللقاحات المُضادة لفيروس كورونا. وهي الكمية التي جعلتها في صدارة قائمة الدُول الأفريقية الأكثر تلقيحاً.
وتبعاً لذلك، أتم أكثر من ثمانية ملايين ونصف المليون مغربي تطعيمهم، وحصلوا على مناعة كاملة ضد فيروس كورونا عبر تلقيهم جُرعتين من اللقاح، في المقابل ينتظر أكثر من مليون مغربي مُرور الفترة المعمول بها للحصول على جُرعاتهم الثانية، والالتحاق بركب الحاصلين على مناعة كاملة.
وتبعاً للأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة المغربية، فإن المغرب نجح في تلقيح أكثر من رُبع الفئة المعنية باللقاح، في أفق تحقيق مناعة جماعية ضد فيروس كورونا، والعودة للحياة الطبيعية.
بمقابل ذلك، رفعت السُلطات المغربية القيد على العديد من الأنشطة، كما سمحت بفتح المسابح والمسارح، وأيضاً توسيع دائرة المساجد المشمولة بإقامة الصلوات الخمس.
وأحدثت السلطات جواز التلقيح، والذي يستفيد منه المواطنون الذين أتموا جُرعتيهم من اللقاح، إذ يُمكّن حامله من التنقل بحرية في مُختلف أرجاء البلاد، ولا يسري عليهم قرار الحظر الليلي.