"جوهرة اليمن الخضراء" تصفع الحوثي.. انتفاضة "المكحل" تُعري "عزلة الانقلاب"
رغم القبضة الأمنية وحالة الهلع التي يفرضها الحوثيون، وجهت الحاضنة الشعبية في محافظة إب اليمنية رسالة رفض صادمة للمليشيات التي وجدت نفسها معزولة في عمق سيطرتها شمالي البلاد.
فمن محافظة إب (وسط)، أثبت الشارع اليمني أن مليشيات الحوثي تعيش بلا حاضنة شعبية وأن مناطق الانقلاب بحاجة لفتيل فقط لتشعل ثورة جامحة ضد الوجود الحوثي في محافظات البلاد الشمالية والغربية غير المحررة.
ناشطون يمنيون اعتبروا أن جنازة الناشط حمدي المكحل التي تحولت إلى انتفاضة ضد مليشيات الحوثي رسالة صادمة تلقاها الانقلابيون من سكان حي واحد فقط في محافظة واحدة فكيف حين تتحرك أكثر من 12 محافظة غير محررة.
جنازة الثائر المكحل رسمت معادلة الرفض الشعبي للوجود الحوثي في كل حي ومدينة وقرية رغم محاولات المليشيات طمس هذه المعادلة طوال 8 أعوام بالبطش والقوة الغاشمة وإرهاب السكان بالحديد والنار.
كما أكدت تظاهرة المكحل أن الحوثي بجحافله يعيش معزولا عن المجتمعات المحلية التي حاول طوال سنوات الحرب أن يتحدث باسمها وفرض نفسه ممثلا لها وأنه منبوذ ولم تتمكن كل خططه وبرامجه لغسل أدمغة الناس من دمج مليشياته وأنصاره في المجتمع أو فرض القبول بهم كشركاء كما يدعي الحوثي زيفا وكذبا، وفقا لنشطاء في تصريحات لـ"العين الإخبارية".
وكان سكان محافظة إب أو "جوهرة اليمن الخضراء" كما يحلو للبعض وصفها وجهوا صفعة مدوية لمليشيات الحوثي عقب خروجهم في هتافات مناهضة للانقلاب منها "الحوثي عدو الله" و"برع برع (ارحل) يا حوثي" فيما قام آخرون بتمزيق شعار مليشيات الحوثي "الصرخة" ودوسها بأقدامهم.
ورغم إطلاق مليشيات الحوثي للرصاص الحي في مسعى لتفريق المتجمعين في الجنازة التي أقيمت أمس الخميس فضلا عن حملات القمع والاعتقالات إلا أن صخب الاحتجاج الهادرة تواصل بقوة لتثبت العلاقة القائمة بين المجتمع وبين مليشيات إرهابية لا قبول بها ولا مكان لأفكارها ومشروعها في حياة الناس، بحسب مراقبين.
تنامي النقمة الشعبية
وفي حديث لـ"العين الإخبارية"، قال الناشط السياسي والإعلام أدونيس الدخيني إن تظاهرات إب أثبتت تنامي النقمة الشعبية ضد مليشيات الحوثي والتي ذهبت إلى ممارسة أقصى درجات البشاعة والإرهاب في المناطق التي تسيطر عليها بقوة السلاح، وتعاملت مع كل انتفاضة ضدها بالقمع والسحل والقتل والاختطاف والتعذيب حتى الموت.
مليشيات الحوثي، وفق الدخيني، لم توفر جهداً لإشاعة جو الرعب في صفوف السكان هناك لأنها تدرك انعدام الحاضنة الشعبية الحقيقية لها، وانتظار السكان الفرصة للانقضاض عليها ولتعزيز السلطة على رقاب الناس بالقوة، أخذت تفتعل الأزمات واحدة تلو الأخرى لإشغال المواطن بلقمة عيشه.
ولمواجهة هذا الخطر، "خرج الآلاف في محافظة إب يشيعون البطل الجمهوري حمدي عبدالرزاق الذي قضى في سجون مليشيات الحوثي الإرهابية تحت التعذيب البشع، على خلفية رفضه لهذه المليشيات الإرهابية"، وفق الناشط السياسي اليمني.
وحول دلالة الشعارات، أوضح أن الجميع صدح بصوت واحد "الحوثي عدو الله"، للتأكيد على أنه "لا مكان للمليشيات الحوثية في اليمن، هكذا يقول صوت الشارع، وهذا الشارع لن يصالح وسيخوض نضاله بكل أداة متاحة أمامه".
