هجمات الحوثي وفصيل عراقي.. خبراء يرصدون لـ«العين الإخبارية» الطلقات «الفارغة»
مع اندلاع حرب غزة، وجدت أذرع إيران في المنطقة ضالتها، لـ«حصد المكاسب»، و«تضخيم» قدرات طهران بالمنطقة على حساب الفلسطينيين.
فالهجمات التي تنفذها الأذرع الإيرانية -لا سيما الفصائل العراقية الباحثة عن توسيع دورها الإقليمي، ومليشيات الحوثي الرامية لرفع رصيدها الشعبي-، على أهداف أمريكية وإسرائيلية، لم يكن لها «أي أثر عسكري ذي قيمة على إسرائيل أو الولايات المتحدة»، حسب خبراء تحدثوا لـ«العين الإخبارية».
من بين تلك الهجمات، نحو 6 عمليات مشتركة استهدفت 8 سفن متجهة أو في ميناء حيفا، إضافة إلى هدفين «مهمين» في مدينتي أسدود وحيفا، جرت عبر الطائرات المسيرة وصواريخ «مجنحة»، وقعت خلال الفترة بين 6 و12 و22 يونيو/حزيران الجاري.
فهل آتت أكلها؟
يقول المحلل السياسي اليمني أحمد شوقي، إن التعاون بين الحوثيين وفصيل عراقي «لن يؤثر بصورة كبيرة ومهددة لا على الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة ولا حتى إسرائيل»، معتبرًا إياه «تهديدا محدودا وسينتهي بسرعة».
بدوره، قلل الضابط في الجيش اليمني والخبير في الشؤون العسكرية العميد عبدالصمد المجزفي، من خطر الهجمات المشتركة التي يشنها الفصيلان على الملاحة، مشيرًا إلى أنها «لم تسفر عن شيء يذكر في إسرائيل، ما يعني أنها ضجيج بلا طحين».
لكنّ الوضع مختلف عند استهداف مليشيات الحوثي سفن شحن في بحر العرب أو مناطق أخرى، كونه «بحرا ضيقا وممرا ملاحيا محددا وعملية التأثير فيه كبيرة، إضافة إلى أنه يمكن ضرب الأهداف المارة فيه من سواحل الحديدة اليمنية»، حسب المجزفي.
فما أهداف تلك الهجمات إذا كانت غير مؤثرة؟
حسب الخبير العسكري، فإن تنفيذ تلك الهجمات المشتركة يُعد خدمة للنظام الإيراني، ومحاولة من طهران «للهروب إلى الأمام، لشغل الأنظار بعيدا عن حادثة سقوط الطائرة الرئاسية، بالتزامن مع انشغال الشارع الإيراني بالانتخابات».
وأوضح المجزفي، أن إيران تهدف من خلال تحريك أذرعها -كذلك- في كل الاتجاهات، «تضخيم قدراتها وإمكانياتها في المنطقة عبر تحريك منسق لأذرع من مناطق مختلفة وفي وقت واحد».
أما مليشيات الحوثي فيرى المجزفي في حديثه لـ«العين الإخبارية»، أنها تعاني هي الأخرى من مأزق الضربات الأمريكية البريطانية المؤلمة والموجعة مؤخرا، فهربت إلى الهجمات مع فصائل عراقية لتضخيم إمكانياتها وقدراتها.
في السياق نفسه، اعتبر المحلل السياسي اليمني أحمد شوقي في حديث لـ«العين الإخبارية»، أن هجمات الحوثي وفصيل عراقي هي «هجمات دعائية لحصد الصخب الإعلامي بالدرجة الأولى، بهدف الضغط على الولايات المتحدة الأمريكية وعلى الوسطاء الدوليين»، مشيرًا إلى أنها «لن تسفر عن أي تغيرات في أنشطة المليشيات سواء الحوثية أو العراقية في المنطقة».
بدوره، قال المحلل السياسي اليمني عبدالواسع الفاتكي، إن التصعيد الأخير يهدف إلى «إحداث ضغط كبير على الاقتصاد العالمي وتعزيز العنف والفوضى بالمنطقة».
