"الحوثي" و"القاعدة" في اليمن.. بصمات مختلفة لإرهاب مشترك
بصمات مختلفة لهجمات إرهابية منسقة ومشتركة بين مليشيات الحوثي وتنظيم "القاعدة" في مسعى لاستهداف أمن المناطق المحررة في اليمن.
هذا ما أظهرته الهجمات الأخيرة، التي ضربت محافظات الجنوب المحررة، وآخرها سيارة مفخخة تم تفجيرها لدى مرور موكب رئيس عمليات المنطقة العسكرية الرابعة اللواء الركن صالح علي اليافعي، في قلب العاصمة عدن، أمس.
يأتي هذا كأول تفجير منذ تسلم مجلس القيادة الرئاسي السلطة في أبريل/نيسان الماضي.
ولا يبعد موقع الهجوم كثيرا عن موقع محاولة اغتيال محافظ عدن ووزير الزراعة العام الماضي، وطابق إلى حد كبير تفجير اغتيال اللواء ثابت جواس في لحج الشهر الماضي، فيما اختلف مع محاولة اغتيال قائد الحزام بأبين العميد عبداللطيف السيد في مارس/آذار الماضي، رغم أن الأداة هي سيارة مفخخة والهدف قادة المجلس الانتقالي.
ويقول خبراء متخصصون في شؤون الجماعات الإرهابية إنه مهما بلغت قدرات مليشيات الحوثي في استهداف المناطق المحررة، فإنها لا تستطيع العمل وحدها، فهي تنسق مع التنظيمات الإرهابية، فضلا عن وجود تمويل خارجي مفتوح.
ويجمع الخبراء على أهمية إنشاء جهاز استخباراتي مهني وقوي وغير مخترق من عناصر الإرهاب يعمل بآلية جديدة وتقنيات الحاضر في تتبع الجريمة في ظل تطور وتشابك التنظيمات الإرهابية.
بين عشوائية "القاعدة" وفتنة "الحوثي"
على الأرض في اليمن لا تزال فرص التعرف على الهجمات ومَن وراءها أكثر تعقيدا.
ويؤكد الخبير العسكري اليمني العقيد وضاح العوبلي في تصريحات خاصة لـ"العين الإخبارية" أنه لم يعد هناك فرق بين "الحوثي" و"القاعدة" كتنظيمات إرهابية متشابكة المصالح، تجمعهما قواسم مشتركة أبرزها استهداف المناطق المحررة.
وعن الفروقات بين هجمات "القاعدة" و"الحوثي"، قال "العوبلي" إن "تفجيرات القاعدة بها تفجير بشري من الانتحاريين، بينما هجمات الحوثي تستخدم تفجير عبوات-سيارات مفخخة- دراجات نارية مفخخة" يتم التحكم بها عن بعد.
ويرى "العوبلي" أن "عمليات القاعدة قد تكون عشوائية في اختيار المستهدفين بالاغتيال، بينما يختار الحوثيون أهدافهم بعناية، حيث يؤدي اغتيال المستهدف إحداث بلبلة وصراع بين القوى التي يتشكل منها المجلس الرئاسي، فإحداث الفتنة هدف الحوثي الأبرز".
ويعتقد الخبير العسكري أن هناك شراكة بين "الحوثي" و"القاعدة"، والمؤكد أن الأخيرة صارت أداة بيد الأولى مقابل اتفاقات الإفراج عن عناصرها الإرهابية من السجون، بينما تستهدف المليشيات جعل المناطق المحررة غير آمنة.
الهدف المشترك الأكثر وضوحا -بحسب "العوبلي"- بين التنظيمين الإرهابيين هو إظهار المجلس الرئاسي كـ"سلطة فاشلة" لا تستطيع إدارة وتأمين مناطق سيطرتها، وكأن مليشيات الحوثي هي الحليف الأجدر بالتواصل من قبل المجتمع الدولي.