من جهتها، قالت الحقوقية اليمنية نورا الجروي إنها تعتقد أن ما حدث اليوم في محافظة إب هو جزء مما سيحدث في صنعاء التي ترى فيها المعركة الفاصلة والحاسمة مع الحوثيين".
وفي تدوينة على "تويتر"، أشارت إلى أن حقد الناس في صنعاء لا يضاهيه حقد ووجعهم مضاعف على الجميع وتوقعت أن تكتب قبائل صنعاء نهاية أبشع جماعة عرفها اليمنيون.
محاكمة مفتوحة
في السياق، قال وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني إن جنازة الناشط حمدي المكحل تحولت إلى محاكمة مفتوحة لزعيم المليشيات عبدالملك الحوثي ومليشياته الإرهابية.
الإرياني أشاد بـ"انتفاضة عشرات الآلاف من الشباب الذين تجمعوا من مختلف مديريات محافظة إب، ورددوا الشعارات المناهضة للمليشيات "الحوثي عدو الله"، ورفعوا أعلام الجمهورية وصور الشهيد، وأكدوا أن دماء حمدي عبدالرزاق لن تذهب هدرا، وستتحول إلى لعنة تطارد القتلة، ووقودا للثورة القادمة".
غير أن المسؤول اليمني أعرب عن استغرابه من استمرار الصمت المطبق من المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمبعوث الأممي ومنظمات وهيئات حقوق الإنسان إزاء هذه الجرائم النكراء التي ترتكبها مليشيات الحوثي بحق الصحفيين والإعلاميين والنشطاء، من اختطاف وإخفاء قسري، وتعذيب نفسي وجسدي، ومحاكمات صورية، وصولا للتصفية الجسدية.
الإرياني طالب بموقف يرقى لحجم تلك الجرائم، وملاحقة ومحاسبة المسؤولين عنها من قيادات وعناصر المليشيات.
من جهته، ثمن رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي موقف الشباب الثائر الذي احتشد في مسيرة للرفض والتنديد بجريمة تصفية الناشط الخولاني باعتباره صوتا صادقا في التعبير عن معاناة ملايين اليمنيين الذين أنهكتهم سياسات التجويع الممنهجة، وممارسات المليشيات الإرهابية، وقياداتها الغارقة في الفساد، ومصادرة الحريات والممتلكات العامة والخاصة، دون مراعاة حتى لحرمة وقداسة الشهر الفضيل.
العليمي أكد أن "إجراءات المليشيات الحوثية التي أعقبت جنازة الشهيد البطل حمدي الخولاني، بما فيها الاعتقالات التعسفية الواسعة التي طالت الشباب الغاضب، تعكس مدى الرعب الذي تصنعه الأصوات الوطنية المطالبة بالحرية في قلوب قيادات الجماعة، ومشرفيها الطارئين، وتؤكد مدى ضعفها وهشاشتها أمام الإرادة الشعبية الملهمة".
"تلك المسيرات والهتافات، والشعارات المنددة بالمليشيات وقاداتها، وأجهزتها القمعية، مثلت تعبيرا حقيقيا عن جميع أبناء شعبنا الذين تداعوا في كل مكان لتأييدها، ومناصرتها، ومنحها زخما ثوريا أوسع، مستلهمة من الشهيد الخولاني، شجاعته، وبطولته، ومظلومية عائلته التي ستظل حية في الذاكرة إلى الأبد"، وفق العليمي.
واستجابة لهذا الحراك الشعبي، وجه رئيس مجلس القيادة الرئاسي، باعتماد راتب للشهيد حمدي الخولاني ضمن شهداء القوات المسلحة والمقاومة الشعبية، ابتداء من تاريخه.
كما دعا المجتمع الدولي إلى "الضغط على المليشيات الإرهابية لوقف انتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان، ودعم تطلعات شعبنا في استعادة مؤسسات الدولة، والسلام والاستقرار، والتنمية".
وكانت مليشيات الحوثي صفت الأحد الماضي الناشط الشاب "حمدي عبدالرزاق" الملقب بـ "المكحل" بدم بارد في معتقلاتها بعد 5 أشهر من مداهمة منزله بمدينة إب، واعتقاله، على خلفية انتقاداته لفسادها وممارساتها الإجرامية.
اليوتيوبرز اليمني وجه انتقادات لاذعة لمليشيات الحوثي وزعيمها على مواقع التواصل الاجتماعي "يوتيوب" تنديداً بالأوضاع المعيشية الصعبة والتجاوزات والممارسات التي تنتهجها المليشيات المدعومة إيرانيا في مناطق سيطرتها.