ذلك التصعيد، يؤكد أن «إيران ماضية في استراتيجيتها في زعزعة استقرار المنطقة لا سيما خطوط الملاحة الدولية، باعتبار أن المليشيات هي أحد وكلاء طهران في المنطقة وأصبحت وكيلها الرئيسي في البحر الأحمر»، بحسب الفاتكي.
نقطة أخرى أشار إليها الخبير العسكري اليمني المجزفي، مؤكدًا أن تعاون الحوثي وفصيل عراقي اتخذته المليشيات كتكتيك للهروب من قرارات البنك المركزي الأخيرة التي أصابتها في مقتل، وجعل الكثيرين يفكر كيف يمكن أن يصمد الحوثي أمامها؛ ما يعني أنها محاولة للتغطية على الحدث الداخلي بهجمات مشتركة مع ذراع إيرانية أخرى.
فهل قللت الضربات البريطانية الأمريكية من الهجمات؟
يؤكد المجزفي أنه رغم أن «الطيران لا يمكن أن يحسم معركة مهما أضعف من قدرات الحوثيين كونه لا يمكن إنهاء الخطر بشكل كامل، فإن الضربات الأمريكية البريطانية وضعت المليشيات في مأزق، وأظهرت تغير القناعات الدولية والأممية بعدم جدوى السلام مع الانقلابيين، ما يعني أن البديل سيكون خيار الحسم العسكري ودعم الحكومة اليمنية».
إلا أن المحلل السياسي اليمني أحمد شوقي، أعرب عن اعتقاده بأن واشنطن لن تتخذ ردا أشد قوة مما اتخذته؛ «لأن هدفها هو إطالة أمد الصراع لا أكثر».
وأكد أن «الضربات الأمريكية الموجهة ضد الحوثي هدفها استمرار الصراع وليس القضاء على مليشيات الحوثي أو إنهاء دورها في البحر الأحمر وإنما تحجيم قدرتها إلى الحد المسموح به».
بدوره، قال المحلل السياسي اليمني عبدالواسع الفاتكي، إن «الاستراتيجية الأمريكية المستخدمة ضد الحوثي رغم تحجيمها جزءا من قدرات المليشيات من خلال بعض الضربات الجوية على مواقع للانقلابيين، إلا أنها فشلت».
فـ«نهج الضربات الجوية هو أسلوب لن يجدي نفعا في ردع مليشيات الحوثي»، يقول الفاتكي، مقترحًا طريقة أجدى وأنفع، تتمثل في «دعم الشرعية للسيطرة على كل المناطق التي تهدد من خلالها المليشيات خطوط التجارة العالمية، خاصة السواحل اليمنية، بما في ذلك محافظة الحديدة».
وأعاد المحلل اليمني التذكير بالموقف الأمريكي «السلبي عند تقدم قوات الشرعية لتحرير ميناء الحديدة بدعم من التحالف العربي، وضغطها تحت مبررات الجوانب الإنسانية لوقف المعركة، ما أثر على السلم والأمن الدولي، بنمو التهديدات والأعمال العسكرية والقرصنة التي تمارسها مليشيات الحوثي في البحر الأحمر ومضيق باب المندب».
فما الخطوة القادمة للمجتمع الدولي؟
توقع الضابط في الجيش اليمني، أن يقدم المجتمع الدولي «الدعم الكامل للشرعية لعملية بسط نفوذها على كامل التراب اليمني لتأمين الملاحة الدولية، عبر التعاون مع المجتمع الدولي، لتجنيب سفن الشحن أي مخاطر».
ودعا المحلل السياسي اليمني عبدالواسع الفاتكي، الإدارة الأمريكية لتقييم أدائها «في المرحلة السابقة وتغيير استراتيجيتها في ردع مليشيات الحوثي، والانتقال من إدارة الصراع إلى إنهائه، لأن ذلك سيلقي بظلاله على استقرار المنطقة برمتها، وسيؤدي إلى بتر أذرع إيران ودعم الحكومة المعترف بها دوليا لحماية الملاحة».