وذهب إلى أنه لا يمكن أن يتم تحقيق خطوات في مضمار مكافحة التنظيمات الإرهابية في اليمن وإحباط عملياتها إلا بتفعيل ودعم أجهزة الاستخبارات بشقيها الأمني والعسكري.
هيكلة أمنية وتفعيل المخابرات
ويوافقه الخبير العسكري الاستراتيجي العميد محمد جواس بشأن الثغرة الأمنية "وأن هناك مجالا كبيرا تم استغلاله بسبب قصور الوضع الأمني بعدن خاصة، وهذه المعضلة الأمنية تستهدف في نهاية المطاف تعطيل مخرجات مشاورات الرياض".
ويقول "جواس" في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، إن كل القرائن تشير إلى أن توقيت الأعمال الإرهابية تخدم مليشيات الحوثي، ويرى أن تكتيك السيارات المفخخة هو سلوك تنظيم "داعش" الإرهابي الذي أظهر أنه أكثر استخداما للعنف والاستخدام السياسي كقاتل مرتزق.
وشدد على "توحيد الجهد لكل قيادة الدولة لوضع المعالجات الإجرائية الفورية ومعالجة الأسباب ومكامن القصور وإعادة تعيين قيادات تفعيل المخابرات والمعلومات الأمنية لأجهزة الأمن القومي والأمن السياسي".
ويستشهد الخبير اليمني بحادثة "هروب سجناء من سجن سيئون ثم المكلا، والتي لم تكن لتحدث لولا وجود تعاون من الداخل، ما يعني ضرورة إعادة الهيكلة الأمنية"، حسب قوله.
الهدف.. تفكيك المجلس الرئاسي
يعتبر ملف العمليات الإرهابية في جنوب اليمن مترابطا ومتشابكا ومعقدا، لكنه واضح على طاولة القادة المعنيين بمكافحة الإرهاب.
وطبقا لمستشار وزير الإعلام اليمني فهد الشرفي فإن "إغراق العاصمة عدن في مستنقع الإرهاب والفشل مخطط قديم جديد، يعلم الجميع من وراءه ومن عمل ويعمل على تنفيذه باستخدام أدوات التدمير والعنف والإجرام، وباتت مسؤولية مواجهته تقع على عاتق مجلس القيادة الرئاسي".
وكتب "الشرفي" على حسابه في "تويتر" أن هناك "محاولة تجري لخلق صورة نمطية لدى الناس في الداخل ولدى الإقليم والعالم عن عدن، باعتبارها مدينة أو عاصمة مضطربة عبر أعمال الإرهاب، وما يرافقها من تغطيات إعلامية موجهة، تستهدف ثني مجلس القيادة الرئاسي عن موقفه المتماسك".
كما أن هناك من يسعى إلى تحميل "الانتقالي" والقوى الجنوبية مسؤولية عدم وجود بيئة مستقرة في الجنوب، وفي عدن تحديداً، كسياسة مكشوفة لإعادة تفكيك البنية القيادية المتحدة تحت مظلة مجلس القيادة الرئاسي، وفقا للمسؤول اليمني.
وكان تنظيم "القاعدة" الإرهابي تبنى هجوم أبين وتبرأ من تفجيرات عدن، فيما تبنت مليشيات الحوثي ضمنيا لأول مرة اغتيال "اللواء جواس" عدوها التاريخي الذي أطاح بزعيمها المؤسس 2004، رغم تكتمها على العمليات الانتحارية التي تنفذها في المناطق المحررة.
وتعتبر حرب السيارات المفخخة وسيلة تقليدية بالنسبة للتنظيمات الإرهابية، إلا أنها مؤخرا أصبحت أحد تكتيكات مليشيات الحوثي بدعم من "حزب الله" الإرهابي، مستغلة سيطرتها على الاتصالات الهاتفية في التجسس ورصد تحركات خصومها قبل استهدافهم.